راديو

بعد وصول أزمات السدود إلى مجلس الأمن... هل انطلقت شرارة حروب المياه؟

استقرت على طاولة مجلس الأمن الدولي أزمة سد النهضة في مسار أخير، اختارته مصر لحل سلمي، بعد تعثر المفاوضات التي استمرت قرابة عقد كامل.
Sputnik

الخطاب المصري في مجلس الأمن كان واضحا على لسان وزير خارجيتها سامح شكري بأن القاهرة "لن تسمح بتهديد أمنها المائي" وهي تطالب "بالتحرك بحزم لإنهاء التحركات الأحادية الجانب بشأن السد". 

مندوب إثيوبيا في الأمم المتحدة: حماية شعبنا "واجب وطني"
أعضاء مجلس الأمن أجمعوا على دعمهم للجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي لتسوية الأزمة، التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن المائي لمصري والسودان وتهدد السلم الدولي في المنطقة.

التصريحات الإثيوبية بعزمها المضي قدما في ملء خزان السد الشهر المقبل، حتى من دون الاتفاق، حملت الأزمة إلى أفق مسدود استدعى التدخل العاجل من قبل الاتحاد الأفريقي، ودفع مصر لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن، وأثار من جديد الخلاف بين نظريتي "السيادة المطلقة لدول المنبع" و"النزاهة الإقليمية المطلقة بترك الاستفادة العظمى من الأنهار لدول المصب"، كما وضع مصر أمام خيارات محدودة سيكون آخرها ربما اللجوء إلى القوة. 

تقول مصر إن تخفيض عشرة مليارات متر مكعب من حصتها السنوية من المياة يؤدي إلى خسارة 150 مليار جنية مصري، وتصحر أكثر من مليون فدان، وفقدان مئات الآلاف من الوظائف، ولأن الاقتصاد هو أحد المحركات الرئيسية للحروب فإن أزمة سد النهضة أخذت منعطفا خطيرا، لكنها أيضا فتحت الباب أمام الدول المتضررة من السدود في دول المنابع إلى تحريك ملفاتها، العراق على سبيل المثال طالب تركيا مجددا بإجراء محادثات بشأن سد إليسو للاتفاق على خطة تشغيل السد دون الإضرار بحصة العراق المائية، وإذا ما اختارت بغداد أن تسير على درب المسار المصري سيكون أمامها اللجوء إلى مجلس الأمن أيضا، في تغيير جذري لتوصيف أزمات المياه. 

 قال خبير إدارة الأزمات والأمن القومى اللواء. ممدوح زيدان إن «جميع الاتفاقات الخاصة بالانهار الدولية تخضع لقوانين الأمم المتحدة، ومن غير الطبيعي أن تشذ دولة عن هذه الاتفاقيات وتعترض عليها، وأعتقد أن مجلس الأمن سيلزم إثيوبيا بكل القوانين الدولية المنظمة لكل ما يخص الأنهار الدولية، ويتعين على إثيوبيا أن تدرك أنها عضو في الأمم المتحدة، وعضو في منظمة حوض النيل، وألا تحاول فرض واقع جديد ليس له سند في القانون الدولي».

قال د. محمد خير العكام أستاذ القانون العام بجامعة دمشق «إن إحالة ملف سد النهضة لمجلس الأمن أمر طبيعي عندما لا تطبق الدولة المعنية قواعد القانون الدولي المنظمة لتقاسم المياه، ولا توجد هناك سيادة مطلقة لدول المنبع»، مشيرا إلى أن «هناك دول لديها مصلحة في خلق بؤرة نزاع جديدة، والكيان الصهيوني غير بعيد عن هذا الصراع، وهناك من يريد محاربة سوريا عبر حرمانها من مياه الفرات كذلك حرمان مصر من مياه النيل».

قال د. محمد حيدر الباحث في الشؤون الاقتصادية «ندرة  المياه أصابت العديد من الدول خاصة بعد التغييرات المناخية وستزداد الأمور سوءا مع الأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا»، مشيرا إلى أن «هناك أضرار اقتصادية كبيرة جراء إقامة السدود وقد تتسبب في تشنجات اجتماعية، وربما تصل إلى اندلاع الحروب، وهناك شكوك تساور السياسيين بشأن استهداف لبعض الدول العربية عبر ملف المياه».  

قال الخبير الدولى فى الموارد المائية وتصميمات السدود د. أحمد عبد الخالق الشناوى إن «الهضبة الإثيوبية بها فوالق أرضية نشطة جدا وغير صالحة لإقامة السود عليها وقد يؤدي تخرين كميات هائلة من المياه إلى ضغوط جانبية كبيرة يمكن أن تفتح الفالق فينهار السد، كما أن الهضبة الأثيوبية في حالة حركة مستمرة وربما تنفصل عن أفريقيا والسدود المرتفعة مثل سد النهضة سيسرع انفصال القرن الأفريقي».

وأكد الشناوي على أن البدائل لإيجاد المياه العذبة عبر تحلية مياه البحر «مكلفة جدا ولا يمكن الاعتماد عليها اقتصاديا في الزراعة، وتصلح فقط لتوفير مياه الشرب في المناطق الخالية تماما من المياه».

إعداد وتقديم: جيهان لطفي  

مناقشة