راديو

هل تتسبب أزمة كورونا في تفكك الاتحاد الأوروبي

مع اشتداد أزمة انتشار فيروس كورونا بدا الاتحاد الأوروبي فاشلا في سياساته الوقائية والصحية الاجتماعية، فشل تحدثت عنه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسورلا فون دير لاين، عندما قالت إن القادة الأوروبيين قللوا في البداية من حجم خطر الفيروس.
Sputnik

تداعيات الانتشار الكارثي للمرض، وردة الفعل الأوروبية تجاه الوضع الكارثي الذي وصلت إليه إيطاليا، أحد مؤسسي الاتحاد، تركت علامة استفهام كبرى حول مصير التضامن الأوروبي وصلاحية مؤسسات الاتحاد، فتعثر الاتحاد في التضامن مع روما، والقرار المتأخر بإغلاق الحدود وضعا أوروبا في مواجهة تسونامي صحي قد يدق المسمار الأخير في نعش الاتحاد.

خذلان أوروبي قابله دعم روسي... كورونا يرسم حدود القارة العجوز... وخروج متوقع لثاني الدول
خصص الاتحاد 300 مليار يورو مساعدات للشركات لموجهة  تداعيات انتشار المرض، وأطلق مبادرة لإنشاء صندوق ضمان أوروبي لحماية الاقتصاد ومكافحة أثار الأزمة لكن هذه القرارات جاءت متأخرة وممزوجة بمرارة التصرفات الغريبة من دول الاتحاد مثل قرصنة المساعدات، ودعوات الانغلاق في كيان مبنى أساسا على المشاركة، والذي أصبح أكثر هشاشة الآن خاصة بعد خروج بريطانيا.

الملامح المبكرة لانهيار فكرة الاتحاد تجسدت في كون أبرزالمساعدات التي وردت لإيطاليا جاءت من الصين وروسيا، وظهر رد الفعل جليا عندما أنزل الإيطاليون العلم الأوروبي ورفعوا بدلا منه أعلام روسيا والصين، في خطوة تنبئ بتحولات جيواستراتيجية كبرى في عالم ما بعد كورونا. 

التساؤلات حول مصير الاتحاد أصبحت مطروحة الآن على صفحات التواصل الاجتماعي وفي مقالات الرأي الأوروبية فهل مرورها إلى دوائر صنع القرار أصبح مسألة وقت.

قال الكاتب الصحفي حسين الوائلي:

إنه «من المبكر الحديث عن انهيار الاتحاد الأوروبي، وهناك مجموعة من المعطيات ستؤدي إلى أزمة طويلة الأمد على المستوى الاجتماعي والسياسي،  لكن مسألة الانهيار بحاجة إلى وقت نظرا لان كتلة الاتحاد الأوروبي متكاملة من الناحية الأيدولوجية والفعلية ومن الصعب أن ينهار سريعا».  

وحول مسار العلاقات الأوروبية مع روسيا قال الوائلي: إنه «من المبكر الحديث عن رفع العقوبات، هناك استراتيجية تقارب طرحتها فرنسا لإنهاء حالة التنافس والصراع، وهناك رؤية فرنسية ألمانية للتقارب مع روسيا واحتواء التصعيد العسكري في شرق أوروبا، وقد شهدت الفترة الماضية نجاحا في التقارب وهناك لجان مشتركة، ومازالت أوروبا بانتظار دور روسي إيجابي في قضية الشرق الأوسط وأوكرانيا».

 

قال الخبير الاقتصادي د.مصطفى البرزكان:

إن «سلاسل الإمدادات  إلى أوروبا كانت تسير بشكل سلس قبل أزمة كورونا، خاصة أن الاستيراد كان يأتي من الصين ودول جنوب شرق آسيا لكن بعد أزمة كورونا التي وصلت إلى مرحلة كارثة حصل تعثر خاصة في الدول الحدودية، وبعد بروز ظاهرة إعادة إقامة الحدود بين دول الاتحاد أصبحت هناك عراقيل وظهرت مشكلة  نقل بضائع ومواد غذائية من بلد إلى آخر، وهذه ستمثل بداية تشكيلة جديدة في الاتحاد».  

وحول تأثير إقبال الصين على شراء أسهم الشركات الأوروبية إبان الأزمة قال البرزكان إن «هذه الأزمة سبقت إنتشار كورونا وكانت هناك دائما رغبة من الصين في السيطرة على الاقتصاد الأوروبي حتى في بريطانيا، وكان هناك مواقف مشددة تجاه هذه البرامج الصينية، نعم ربما يحتاج الاتحاد  إلى رؤوس الأموال الصينية لكن سيكون هناك تشريعات تضمن استقلالية الاتحاد فيما إذا اندفعت الصين أكثر في هذا الاتجاه». 

قال الكاتب والمحلل السياسي تيمور دويدار:

إن «المجتمع الأوروبي غير متفق تماما أمام الأزمات التي تقابله مشيرا إلى أن "أحد أسس الكيان الأوروبي هو الرعاية الصحية ولم يقم الاتحاد باتخاذ قرارات حيال ماحدث في فرنسا وإيطاليا ولم يدعم أحد هذه الأخيرة ، وأرى أنه لا مستقبل بعد ما حدث في إعادة بناء الثقة المتبادلة بين الأعضاء في الاتحاد خاصة الدول الداعمة والمانحة».

وأكد دويدار أن «التعاون الروسي مع إيطاليا سببه التقارب في التركيبة المجتمعية من حيث الشريحة العمرية كما أنه استثمار سياسي أغلب الظن أننا نشهد الان بداية مرحلة نهاية العقوبات الأوروبية ضد روسيا بدعم من أصدقائنا في أوروبا».

قال الباحث في العلاقات الدولية ناصر زهير:

إن «أوروبا ستشهد تحولات كبيرة في الداخل سواء من حيث تعاون الدول فيما بينها أو من حيث نظم الدعم في الأزمات حيث لم يكن الدعم الذي تلقته إيطاليا خلال هذه الأزمة بالشكل المأمول، وستشهد الفترة المقبلة تحولات كبيرة في استراتيجيات الاتحاد الأوروبي والإنفاق على التسليح باتجاه الاهتمام بشكل أكبر في الإنفاق على القطاع الصحي، لكن من غير المرجح أن يتأثر الاتحاد بهذه الأزمة سياسيا من الداخل، نعم الإيطاليون غاضبون الآن لكن المنظومة الأوروبية تحركت كمفوضية أوروبية، وكان هناك قرار من المصرف المركزي  بتوجيه 750 مليار يورو كبرنامج لدعم شراء القروض العامة والخاصة، وستقتصر التغيرات منظومة العمل الأوروبي باتجاه اتحاد متماسك يقدم الدعم لبعضه البعض».

وأكد زهير أن "إيطاليا هي الحلقة الأوروبية الأضعف، وهو أول من خرج عن السياسيات الأوروبية عندما وقعت اتفاقا مع الصين بشأن الحزام والطريق، لكن من المستبعد ان تبدأ بتفكيك الاتحاد قد تكون هناك بعض التصدعات والأضرار السياسية... وفكرة التفكك هذه يغذيها اليمين الأوروبي لكن من غير المرجح ان تنزل إلى أرض الواقع خاصة بعد أن شهد اليمين تراجعا عندما تقدم في أوروبا وواجه الهزائم عندما ووضع على المحك».

إعداد وتقديم: جيهان لطفي

مناقشة