في ظل الخلافات بين الرئيس والولايات... هل يقود النفط الصومالي البلاد إلى الاستقرار أم الفوضى؟

بدأت الصومال للمرة الأولى في تاريخها عمليات التنقيب عن النفط بعدما أعلنت عن مناقصة دولية لتطوير حقول النفط والغاز في مياهها الإقليمية في المحيط الهندي، حيث تعد آخر بلد إفريقي لم يتم اكتشاف النفط والغاز فيه بشكل شامل.
Sputnik

ويرى مراقبون أن تلك الخطوة ربما تأتي في توقيت غير مناسب نظرا للصراعات القبلية وبين الحكومة والولايات وأيضا في ظل خلافات سياسية حادة حول الانتخابات المقررة في 2021 والتي يرغب الرئيس الصومالي فرماجو في تأجيلها، الأمر الذي قد يزيد من الصراع والاحتقان الداخلي ما لم يتم التوافق على قانون لتقاسم الثروة بين الولايات.

توقيت الطرح

أردوغان: الصومال دعا تركيا للتنقيب عن النفط في مياهه
قال الباحث الصومالي في مركز المستقبل للحوار والدراسات بالنرويج آدم الشيخ حسن،

إن إعلان الصومال طرح مناقصات دولية للتنقيب عن النفط للمرة الأولى تعنى أن الدولة قامت بإجراء دراسات جدوى خلصت إلى نتيجة مفادها أن الاستثمار فى القطاع النفطى واعد، وبالتالى آن الأوان أن تشرع الصومال فى التنقيب وتخطو خطوات نحو المرحلة الثانية المتمثلة بإبرام العقود والبحث عن الجهات أو الشركات الدولية المناسبة لعقد الشراكة معها.

وحول رد الفعل الداخلي على هذا الإعلان قال الباحث الصومالي لـ"سبوتنيك" إن الاستكشافات البترولية في الصومال تشمل برا وبحرا، وما طرح للمناقصة هو سبع بلوكات بحرية، فبالتالى ربما لا تمثل أي مشكلة مباشرة للصومال، إذا تم إدارتها بصورة جيدة واستغلت مواردها للتنمية،  وطالما هى تقع فى البحر يمكن حمايتها بسهولة هناك عبر شركات دولية ذات سمعة عالمية دون أن تعكس أي آثار سلبية فى بر الصومال، ولكن ربما تسبب مشاكل أحيانا إذا كانت السلطة الحاكمة فاسدة من خلال استخدامها لموارد النفط للفساد وشراء الذمم في الانتخابات والمال السياسي المؤثر مثلما حصل في أنغولا.

النفط والانتخابات

هل تنجح الصومال في تخطي أزمة الانتخابات... بعد لقاء الرئيس وحكام الولايات؟
وأضاف الباحث الصومالي، إن هناك أمثلة في الدول المجاورة  حيث تسخر الحكومة الأنغولية موارد النفط لصالح المجموعة الحاكمة مما خلق نوع من الغبن داخل المجتمع.

وأشار حسن، إلى أن توقيت الطرح يأتي في الوقت الذي لم يتبق للحكومة الحالية سوى وقت قليل وهى مقبلة على الانتخابات، وهذا يدعو للتساؤل بأنها ربما ترغب الحصول على أموال لإعادة انتخابها من خلال العقودات التي ستبرم مع الشركات الدولية العاملة فى مجال البترول.

تأجيج الصراع

من جانبه قال مدير مركز مقديشو للدراسات عبد الرحمن عبدي، بكل تأكيد هذه الخطوة سوف تساهم في تأجيج الصراع السياسي والقبلي القائم أصلا في الصومال منذ حوالي 30 عاما، والسودان غير محصن محصن ضد الصراعات الدامية التي شهدتها العديد من دول العالم بسبب البترول كجنوب السودان ونيجيريا والعراق، لكنني أعتقد أن عملية المناقصات للتنقيب عن النفط والغاز في الصومال ليست إلا المحطة الأولى نحو رحلة طويلة قد تمتد لسنوات عديدة.

وأضاف مدير مركز مقديشو لـ"سبوتنيك"، "عملية انتاج النفط في الصومال لن تكون سهلة رغم إجازة قانون البترول وتعيين رئيس الهيئة الصومالية  للبترول وذلك بسبب غياب الأمن والاستقرار السياسي والآليات القانونية المنظمة".

مناطق غير مستقرة

شبح الفوضى يهدد الصومال بعد الإطاحة برئيس الحكومة
وتابع عبدي، يجب الإشارة إلى أن معظم آبار النفط المكتشفة تقع في ولايتي جوبالاند وجلمدغ والأوضاع الأمنية في تلك المناطق غير مستقرة وتنشط فيها مجموعات إسلامية وقبلية مسلحة كتنظيم الشباب، بالإضافة إلى أنه لا توجد رؤية مشتركة ومتفق عليها بين الحكومة الاتحادية والحكومات الإقليمية والكيانات السياسية الأخرى، بما فيها الأحزاب السياسية وأعيان القبائل حول تقاسم الثروات الطبيعية في البلاد وهذا  يشكل خيبة أمل كبيرة للشركات المهتمة بشراء حصص الكتل النفطية المكتشفة وانتكاسة لخطة الحكومة الصومالية تجاه بدء علمية التنقيب.

دلالات التوقيت

وأشار مدير مركز مقديشو، إلى أن إعلان بدء المناقصات الدولية للتنقيب عن النفط في هذا التوقيت يحمل دلالات ورسائل عدة لجهات محلية وإقليمية، وأعتقد أن الهدف الرئيسي منه هو صرف الأنظار عن الوضع السياسي المتأزم  وتخفيف الضغوط التي تتعرض لها الحكومة هذه الأيام، خصوصا بعد  سحب البرلمان الصومالي الثقة من رئيس الوزراء حسن علي خيري نهاية الشهر الماضي.

وقال المحلل السياسي الصومالي عبد الناصر معلم، إن الصومال بلد غارق الصراعات القبلية المتمثلة في نهب الأراضي الزراعية وحكم البلديات وتحصيل الضرائب فيها، ويتسم فيه التنظيم الإداري بالهشاشة، فمن المرجح أن تشكل الثروة النفطية المطروحة تغذية للصراعات بين أبنائه حول من يستحق الاستفادة من العوائد أكثر من غيره، وفاتحة لشهية أرباب الاختلاس والسرقة وجميع أنواع الفساد المالي.

التمديد للرئيس

لماذا في هذا التوقيت... ما هي المناطق الصومالية التي تنقب فيها تركيا عن البترول؟
وعن توقيت هذا الطرح قال المحلل السياسي لـ"سبوتنيك" إنه يأتي في وقت يجري فيه الحديث عن تمديد الفترة الرئاسية الحالية سنتين إضافيتين، وتحت إدارة حكومة مؤقتة بعد تنحية رئيسها بأغلبية برلمانية، فمن هذه الزاوية يمكن النظر إلى هذا الطرح كعربون بناء وتنمية من من الرئاسة والحكومة المؤقتة لكسب التمديد الذي تعترض عليه قوى محلية معارضة وربما قوى أخرى دولية.

وزارة الطاقة الصومالية

ووفقا للإعلان الذي نقلته وسائل إعلام صومالية الثلاثاء الماضي عن وزارة الطاقة والموارد المائية الصومالية، فإن المناقصة تطال سبع مقاطع بحرية، باحتياطيات تقديرية تصل إلى 20 مليار برميل من النفط.

وأشارت الوزارة إلى أن طلبات الحصول على التراخيص تمتد من 4 أغسطس الجاري وحتى 12 مارس 2021.

وأقر البرلمان الصومالي قانون النفط في فبراير الماضي، والذي وافق عليه الرئيس محمد عبد الله محمد ويتضمن القانون صياغة لتقاسم الأرباح بين الأطراف المعنية.

بدورها، أنشأت الحكومة الصومالية هيئة النفط الصومالية، التي ستنظر في طلبات المناقصة، ومن ثم تنظم قطاع النفط، الذي يعد قطاعا اقتصاديا جديدا في الصومال.

والصومال هي واحدة من آخر الدول الأفريقية التي لم يتم استكشاف النفط والغاز فيها بشكل شامل، ففي خمسينات القرن الماضي، بحثت عدد من شركات النفط الكبرى، بما في ذلك "شل" و"إيني" و"شيفرون"، عن النفط في الصومال، وتم تحديد عدد من المناطق الواعدة، لكن سلسلة من الحروب الأهلية في هذا البلد لم تسمح ببدء إنتاج واسع النطاق من الهيدروكربونات.

مناقشة