منذ احتلال الكويت حتى 2020... أبرز محطات العلاقات العراقية الكويتية

قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أمس الأحد، إن العراق والكويت لديهما فرصة تاريخية لتطوير العلاقات الثنائية والتحرر من مخاوف الماضي، ووجه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، رسالة للرئيس العراقي برهم صالح دعاه فيها لزيارة بلاده.
Sputnik

جاء ذلك خلال زيارة رسمية لوزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر الصباح، إلى العراق، استقبله خلالها الكاظمي، وأجريا مباحثات ثنائية حول أبرز القضايا المشتركة ومنها قضية الأسرى الكويتيين في حرب الخليج عام 1991، وإعادة ما تبقى من الأرشيف الأميري في العراق".

الكاظمي: هناك فرصة تاريخية لتطوير العلاقات العراقية الكويتية
ويعمل البلدان على إنهاء كل الملفات العالقة منذ دخول العراق إلى الكويت في 2 أغسطس/ آب 1990، ويقول أمير الكويت، في رسالته التي حملها وزير الخارجية إلى العراق، أمس الأحد، إن "العلاقات بين العراق والكويت ضاربة في جذور التأريخ ويجب تجنيب الأجيال القادمة مشاكل الماضي والحاضر"، بينما يقول الرئيس العراقي برهم صالح إن "المراحل المتقدمة التي قطعها البلدان في التعاون والعمل المشترك تدعو إلى التفاؤل"، بحسب صحيفة "الأنباء" الكويتية.

ومرت العلاقات العراقية الكويتية بمحطات عديدة كانت أكثرها سخونة خلال العقود الثلاثة الماضية، التي بدأت بالغزو العراقي للكويت عام 1990 في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وحرب تحرير الكويت عام 1991، ثم غزو العراق عام 2003 وانتهاء حكم صدام حسين، الذي كان محطة فاصلة بدأت بعدها العلاقات بين البلدين تعود بصورة تدريجية.

في عام 2004، استأنفت الكويت علاقاتها الدبلوماسية مع العراق بعد إتمام عملية نقل السلطة إلى الشعب العراقي في يونيو/ حزيران، بحسب وكالة الأنباء الكويتية "كونا"، وقام رئيس الوزراء العراقي حينها إياد علاوي بزيارة رسمية إلى الكويت استقبله خلالها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، وكانت أول زيارة رسمية يقوم بها رئيس وزراء عراقي إلى الكويت منذ 1990، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".

لكن العلاقات بين البلدين لم تصل إلى حد تعيين سفير للعراق في الكويت، بل اقتصر الأمر على قائم بالأعمال، حتى مارس/ آذار 2010، عندما سمى العراق محمد حسين بحر العلوم سفيرا له لدى دولة الكويت، ليكون السفير الأول المعتمد منذ الغزو العراقي للكويت عام 1990، بحسب شبكة "سي إن إن".

الزيارة الأولى عام 2010 وإنهاء مرحلة التوتر

كانت زيارة رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر الصباح إلى بغداد في سبتمبر/ أيلول 2010 هي الأولى لمسؤول كويتي رفيع المستوى منذ الاجتياح العراقي للكويت عام 1990، بحسب ما ذكرته "بي بي سي" التي أشارت إلى أن تلك الزيارة كان لها أثر إيجابي في إنهاء مرحلة التوتر وفتح صفحة جديدة للعلاقات بين البلدين.

وفي مارس/ أذار 2012 قام نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي، بزيارة رسمية إلى الكويت، بحسب "فرنسا 24" لبحث الملفات الخلافية بين البلدين، ومنها ترسيم الحدود البرية والبحرية ومشروع بناء ميناء مبارك الكبير بالاضافة الى المفقودين خلال حرب الخليج الثانية.

وتقول صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، إن "الزيارات التي قام بها كبار المسؤولين بين البلدين منذ 2010 حتى الآن، تركت انطباعا لدى الطرفين أن شبح صدام لم يعد يلاحقهما معا"، وأضافت: "كان أبرزها، زيارة أمير الكويت صباح الأحمد الصباح، التاريخية إلى العراق عام 2012 لحضور قمة بغداد، وما تلاها من زيارات متبادلة لرؤساء وزراء البلدين ورئيسي البرلمان في كلا البلدين".

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 قام الرئيس العراقي برهم صالح بزيارة رسمية إلى دولة الكويت لبحث سبل التعاون بين البلدين الشقيقين، بحسب موقع الرئاسة العراقية.

وفي يونيو 2019، قام أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بثاني زيارة رسمية إلى العراق، التقى خلالها الرئيس العراقي برهم صالح، بحسب ما ذكرته "بي بي سي".

ميناء مبارك الكبير ومؤشرات الثقة بين البلدين

في يونيو/ حزيران 2017، أجرت وكالة الأنباء الكويتية "كونا" مقابلة مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، قال فيها: "على الرغم من أن النظام السابق حاول أن تكون علاقتنا بالكويت علاقة دموية تعسفية، إلا أننا نجحنا في أن نحولها إلى مثال يحتذى في المنطقة ونجحنا في ذلك إلى درجة كبيرة".

وفي 2019 قال رئيس الوزراء العراقي

عادل عبد المهدي: "العلاقة بين العراق والكويت في أفضل حالاتها، وهناك تقدما كبيرا في هذه العلاقة"، بحسب ما ذكرته "بي بي سي".

وذكر تقرير لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) في 2019، أن مؤشر الثقة بين الكويت والعراق يعتبر الأفضل منذ مرحلة ما قبل الغزو أي منذ 30 عاما، مشيرا إلى أن تلك الثقة ساهمت في تحفيز وتيرة التقارب والتفاهم بين البلدين.

ويقول التقرير إن "الخلافات الحدودية، هي أبرز القضايا الخلافية بين البلدين"، مشيرا إلى أن "حكومتا البلدين تحرصان على حسمها نهائيا، وبصفة خاصة الحدود البحرية".

وتابع: "على سبيل المثال، فإن نجاح مشروع ميناء مبارك، الذي سيكون شريان تجاريا ملاحيا ضخما للكويت في المستقبل، يتوقف على مدى التزام الحكومة العراقية باتفاقية خور عبد الله".

ففي أبريل/ نيسان 2012، وضعت الكويت حجر الأساس لبناء ميناء "مبارك الكبير" في جزيرة بوبيان الواقعة في أقصى شمال غرب الخليج، في وقت يرى خبراء عراقيون أن ذلك سيؤدي الى خنق المنفذ البحري الوحيد للعراق في خور عبد الله، بحسب موقع "فرانس 24".

اتفاقية خور عبد الله

قال الباحث في الشأن العراقي اياد العناز: "اتفاقية قناة خور عبد الله كان قرارا كويتيا دون الرجوع للعراق، وقناة خور عبدالله الملاحية هي عراقية 100 في المئة"، مضيفا: "اتفاقية تنظيم الملاحة بين العراق والكويت هي اتفاقية دولية، لكنها كانت مجحفة بقرار من مجلس الأمن الذي صدر في العام 1993، وقد أدت تلك الاتفاقية إلى تقسيم خور عبد الله بين العراق والكويت ولم تعط الحق للعراق في استخدام الجانب الاقتصادي في نصيبه الملاحي".

وأوضح الباحث في الشأن العراقي، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، في تقرير سابق، أن "يجب أن يعمل العراق جاهدا على الطعن في جميع قرارات الأمم المتحدة التي تم اتخاذها في ظروف خاصة أدت إلى عدم إشراك العراق في القرار وإنما أمليت بضغط  كويتي واضح".

ملفات خلافية

ويقول بشير أحمد الصبيح المحلل السياسي العراقي: "للعراق ثلاث موانئ رسمت في العهد الملكي عام 1936، وبعد الغزو الأمريكي، تجاوزت الكويت تحديدا العلامة 162 في خور عبد الله، التي حددها القرار الأممي رقم 833، دون علم العراق، وتم ترسيم الحدود من طرف واحد دون الرجوع إلى العراق".

وأشار المحلل السياسي العراقي، في تقرير سابق لـ"سبوتنيك": "هذا الأمر يجعلنا كعراقيين نجد أن الكويت هي من يبحث عن فتح ملفات بين الجانبين العراق والكويت، وربط ملفات الموانئ بملف التعويضات الكويتية إبان احتلال الكويت عام 1990".

تاريخ الخلاف وأسبابه

يتحدث كتاب "العراق والكويت أزمات مستديمة ومتوارثة" عن تاريخ الخلافات بين البلدين، ويقول إن علاقات العراق والكويت ظلت متوترة ومتأزمة، منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921.

وقال، حسبما جاء في نسخته الإلكترونية على موقع "أمازون": "لم تكن الخلافات بسبب طبيعة النظام الحاكم في العراق، ملكيا كان أم جمهوريا، كما لم تكن بسبب خلاف بين حزب البعث وقادته وبين شيوخ الكويت، أو بين أي حزب سياسي أو ديني تولى السلطة في العراق وبين أي سلطة كويتية".

وتابع: "المشكلة المستديمة و المتوارثة لم تكن مرتبطة بشيخ معين من شيوخ وأمراء الكويت، بل إنها مشكلة ثلاثية الأبعاد، تاريخية وجغرافية واقتصادية". وتابع: "تاريخية وتعني عائدية الكويت سابقا للبصرة أيام العهد العثماني، وجغرافية تعني مشكلة حدود لم يتم تخطيطها وترسيمها، واقتصادية تتعلق بمسألة آبار النفط الممتدة بين الدولتين المتنازع عليها".

وتابع: "يضاف إلى ذلك وجود عناصر وقوى لدى الطرفين تصب الزيت على نار الخلافات والأزمات بين البلدين، ولا ترى في صالحها إقامة أي علاقة ودية وطبيعية يسودها الاحترام المتبادل والتعاون المشترك لما فيه خير الشعبين والبلدين". 

ويقول الكتاب: "حاول جميع حكام العراق حل الأزمة العراقية الكويتية بالطرق السلمية، رغم أن بعضهم هدد باستخدام القوة لكنه لم يقدم عليها، سوى الرئيس الأسبق صدام حسين الذي استخدم القوة العسكرية فدمر الكويت والعراق والمنطقة، وما زال العراقيون خاصة يعانون من تداعيات ذلك العمل اللاعقلاني الذي قام به الرئيس السابق صدام حسين دون أن يحسب تداعياته الكارثية، وخاصة الحصار والتعويضات التي ظلت وما تزال تُدفع من لقمة عيش المواطن العراقي حتى الآن".

ويتابع الكتاب: "لم تقف المشكلة عند هذا الحد، بل استمرت الأزمات حتى بعد كارثة غزو الكويت واجتياحها، وسقوط نظام صدام حسين، حيث برزت أزمة جديدة هي أزمة ميناء مبارك الكبير الذي تقوم الكويت بإنشائه بالقرب من شط العرب، وهو ما خلق أزمة جديدة بين البلدين الشقيقين".

مناقشة