السودان... هل يعني تأسيس تحالف "حماة الثورة" بداية تفكك قوى الحرية والتغيير؟

أعلن نشطاء سودانيون عن تأسيس كيان جديد أطلقوا عليه "تحالف حماه الثورة"، ما أثار الكثير من التساؤلات حول مصير كيانات الثورة الكبرى ممثلة في قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين، وهل هذا الكيان يعد بديلا لها.
Sputnik

ويرى مراقبون أنه في ظل الانشقاقات والصراعات المتوالية التي دبت داخل الكيان الأكبر للثورة والمهدد بالتفتت، من المنتظر أن تكون هناك كيانات وتنظيمات كثيرة مختلفة في الرؤى والتوجهات، ويمكن أن تكون تلك الظاهرة مفيدة حال استقرار البلاد، لأن التنوع والاختلاف أحد أدوات الديمقراطية التي كانت أهم أهداف الثورة في السودان، لكن في ظل التشرذم والصراعات يمكن أن تؤدي تلك التنظيمات إلى مزيد من التعقيدات في المشهد السياسي السوداني.

مجلس الوزراء الانتقالي يعلق على مسألة رفع السودان من قائمة الإرهاب
أمر مشروع

قال عضو تنسيقية تيار الثورة السودانية القومية، معز مضوي، إنه من ضمن أهداف الثورة السودانية هى الحريات ومن ضمنها حرية التنظيم، فمن حق أي فرد أن ينظم ما يشاء، والثورة تحتاج إلى حماية وأن ينظم الشعب السوداني نفسه بعد 30 عام من القمع ومصادرة الحريات، حيث أصبحت الأجسام السياسية الموجودة ضعيفة أو متضررة بشكل كبير ولا تعبر عن طموحات الكثيرين من الأجيال الحديثة والشباب نتيجة لممارسات العهد البائد.

وأضاف عضو التنسيقية لـ"سبوتنيك"، أن التنظيمات الحالية تعاني من عدم التجديد في البرامج وعدم وجود دماء جديدة وشابة بها، وبالتالي هناك اتجاه من جانب الشباب نحو تأسيس أجسام ثورية جديدة تعبر عن طموحاتهم وعن فئات الشعب المختلفة سواء في مناطق النزاعات أو المناطق الأخرى، وبالفعل هناك تشكيلات جديدة ولكنني لا أعلم مسمياتها.

الصراعات داخل "قحت"

وحول تأثير تجميد تجمع المهنيين نشاطهم في قوى الحرية والتغيير ودوره في ظهور تنظيمات جديدة قال مضوي، في الحقيقة إن الثورة تمر بأزمة وصراع سياسي داخل أروقة قوى الحرية والتغيير، حيث أن قوى الحرية والتغيير تحالف عريض يضم عدد كبير من القوى السياسية والأحزاب، وليس من السهل أن نصف كل القوى الموجودة به أنها متناسقة ومتجانسة ومتناغمة، وأنهم في نفس المسارات، فهناك من يوصفون بأنهم قوى الهبوط الناعم وهم من قادوا الثورة إلى الشراكة مع العسكر، بعكس ما كانت تريده قوى الثورة وهو الحكم المدني الخالص بعيدا عن العسكر.

وأشار عضو التنسيقية إلى أن ادوار العسكر معروفة يقومون بها في الدولة المدنية، وهناك جناح آخر داخل قوى الحرية والتغيير كان مع هذا الرأي وهو ما أحدث نوع من الانشقاق، وأيضا هناك نوع من التصارع نحو السلطة والمصالح، كل هذا جعل من قوى الحرية والتغيير تحالف ضعيف في الآداء غير المتجانس ومهدد بالتفتت.

قيادي في الحرية والتغيير يكشف لـ"سبوتنيك" أسباب الخروج في مظاهرات 30 يونيو

التحالفات والثورة

وأوضح مضوي أن الثورات لا تبنى على التحالفات، فليس من أطلق الثورة القوى السياسية الموجودة داخل قوى الحرية والتغيير، فالثورة نظمت نفسها بنفسها من خلال لجان المقاومة بالأحياء، كانت ثورة شعبية بامتياز من خلال لجان المقاومة وانضمام الشخصيات الوطنية والشباب وأيضا بمشاركة القوى الوطنية والمطلبية، تلك هى القوى الحقيقية التي أطلقت الثورة، ثم جاء انضمام قوى الحرية والتغيير لاحقا.

وأوضح عضو تنسيقة الثورة، أن قوى الثورة الحقيقية موجودة وعلى اتصال ببعضها وهناك تناغم بينها، وهناك أيضا ورش عمل مشتركة وهى التي تقود الشارع وليس الأحزاب كما يبدو للبعض، الأحزاب في الشارع ليس لها قواعد نتيجة عمل النظام السابق على تفتيت الأحزاب نتيجة قانون الأحزاب أو القمع واغتيال الكواد وتشريدهم، لذا فإن تفتت الأحزاب ليس له أي تأثير، بالعكس تجمعها يمكن أن يكون مفيد للثورة.

 المقاومة صمام الأمان

من جانبه، قال بكري عبد العزيز، عضو تجمع المهنيين السودانيين، فيما يختص بتنظيم ما يسمى اتحاد "حماة الثورة" السودانية، إنه من حق أي مواطن أن يقول أنه من حماة الثورة، لكن الحقيقة تظل ثابتة ومعروفة أن لجان المقاومة هى الجسر الوحيد الذي حمى هذه الثورة وقدم التضحيات وهى التي كانت تقود مواكب تجمع المهنيين.

وأضاف بكري لـ"سبوتنيك"، أن أي جسم يمكن أن يدعى أنه من حماة الثورة حتى من داخل قوى الحرية والتغيير، لكن تظل المقاومة هي الذراع الذي تتكأ عليه الثورة من مساعدة الحكومة وتقوم بدور الرقيب على معظم الأنشطة في الشارع وتظل صمام أمان الثورة، وتقوم تلك اللجان حاليا بدور كان من المفترض أن تقوم به الدولة.

وأوضح بكري أن لجان المقاومة تقوم بدور الرقابة على الأسواق والأدوية والمؤسسات من أجل توفير والمحافظة على المستلزمات البسيطة التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية.  

وخاطب تحالف حماة الثورة الشارع السوداني في بيان له قائلا" إن ثورتكم المجيدة ثورة ١٩ ديسمبر/كانون الأول، ثورة تدل على سلامة الوعي السياسي للثوار الأشاوس في كافة تنظيماتهم المدنية، وهي ثورة شعب عشق الحرية وقد نالها بعد تضحيات جسام، قدم فيها شهداء تحلوا بالشجاعة الفائقة والبسالة النادرة والصمود والثبات حتى أدركوا النصر، ويتطلعون إلى المزيد بترسيخ النظام السياسي العادل النزيه والشفاف واستدامة الديمقراطية".

وتابع البيان "بعد التضحيات العظيمة التي قدمها شعبنا كان لزاما علي الثوار الشرفاء حراسة الثورة وتأمينها وهم يدركون حجم التآمر الاقليمي والمحلي عليها في زمن أصبح فيه أصحاب الأجندة الجهوية والمخابراتية وأزلام النظام المندحر يتحركون بلا حياة ولا خوف ولا خجل، استغلال مناخ الحريات استغلال بشع وتغليب لمصالحهم عن مصالح الوطن، وكان لزاما علي الثوار الشرفاء التحلي باليقظة والحذر لشدة التكالب علي الثورة، لذا انتظموا في لجان المقاومة والتزموا السلمية، قولا وفعلا".

ماذا ينتظر السودان بعد انسحاب تجمع المهنيين من قوى الحرية والتغيير؟

 وأضاف البيان "جماهير شعبنا الوفية، ولئن كنا قد رفضنا مشاريع الوصاية والهبوط الناعم فإننا لن نسمح لفلول النظام بالتحرك يتدثرون بأثواب البعض من قوى الثورة أو أعضاء مكونات حكومة الانتقال، إن اللقاء الذي اجتمع فيه لفيف ممن هم محسوبون على النظام المندحر بالسيد عضو المجلس السيادي طعنة غادرة في خاصرة الثورة، وحسنا كشفت لجان المقاومة الباسلة هذا الأمر للرأي العام ليأخذ حذره، فالبعض مازالوا يكيدون لينالوا من ثورتكم الفتية".

 وأكد البيان على أن" انتصار إرادتنا في تأسيس الدولة المدنية على أساس المواطنة يكمن في المحافظة على السلمية، وكشف أساليب الثورة المضادة ومحاصرتها وقطع الطريق أمام فلولها، لذا يتوجب علينا كثوار في كافة الميادين دعم لجان المقاومة والزود عنها وتقديم المساعدات اللازمة من تدريب وتأهيل وتوظيف في الأماكن الحساسة".

 ومنذ 21 أغسطس/ آب الماضي، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي.

مناقشة