في حوارها لـ"سبوتنيك" وزيرة المرأة بتونس تكشف خطة مواجهة "كورونا" وحماية النساء

قالت وزيرة شؤون المرأة والأسرة والأطفال وكبار السن في تونس أسماء السحيري، إن الوزارة اتخذت العديد من التدابير لمواجهة أزمة "فيروس كورونا".
Sputnik

وأضافت السحيري في حوارها لـ"سبوتنيك"، أن الوزارة وضعت جميع الشرائح والفئات نصب أعينها في الإجراءات والتدابير المتحذة بداية من الأطفال ومراكز إيواء النساء ضحايا العنف، وكبار السن وشرائح مجتمعية أخرى.

وزيرة: الخطر يزداد على المرأة التونسية في ظل الحجر الصحي

وكشفت السحيري عن ملامح خطتها والقوانين التي تسعى لسنها فيما يتعلق بالمرأة خلال الفترة المقبلة...إلى نص الحوار.

بداية، ما هي أبرز ملامح خطتك في الوزارة والأهداف التي تعملين على تحقيقها؟

منذ تولينا هذا المنصب، رسمنا رؤية تقوم بالأساس على تحديد أولويات العمل، تتمثل بالأساس في مواصلة الجهود بخصوص مقاومة العنف المسلّط على المرأة ودعم التمكين الإقتصادي والاجتماعي للنساء، ودعم بلوغ النساء إلى مواقع القرار والمسؤولية، إلى جانب تنفيذ خطة وطنية لدعم الأسرة ومكافحة التفكك الأسري وحماية الأطفال من كل أشكال التهديد.

أما بشأن كبار السن، فقد تمّ تحديد أولويات تتمثل في النهوض بأوضاع كبار السن في مؤسسات الرعاية، وتحسين جودة الخدمات والمحافظة على هذه الفئة في وسطهم الطبيعي، إلى جانب مواصلة تثمين كفاءات كبار السن والاستفادة من خبراتهم في مسار التنمية.

 هل تسببت الأزمة الراهنة في إعاقة الخطة التي وضعتها الوزارة أم فرضت واقعا جديدا تعاملتم معه؟

في حقيقة الأمر إنّ الأزمة الراهنة لا تقتصر على بلادنا فحسب، وإنما هي أزمة عالمية

تواجهها كل الشعوب والبلدان على حد السواء، وقد رسمت بلادنا خطة وطنية للتوقي من فيروس كورونا، انخرطت في تنفيذها كل الوزارات، وذلك بدعم ومشاركة مختلف الفاعلين الوطنيين من قطاع خاص ومكونات المجتمع المدني وأفراد.

وعلى مستوى الوزارة، قمنا بتنفيذ الإجراءات والتدابير الوقائية في مختلف المؤسسات، بالنظر للوزارة لفائدة النساء والأسر والأطفال وكبار السنّ، إلى جانب مؤسسات الطفولة (رياض ومحاضن الأطفال والمحاضن المدرسية) ومؤسسات رعاية كبار السن العمومية والخاصة ومراكز إيواء النساء ضحايا العنف.

وقد حرصنا على تطبيق الحجر الصحي العام، وفي الآن ذاته تسيير تأمين الخدمات الحيوية، بالتنسيق مع شركائنا من المجتمع المدني، والقطاع الخاص فيما يتعلّق بتأمين السير العادي لمؤسسات رعاية كبار السن، ومراكز الإيواء والإنصات للنساء ضحايا العنف، وخدمات الخط الأخضر المجاني"1899" للتبليغ عن حالات العنف ضد المرأة، وخدمات لفائدة الأطفال فاقدي السند، بمركز الاصطياف وترفيه الأطفال ومندوبي حماية الطفولة، إلى جانب تأمين عمل خلية المتابعة واليقظة التي أحدثتها الوزارة بالتنسيق التام مع سلك التفقد والإرشاد.

بالإضافة للتركيز خلية إحاطة نفسية في فترة الحجر الصحي، من خلال الرقم 1809 يؤمنها مجموعة من الأخصائيين النفسانيين التابعين للوزارة.

ما هي أبرز الإجراءات التي اتخذتها الوزارة في الوقت الراهن تجاه الشرائح المختلفة من النساء اللاتي تضررن نتيجة الأزمة؟

أبرز مخاوف المرأة التونسية بعد تراجع نسبة تمثيلها في المشهد السياسي
في الحقيقة، منذ بداية تطبيق الحجر الصحّي، كان التفكير يتجه نحو الإحاطة بالأسر والأطفال، باعتبار أنهم معرضون للضغط النفسي نتيجة التغيرات الحاصلة في الفترة الاستثنائية، وقد شرعنا في وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن في تنفيذ خطة اتصالية شاملة  "#familya" تتضمن منصة تفاعلية تهدف إلى تقديم النصح والإرشاد لفائدة الأطفال والأولياء من قبل أخصائيين نفسيين، حول كيفية تعاملهم خلال فترة الحجر الصحي، و إطلاق خط أخضر مجاني 1809 "أحنا معاك- ماكش وحدك" للإنصات والإحاطة النفسية وتوجيه الأطفال والأسر، وذلك بالتعاون مع مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" بتونس والجمعية التونسية للبحث والعلاج العائلي والزوجي.

وتتواصل خدمات هذا الخط كامل أيام الأسبوع، من الساعة الثامنة صباحا إلى غاية منتصف الليل، تؤمّنها أخصائيات نفسانيات من الوزارة ومن الجمعية وطبيبة مختصّة في الطب النفسي للأطفال، إلى جانب تأمين فقرات تحسيسية قارة بالشراكة مع وسائل الإعلام العمومية المسموعة والمرئية يشارك فيها مختصون في الطفولة والتربية وعلم النفس.
أما بخصوص المتضررين من قطاع الطفولة وخاصة مؤسسات الطفولة في القطاع الخاص من محاضن ورياض أطفال ومحاضن مدرسية، خصصنا المنح الاستثنائية لفائدة الأجراء وأصحاب المحاضن، ورياض الأطفال القانونية والمنخرطة في صندوق الضمان الاجتماعي.

 وترمي هذه الإجراءات المضمنة في مشروع القانون الحكومي الذي سيصدر قريبا إلى مرافقة المؤسسات المتضررة من التداعيات المنجرة عن "فيروس كورونا" المستجد والإحاطة الاجتماعية بعمالها.

كما تمّ أيضا صرف الإعانات الظرفية والاستثنائية قدرها 200 درهم للعائلات المتكفلة بأطفال دون سند عائلي، وللعائلات المتكفلة بكبار السن الفاقدين للسند العائلي، في إطار برنامج الإيداع العائلي للمسنين.

فيما يتعلق بتزايد العنف ضد الزوجات ما هي الإجراءات العاجلة التي تم اتخاذها وهل من إحصائيات حول الأمر؟

هذه المسألة تمّ التطرق إليها بصفة استباقية واتخذنا اجراءات لفائدة النساء ضحايا العنف، لعلّ أبرزها انطلاق عمل الخط الأخضر المجاني 1899 طيلة ساعات اليوم وكامل أيام الأسبوع، وعدم اقتصاره على التوقيت الإداري، ويعمل هذا الخط على توفير الاستشارات النفسية والاجتماعية والقانونية، يؤمنها  فريق متعدد الاختصاصات (أخصائيين نفسانيين، أخصائيين اجتماعيين ومختصين في الاستشارات القانونية) من الإدارة المركزية بوزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، ومن الجمعيات الشريكة (الجمعية التونسية للتصرف والتوازن الاجتماعي، جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية، جمعية التنمية قفصة الجنوبية وجمعية التنمية المستدامة والتعاون الدولي).

وزيرة المرأة التونسية: الشعب قادر على حماية مكتسباته

وقد سجلنا تضاعف الإشعارات من 23 إلى 27 مارس/آذار 3 مرات، وتضاعف المكالمات المتعلقة بالعنف الجسدي واللفظي بـ 5 مرات مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، باعتبار أنّ وضعية الحجر الصحي العام، وحظر التجول، تسببت في خلق مشاكل بسبب الضغط النفسي داخل العائلة.

كما خصصنا أحد المراكز للوافدات الجدد، من النساء ضحايا العنف، ويحتوي على 10 وحدات سكنية قصد استقبال وإيواء الوافدات الجدد من النساء ضحايا العنف، اللاتي لا يمتلكن المساكن، وسيتمّ وضعهنّ في الحجر الصحي طيلة 14 يوما، وعزل كل امرأة ضحية عنف في وحدة سكنية بمفردها، كإجراء وقائي للتثبت من سلامتهن من فيروس كورونا المستجدّ، على أن يتمّ توجيههنّ في مرحلة ثانية إلى مراكز الإيواء ضحايا العنف، والتي تنضوي تحت إشراف الوزارة.

ما هي أبرز التشريعات التي يمكن العمل على إنجازها الفترة المقبلة خاصة فيما يتعلق بالنساء في تونس؟

تتفرّد بلادنا مقارنة بمحيطها الإقليمي بترسانة تشريعية وقانونية تضمن حقوق المرأة التونسية، وتكرس المساواة الفعليّة، غير أن قطاع عاملات المنازل من المهن الهشّة غير المحمية، ولا يخضع لقوانين واضحة مما يعرض هذه الفئة لأشكال الاستغلال الاقتصادي والجسدي، ومن هذا المنطلق فإنّ الضرورة ملحة لوضع نص قانوني يقنن مهنة العاملات المنزليات، ويضمن حقوقهن ويحدد أجورهن وساعات العمل والتمتع بالتغطية الاجتماعية.

فيما يتعلق بدور المرأة في مواجهة أزمة كورونا، كم عدد النساء العاملات في القطاع الصحي، وما هي الاحتياجات الضرورية لهن من وجهة نظرك؟

يجب التفكير في إجراءات لفائدة النساء العاملات في القطاع الصحي باعتبار أنّ العنصر النسائي هو الأكثر تفاعلا مع الأزمة، وفي الخط الأمامي لمواجهة الفيروس، ويقدّم خدمات كبيرة لمعاضدة مجهود الإطار الطبي، وهناك إمكانية تقديم مقترحات لفائدة وزارة الصحة، مثل وضع حافلات الوزارة على ذمة الإطار الطبي، لاسيما النسائي سواء على المستوى المركزي أو الجهات.

فيما يتعلق بدور المرأة التونسية في الحياة السياسية ما هي أبرز الإنجازات التي تحققت في السنوات العشر الأخيرة على صعيد حقوقها وما قدمته؟

منذ الاستقلال، تحققت للمرأة التونسية مكاسب قانونية هامة وثورية، مثل صدور مجلّة الأحوال الشخصيّة، وآليات مؤسساتية تعمل على تدعيم حقوقها وقدراتها وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة، وتعزّز ذلك بعد صدور دستور الجمهورية الثانية الذي رسخ ودعم حقوق المرأة، وخاصة في الفصلين 21 و46 وينصان على حرص الدولة على ضمان المساواة بين المواطنين والمواطنات.

أما على المستوى المؤسساتي، فقد تمّ منذ 2016 إحداث مجلس النظراء لتكافؤ الفرص بين المرأة والرجل، الذي يعنى بإدماج مقاربة النوع الاجتماعي في التخطيط والبرمجة والتقييم والميزانية للقضاء على جميع أشكال التمييز بين المرأة والرجل وتحقيق المساواة بينهما في الحقوق والواجبات.

بالنسبة لمراكز الإيواء ودور الرعاية كيف يتم التعامل معها في الوقت الراهن؟

اتخذنا منذ بداية تنفيذ الخطة الوطنية للتوقي من فيروس كورونا جملة من الإجراءات والتدابير الوقائية في مؤسسات رعاية كبار السن العمومية والخاصة من خلال:

"صيحة فزع" تونسية لوقف العنف ضد النساء... صور
منع الزيارات لهذه المؤسسات ومنع خروج كبار السن، إلا في الحالات القصوى وبعد التنسيق مع المصالح المختصة التابعة لوزارة الصحة، وغلق النوادي النهارية لكبار السن وتعليق النشاط النهاري، الذي تقدمه المؤسسات التي تجمع بين النشاط النهاري والإقامة وتعقيم مستمر لهذه المؤسسات، وتحسيس الإطارات العاملة بها والمقيمين فيها وتوعيتهم بخطورة هذا الوباء وبطرق التوقي منه.

كما تمّ إعطاء الإذن بتكثيف حملات التفقد على كافة مؤسسات الطفولة بالقطاعين العمومي والخاص، للتأكد من التزامها بقرار الغلق الوقتي وبإشعار لجنة اليقظة والمتابعة المحدثة صلب الوزارة بصورة فورية عن كل التجاوزات والمخالفات، إلى جانب التنسيق مع المصالح المختصة بالبلديات لاستغلال فترة الغلق في تعقيم كافة مؤسسات الطفولة.

أما بخصوص مراكز إيواء النساء ضحايا العنف، فزودت بمستلزمات التعقيم لتأمين عمليات التعقيم للفضاء بصفة مستمرة، والقيام بالحملات التوعوية والتحسيس للتوقي من هذا الفيروس، قصد ضمان ظروف السلامة والوقاية للمنتفعات بخدمات المركز والعاملين به.

أجرى الحوار: محمد حميدة

مناقشة