تونس... مواجهات بين محتجين وقوات الأمن في تطاوين وحالة احتقان كبرى.. فيديو وصور

تعيش محافظة تطاوين، جنوب غربي تونس، على وقع احتجاجات متصاعدة يقودها عدد من شباب الجهة من العاطلين عن العمل، في وقت أعلن فيه الاتحاد الجهوي للشغل الدخول في إضراب عام كامل اليوم احتجاجا على اعتقال عدد من المحتجين واستخدام القوة لفض اعتصامهم.
Sputnik

تونس... تحركات احتجاجية للمطالبة بتنحي رئيس البرلمان راشد الغنوشي
وتشهد الجهة منذ ليلة السبت الماضي، حالة من الاحتقان والغليان الاجتماعي تنديدا بعدم التزام الحكومة باتفاق "الكامور"، الذي تم توقيعه في يونيو/ حزيران 2017 بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحكومة يوسف الشاهد في ذلك الحين، الذي يقضي بانتداب 1500 عاطل عن العمل من أبناء الجهة في الشركات البترولية المنتصبة بالجهة، إلى جانب تشغيل 3000 شاب في شركات البيئة، فضلا عن تأمين تمويلات بقيمة 32 مليون دولار تخصص لصندوق التنمية الجهوي بشكل سنوي.

واستخدمت قوات الأمن، اليوم الاثنين، الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق المحتجين، كما داهمت وحدات الشرطة خيام المعتصمين وأوقفت عددا منهم من بينهم الناطق الرسمي باسم "اعتصام الكامور" طارق الحداد، قبل أن يتم إطلاق سراحهم اليوم باستثناء شخص واحد.

وانسحبت اليوم وحدات الأمن من وسط مدينة تطاوين، بينما قامت وحدات الجيش الوطني بتأمين المقرات الأمنية في الجهة، في وقت واصل فيها المعتصمون احتجاجاتهم المطالبة بالتشغيل والتنمية في محافظتهم التي تؤمن ما يقارب 40 في المئة من إجمالي إنتاج تونس من البترول والغاز.

عنف ممنهج

وقال عضو تنسيقية اعتصام الكامور خليفة بوحواش في تصريح لـ "سبوتنيك" إن "وحدات الأمن اعتمدت العنف الممنهج لقمع المحتجين الذين تحملوا خذلان الحكومة لهم بعد أن تراجعت عن تعهداتها بانتداب المعطلين عن العمل من أبناء الجهة".

وأوضح بوحواش أن مطالب المحتجين مشروعة وبسيطة على اعتبار أنها تتنزل ضمن اتفاقات سابقة وضمن حق شباب الجهة في التشغيل والتنمية، خاصة وأن "محافظتهم تمثل مصدر دخل لميزانية الدولة، في وقت رفعت فيه الحكومات المتعاقبة شعارات اللامركزية التي بقيت حبرا على ورق".

وقال بوحواش "منذ 2017 بقي اتفاق "الكامور" حبرا على ورق، ولم تستجب الحكومة لمطالبنا المتكررة بالتشغيل، وإلى اليوم لم تشغل شركات البستنة سوى 2500 شاب بعقود هشة ودون انتداب رسمي ولا قانون شغل أساسي يكفل حقوقهم". 

أزمة تاريخية... تحذيرات من تصاعد الاحتجاجات في تونس بسبب الانقسام السياسي
وأضاف "تواصلنا مع السلطات الجهوية أكثر من مرة في السنوات الثلاثة المنقضية ولا من مجيب، وبتنا على يقين أن الإشكال متأت من السلطة المركزية".

وعن فرضية إيقاف إنتاج النفط والغاز، قال بوحواش إن ذلك لا يعد شرطا لاستكمال النضال من أجل افتكاك حقوق المحتجين، مؤكدا أن مطلبهم الأساسي اليوم هو أن تلتزم الحكومة بتعهداتها مع أبناء الجهة المنكوبة التي يعاني أهاليها الحرمان والفقر والخصاصة منذ ما يزيد عن سبعين سنة.

وشدد بوحواش أن أيادي المحتجين ستبقى ممدودة للحوار والجلوس إلى طاولة التفاوض من جديد وإيجاد حلول موضوعية وعملية دون اللجوء إلى العنف.

تجاوزات أمنية

وقال المدير التنفيذي لجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان المنصف الخبير لـ"سبوتنيك" إن التعاطي الأمني مع الاحتجاجات في تطاوين لم يكن له مبرر، باعتبار أن التحركات لم تخرج عن جانبها السلمي.

 وأكد محدثنا أن 64 قرارا اتخذتها الحكومة السابقة بتاريخ 15 يونيو/ حزيران 2020 لفائدة الجهة لم يقع تفعيلها إلى اليوم وتنصلت منها الحكومة المنقضية والحالية، وهو ما يتعارض مع مبدأ استمرارية الدولة.

وأشار مدير جمعية حقوق الإنسان في تطاوين إلى أن "تونس أمضت على اتفاقية مناهضة التعذيب وركزت هيئات دستورية ومنها الهيئة الوطنية لمكافحة التعذيب، لكن أحداث تطاوين من اقتحام للمنازل واستعمال للغاز المسيل للدموع كشفت أن كل هذه الهيئات والاتفاقيات كانت مزعومة وضلت فقط حبرا على ورق.

وأكد المتحدث أن جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان وثقت استخدام أكثر من 24 ألف عبوة غاز مسيل للدموع من قبل الوحدات الأمنية تم استخدامها في وقت لم يتجاوز 32 ساعة وهو ما خلف إصابات وحالات اختناق للأهالي من بينهم نساء حوامل لا ذنب لهن سوى أنهن موجودات في بيوتهن بالمنطقة، مشيرا إلى أنه "لم يتم احترام القانون رقم 4 لسنة 1992 القاضي بالتدرج في استخدام القوة لدى تفريق المحتجين".

واعتبر المدير التنفيذي لجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان المنصف الخبير أن "إمكانية توسع رقعة الاحتجاجات لتشمل مناطق أخرى واردة"، مضيفا أن "التحركات في محافظة تطاوين جاءت تزامنا مع سلسلة من الاحتجاجات قادها المعطلون عن العمل أمام البرلمان وفي منطقة مساكن من محافظة سوسة وسط شرق البلاد".

وأضاف "كل هذه التحركات هي بوادر احتقان اجتماعي ودليل على أن الشعب استنفذ واستوفى كل صبره على الحكومات المتعاقبة من 14 يناير/ كانون الثاني 2011 إلى اليوم". 

الاتحاد يساند المحتجين

وأغلقت اليوم عدد من المحلات والمرافق العمومية أبوابها استجابة لطلب الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين بتنفيذ إضراب عام في حركة تضامنية مع المحتجين الذين تم إيقافهم ودعما لمطالب المعتصمين في التنمية والتشغيل.

وقال عضو المكتب الجهوي لاتحاد الشغل في تطاوين المكلف بملف الكامور عدنان اليحياوي في حديثه لـ "سبوتنيك"، إن "معظم المنشآت والإدارات التابعة للقطاع العام والوظيفة العمومية استجابت للإضراب على عكس مهنيي القطاع الخاص الذين فتحوا محلاتهم رغم تجدد الاحتجاجات".

"يوم غضب" في تونس... وقفات احتجاجية للمحامين بقصر العدالة وجميع المحاكم
وأكد اليحياوي أن "الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين يساند بشكل مطلق مطالب المحتجين في التشغيل وتوفير مواطن العمل لمن طالت بطالتهم، منددا بتوخي وحدات الأمن أسلوب العنف في التعامل مع المحتجين وقمع حق التظاهر منبها أن الحلول الأمنية ستزيد الأمر تعقيدا وتشعل الاحتجاجات".

وفي نفس السياق، أكد اليحياوي أنه "تم اليوم إطلاق سراح جميع الموقوفين باستثناء الناطق الرسمي باسم "اعتصام الكامور" طارق الحداد الذي يتواصل إيقافه في انتظار مثوله غدا أمام أنظار النيابة العمومية، مبينا أن الاتحاد يتابع هذا الملف عن كثب".

ونبه عضو الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين إلى إمكانية أن تأخذ الاحتجاجات منحا تصاعديا كأن تتجه إلى إيقاف الإنتاج، معتبرا أن هذا الحل سيبقى الورقة الضاغطة الأخيرة في يد المحتجين، مؤكدا أن الاتحاد سيدعم أبناء الجهة في خطواتهم التصعيدية في سبيل الاستجابة لمطالبهم المشروعة. 

وطالب اليحياوي الحكومة بالتسريع في حل هذا الملف وعقد مجلس وزاري عاجل تجنبا لسيناريوهات أسوأ.

وتحتل محافظة تطاوين، وفقا للأرقام الرسمية، المرتبة الأولى من حيث ارتفاع نسب البطالة التي بلغت 32.4 في المائة أي ما يعادل 17 ألف عاطل عن العمل.

مناقشة