حقيقة ما حدث للخام الأمريكي وما هي ظاهرة "الكونتانغو"

أغلقت أسعار الخام الأمريكي تسليم مايو/أيار على انخفاض حاد وصل إلى سالب "-37" دولارا للبرميل في ظاهرة تاريخية أثارت الذعر وسط المنتجين والمستثمرين على حد سواء.
Sputnik

ولأهمية هذا الموضوع أجرى راديو "سبوتنيك" حوارا خاصا حول هذا الموضوع مع خبراء نفطيين من المملكة العربية السعودية، وروسيا، والولايات المتحدة الأمريكية لمعرفة أسباب هذا الهبوط وتأثيره على السوق.

بعد انهيار الأسعار... ترامب يعد بخطة لإنقاذ شركات النفط والحفاظ على الوظائف
وفي حديث لبرنامج "قوانين الإقتصاد" قال علي بوخمسين، الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية والإدارية في السعودية: "من الخطأ الفادح القول إن أسعار النفط انهارت في الأسواق العالمية لأن هذا الحدث يخص فقط عقودا محددة المدة تسليم شهر مايو/أيار والتي تنتهي اليوم، لذلك اضطر المشترون المالكون لهذه العقود للتخلص منها بأي قيمة كانت نظرا لانخفاض الطلب على النفط في الأسواق العالمية وعدم إمكانية بيعها قبل انتهاء مدتها، وإلا سيدفعون تكاليف تخزينها وهذا ما يفسر إغلاقها عند 37- لأنها هذه قيمة تكلفة التخزين".

وأضاف بوخمسين: "وفي الجهة المقابلة أسعار نفس الخام "غرب تكساس الوسيط" تسليم يونيو مازالت محتفظة بسعر مقبول عند حوالي 22 دولارا للبرميل وكذلك تسليم سبتمبر/أيلول بنحو 31 دولارا وأيضا مزيج "برنت" مازال محتفظا بسعر جيد وماحدث هو ظاهرة تعرف باسم "الكونتانغو" وتعني براميل نفط معكوسة الاتجاه أي أنها مباعة لكنها بدل أن تذهب من البائع إلى المستهلك النهائي تعود بالاتجاه المعاكس من المالك الحالي إلى المصدّر وبالتالي يتطلب الأمر تخزينها ولكن الطاقة الاستيعابية القصوى لولاية "أكوهوما" الخاصة بالتخزين الإستراتيجي لنفط "غرب تكساس الوسيط" لا تتجاوز الـ70 مليون برميل وبسبب تراجع الطلب وضعف التسويق لكميات النفط الناجم عن جائحة "كورونا" وعزوف المصافي ازدادت كميات النفط المخزنة فيها لذلك كان لا بد من التخلص من العقود الآجلة وبسرعة".

وحول المتضررين من هبوط الأسعار توقع بوخمسين أن ينعكس هذا إيجابا على مزيج "برنت" كونه يباع في البحار دون الحاجة للتخزين، وأن الخاسر الأكبر هي شركات النفط الأمريكية والمنتجين الصغار في الولايات المتحدة.

محلل اقتصادي: شركات النفط الأمريكية مسؤولة عن الانهيار التاريخي للأسعار
بدوره، اعتبر كبير خبراء الصندوق الوطني لأمن الطاقة، والأستاذ المحاضر في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية، إيغور يوشكوف، أن كل ما حدث هو لعبة مضاربين للاستفادة من أموال شركات التأمين إذ قال لـ"سبوتنيك": أثار الانخفاض الحاد للخام الأمريكي ذعرا في البورصة، لأن هذه حالة فريدة من نوعها أولا، لأن الخام الأمريكي وخام أوروال لم يتداولا أبدًا في نطاقات أسعار سلبية، ثانيا، سبب الذعر في البورصة ليس هبوط سعر النفط، وإنما آليات لبورصة من عقود ورقية...عمد المضاربون للتسبب بهبوط الأسعار لأنهم بحاجة مثل هذا السعر المنخفض من أجل كسب المال الذي تدفعه شركات التأمين عند انهيار الأسعار، لذلك، استخدموا التكتيك نفسه بشكل جماعي... الآن سنرى انتعاشًا، لكن بكل الأحوال هبوط الخام إلى مادون الصفر يعتبر أمرا غير جيد لأنه سيتم التداول بأسعار رخيصة بما ستؤثر تدريجيا على أسعار الشحن وأعتقد أن الوضع لن يتحسن حتى الصيف".

وتوقع يوشكوف أن يتحسن السوق بحلول العام القادم حيث قال: "إذا كان هبوط الأسعار يمس خام غرب تكساس الوسيط، أي النفط الأمريكي فقط، فسيكون هذا إيجابيًا، لأنه كلما رخص ثمنه نرى إغلاقا أسرع في مشاريع النفط الصخري... ومع ذلك يبقى له تأثير على أسعار كل من نفط "برنت" والنفط الروسي، والتي ستتراجع أيضا. أعتقد أنه لن يكون هناك تحسن ملموس في الأسعار حتى يونيو/حزيران... عندما يبدأ تأثير تنفيذ اتفاق "أوبك +" ويبدأ الطلب على النفط في أوروبا والصين بالتعافي التدريجي... فقط عندها سنرى بعض الارتفاع في الأسعار في المنطقة عند 30 دولارًا للبرميل. سعر 50-60 دولار للبرميل سنراه في أحسن الأحوال في 2021".

وخلال مداخلة هاتفية مع برنامج "قوانين الإقتصاد" قال الخبير بالشؤون الاقتصادية والأمريكية الدكتور مهدي عفيفي: "إن السبب في هذا الانخفاض "التاريخي" يعود إلى عدم وجود أماكن لتخزين هذا النفط بسبب ارتفاع الاحتياطي المخزن بسبب ضعف الطلب ولهذا سارع ترامب والكونغرس باتخاذ حزمة إجراءات لإنقاذ منتجي النفط الصغار بعد أن أغلق أكثر من 13 % إنتاجهم، وكذلك شراء 75 مليون طن من الخام... لكن أعتقد أنها غير كافية، وربما يجب القيام بتسهيلات لمنتجي النفط خاصة وأن الاقتصاد الأمريكي في مرحلة حرجة... ومن الصعب إغلاق آبار الإنتاج لأن إغلاقها وإعادة فتحها أمر مكلف للغاية لذلك الحل يكمن في تقليل الإنتاج، هذه الأسعار ستفيد المستهلكين خاصة الصين والهند وهذه الظاهرة مؤقتة".

مناقشة