كيف ننقذ الأسرة المصرية من التفكك ومن يتحمل المسؤولية الأكبر عن الطلاق؟

الطلاق هو كلمة لكنها تعني هدم وتشريد لكيان يسمى "الأسرة"، كانت ستكون إحدى قواعد المجتمع حال تماسكها، الطلاق كلمة لكنها في الحقيقة مأساة.
Sputnik

منذ سنوات تعمل الكثير من المنظمات على حقوق المرأة، بل إن بعض الدول والمنظمات تفرض شروطا للدعم لبعض الدول، بأن تكون هناك قوانين معينة تتعلق بالكيان الأسري، وقد لوحظ منذ التسعينيات أن هناك زيادات رهيبة في نسب الطلاق في مصر سواء عن طريق الخلع أو بالطرق الأخرى، وما تبع ذلك من تشرد آلاف الأطفال وانتشار العنوسة بين الشباب والفتيات، بل ازدادت الانحرافات الاجتماعية في المجتمع المصري، على سبيل المثال، ويرى مراقبون أن استمرار الأوضاع بنفس الوتيرة قد تهدم المجتمع بالكامل فنستيقظ على كارثة، وطالبوا الدولة بالنظر لحقوق الرجل الضائعة أو حقوق الزوجين معا دون تمييز... فما الذي يمكن فعله لخفض نسب الطلاق والحفاظ على الأسرة؟

لمحاربة الطلاق في ظل تفشي كورونا... شركة يابانية تجد الحل
رقم صادم

حالة طلاق كل 4 دقائق، هذا الرقم الصادم الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، فبحسب الإحصاءات الرسمية تحتل مصر المرتبة الأولى عالميا في الطلاق إذ يتم إشهار حالة واحدة كل 4 دقائق بما يزيد عن 250 حالة طلاق يوميا، وتؤكد الإحصاءات وجود أكثر من 4 ملايين مطلقة و9 ملايين طفل ضحية الانفصال فيما تستقبل محاكم الأسرة طوابير من النساء المتزوجات الراغبات في اتخاذ القرار الصعب في حياتهن، الانفصال عن أزواجهن، من خلال لجوئهن إلى المحاكم المتخصصة في الأحوال الشخصية.

وأرجع خبراء وباحثون الأمر إلى تطور نظم الزواج مع تطور المجتمعات وما أفرزته تلك التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من ثورات تكنولوجية واتصال وتداخل ثقافات وخروج المرأة للعمل وتغير الدور الرئيسي للأسرة التقليدية، التي اختلفت في بنائها وتركيبتها والأدوار الخاصة لكل فرد فيها مما أثر في نظرة المجتمع باختلاف معايير ونظم الزواج والطلاق، تلك التغيرات والتحولات كان لها أكبر الأثر في زيادة نسبة الطلاق بصورة مضطردة.

الأسباب الحقيقية

وقالت منه وحيد رئيس حملة تمرد سيدات مصر ضد قانون الأسرة، لكي تنجو الأسرة المصرية من تداعيات زيادة نسب الطلاق فلابد أن نرجع لاسبابه الحقيقية والتى لم تعد تخفى على أحد.

وأضافت رئيس حملة تمرد لـ"سبوتنيك"، فى دراسة للمركز القومى للصحة أثبتت أن 80% من حالات الطلاق يكون الطرف المصمم علي الطلاق هى الزوجة، ويظهر ذلك جليا بالفعل فى معدل نسب الطلاق بسبب الخلع، وذلك تبعا لتقارير المركز القومى للتعبئة والإحصاء، وهذا منذ عام 2005 وتعديلات قانون الأحوال الشخصية الخاص بارتفاع سن الحضانة حيث أصبح سن الحضانة 15 عاما للطفل، ثم يتم التخيير وأعقبه تعديل الولاية التعليمية للحاضن 2018.

فتاة مصرية تبحث عن زواج عبر فيسبوك فتتم إقالتها من عملها في فيديو يثير ضجة
المرأة والقانون

واستطردت: "وبالتالى فقد عامل القانون المرأة على أنها ممتلكة للطفل ومالكة له مدى الحياة، مع بعض السويعات القليلة للأب، وهى الرؤية ثلاث ساعات أسبوعيا بما يعني 92 يوما على مدار خمسة عشر عاما وهى فترة الحضانة القانونية للطفل، وهو الأمر الذي جعل القانون الركيزة الاساسية لزيادة معدلات الطلاق، ومؤخرا فى بيان للنيابة العامة، والخاص بصورة من صور التفكك الأسرى وهى فتاة "التيك توك" الشهيرة، نبهت النيابة العامة لضرورة تربية الأطفال وعدم تدليلهم، ولكنها تغافلت عن السبب الأساسى في هذا التشرد وهو عدم وجود أب فى منظومة الأسرة المفككة نتيجة الطلاق".

الرعاية المشتركة

وأشارت وحيد إلى أن "القانون أهمل مصلحة الطفل وحقه فى الرعاية المشتركة، كما نصت المواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر فوهب الطفل للأم وحرمه من أبيه، ثم تباكى على سوء تربيته، فلماذا تتمسك الأم بزوجها وأسرتها وبيتها وهى تستطيع أن تحصل على كل شئ بلا أى مسئولية  وهذا ينعكس على قرار الطلاق بالطبع، فنرى هذا المشهد الغريب والذي لانرضى عنه.

وأوضحت رئيس الحملة، لكى ترجع الأمور إلى نصابها فلابد من تطبيق الرعاية المشتركة، وتقليل سن الحضانة إلى ما كان معمولا به من قبل وهو سبع وتسع سنوات، مع مراعاة عدم تخيير الطفل بين طرفي إنجابه، لما له من آثار نفسية مدمرة عليه، على المدى البعيد وتطبيق الإستضافة للطرف غير الحاضن كما نص تقرير الصحة النفسية التابع لوزارة الصحة، وإرجاع مسئوليات الأب وواجباته النفسية والمعنوية وليس فقط المادية تجاه طفله.

تغييرات اجتماعية

كيفية تجنب الطلاق أثناء الحجر الصحي؟
وقالت الدكتورة هدى بدران، الرئيس السابق لمنظمة المرأة العربية، لـ"سبوتنيك"، إن أحد أسباب الطلاق، هو حدوث تغير في وضع المرأة المصرية، حيث أصبحت تعمل أكثر وبدأت في الاعتماد على نفسها ماديا، كما زاد وعيها وثقافتها عن طريق جمعيات المرأة.

وأضافت رئيس منظمة المرأة العربية لـ"سبوتنيك"، في الفترات الأولى للزواج تكون هناك تنازلات من الطرفين و يتلاقوا في نقطة وسط لكي يمكن استمرار العلاقة الزوجية، وجرت العادة في الماضي أن المرأة هى التي يجب أن تتحمل، هذه الثقافة حدث بها تغيير بالنسبة للفتاة ولم يحدث بالنسبة للشاب والذي مازال يشعر بالتميز عن الفتاة والتي يجب عليها الرضوخ لطلباته، هذا الأمر لم يعد تقبله.

مسؤولية الأسرة

وأضافت بدران، أنه بجانب النسبة العالية للطلاق هناك أيضا نسبة عالية بين الشباب والفتيات عن الزواج ولا يريدون تحمل المسؤولية والعيش بمفردهم، والقلق من الطلاق عندما يكون هناك أطفال، ونتمنى أن يكون لدينا دراسة شاملة تبحث تلك الظاهرة في مختلف البيئات الاقتصادية والاجتماعية وتوضح نسبها وأبعادها بشكل علمي.

الزواج الرومانسي

قالت الدكتورة هالة عبد القادر، مديرة المؤسسة المصرية لتنمية الأسرة، إن الزواج عن قصص حب مسبقة قد يكون أكثر عرضة للفشل نظرا لأن الطرفين وضعا أمامهما حياة ربما تكون غير واقعية وبعد الزواج ترى الفتاة أن أحلامها بالحياة الرومانسية والرفاهية التي ربما كانت تفتقدها في منزل الأسرة قد تبخرت، وكذا الشاب لا يرى في الفتاة ما كان يتخيله من روماسية وعاطفة جياشة نتيجة الصدام بالواقع، هنا يكون الطلاق أقرب، على العكس من ذلك في الزواج التقليدي، حيث يكون الاستقرار أكثر لأن الطرفين يحسبان الأمور جيدا ويريدان تكوين أسرة.

الحكومة المصرية توضح حقيقة إيقاف الزواج لمدة عام
وأكدت عبد القادر لـ"سبوتنيك"، أن الشاب والفتاة تقع على عاتقهم المسؤولية في فشل الزواج، ومنذ العام 2007 ونحن ننادي بفكرة ضرورة تأهيل المقبلين على الزواج، وأن نربي فيهم فكرة مؤسسة الزواج لتتواكب مع المتغيرات المحيطة بهم.

تقارير رسمية

وكشف تقرير مركز معلومات رئاسة الوزراء المصري العام الماضي 2019، أن حالات الطلاق وصلت إلى مليون حالة في العام 2018 بواقع حالة واحدة كل دقيقتَين ونصف، وقد وصلت نسبة العنوسة بين الشباب والفتيات إلى 15 مليون حالة، وهذا يعنى أن حالات الطلاق، تتعدى في اليوم الواحد 2500 حالة، فيما يقدر عدد المطلقات بأكثر من 5.6 مليون على يد مأذون، ونتج عن ذلك تشريد ما يقرب من 7 ملايين طفل.

وبحسب إحصاءات محاكم الأحوال الشخصية، فقد تخطت حالات الخلع 250 ألف حالة 2018، أي بزيادة 89 ألف حالة بالمقارنة بـ 2017.

التعبئة والإحصاء

ووفق البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء حول معدلات الطلاق خلال الـ 10 أعوام الأخيرة، حيث ارتفع العدد من 141.4 ألف حالة في 2009، إلى 211.5 ألف حالة لعام 2018، غير شاملة حالات الطلاق التي تمت من خلال القضاء.

مناقشة