هل يصل العراق إلى الانتخابات المبكرة رغم رفض المتظاهرين وصراع الأحزاب؟

يعيش العراق منذ أكتوبر/تشرين أول الماضي حالة من التخبط وعدم الاستقرار السياسي وغليان بالشارع.
Sputnik

 مادفع رئيس الحكومة الجديد مصطفى الكاظمي إلى الإعلان عن انتخابات مبكرة وسط رفض شعبي وسجال حزبي.. فكيف ستجرى تلك الانتخابات في هذا المشهد المرتبك؟

ويرى مراقبون أن تلك الدعوة هى نتيجة لصراع سياسي بين البرلمان والحكومة ولا علاقة له بمطالب الشارع التي لا تعدو أوراق لعب بيد الأطراف والكتل السياسية، ويؤكد هذا الأمر دعوة الحلبوسي رئيس البرلمان والتي تطالب بانتخابات"أبكر" لقطع الطريق على ما تم تسريبه عن طلب الكاظمي من رئيس الجمهورية برهم صالح استخدام سلطاته وحل البرلمان.

انتخابات "مبكرة أم أبكر"... ما حقيقة الصراع بين البرلمان والحكومة العراقية

وفي كل الأحوال قد تقود تلك الدعوات العراق إلى النجاة إذا ما تمت في ظروف طبيعية بعيدة عن المحاصصة والطائفية وفي ظل إشراف قضائي ودستور جديد، وترك المواطن يختار بحرية، أما إذا ما ظلت تلك الأوضاع كما هى فلا جدوى من تغيير الوجوة وسيظل العراق يعاني اقتصاديا وأمنيا وسياسيا لفترات طويلة قد تؤدي إلى تقسيم البلاد. 

رفض شعبي

قال عضو اللجنة المنظمة لتظاهرات العراق علي عزيز، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك" إن "اللجنة المنظمة ضد إعلان الكاظمي بإجراء انتخابات في يونيو/حزيران 2021، وهذا لا يعني أننا معارضون لأي عملية ديمقراطية، لكن يجب أن تكون العملية مكتملة الأركان، بأن تكون البلاد خالية من المليشيات ومن السلاح المنفلت".

وأضاف عزيز "كما يجب أن تكون هناك مفوضية انتخابات واضحة ومعلومة وصريحة ونزيهة وغير فاسدة أو متحزبة، كما يجب أن تكون المحكمة الاتحادية مكتملة الأعضاء، وأن يكون أعضائها موثوق بهم كي تتم المصادقة على نتائج الانتخابات فيما بعد".

اكتمال الأركان

وتابع عضو اللجنة المنظمة "نحن ثوار"، لكننا نؤمن بالعمل السياسي والديمقراطي، شرط أن يكون مكتمل الأركان التي تستند عليها أي عملية انتخابية لكي يكلل لها النجاح، وقد رأينا المزايدات بعد إعلان الكاظمي عن الموعد، حيث قال رئيس البرلمان نريد الانتخابات في موعد مبكر عن هذا، في الوقت ذاته أرادت كتل سياسية لديها مليشيات أن تكون الانتخابات في موعد أقرب، لأن تلك العملية الإنتخابية جرت في تلك الظروف سوف تضمن عودة الفاسدين إلى البرلمان وإلى سدة الحكم وكأن شيئا لم يكن.

وأكد عزيز على "الاستمرار في الثورة وأنه لا أمل الآن في إصلاح الحال، وأن استمرار الثورة حتى تحقق أهدافها هو الحل الوحيد، وبعد انتصار الثورة سوف نقوم بوضع الأسس الصحيحة لإقامة دولة المؤسسات والمواطنة".

صدمة شعبية

من جانبه قال أمين اتحاد القبائل العربية بالعراق ثائر البياتي، إن الفوضى القائمة في العراق وعدم وضوح توجه الكاظمي الحقيقي، أدى إلى إرباك من كان يٌعول على التغيير من خلاله وهذا شكل صدمة للكثيرين.

وأضاف أمين اتحاد القبائل لـ"سبوتنيك"، أن "موضوع الانتخابات والسجالات الحاصلة بين الكاظمي والأحزاب لن يستفيد منها الشعب العراقي، فهي مجرد مهاترات لا تسمن أو تغني من جوع لدى الشعب، وفي ظل بقاء سلاح المليشيات الولائية، وسلاح الأحزاب التشريعي لن ينجح الكاظمي بما تعهده سابقا، بل أثبت فشله  في ذلك من خلال أحداث وقعت وكان فيها مصير الكاظمي على المحك". 

وأوضح البياتي، "أن موقف الكاظمي المتردد والضعيف إن لم نقل الانبطاحي، يجعل علامات الاستفهام كثيرة تطرح عن حقيقة ما يجري، فالشعب لن يقبل لعبة القط والفأر بين الأحزاب والكاظمي، وسيقول كلمته التي ستغير من المعادلة على الأرض".

الرئيس العراقي يدعو إلى الإسراع باستكمال قانون الانتخابات

وأكد البياتي أن العراق مقبل على أحداث جسام والمنطقة عموما تغلي، والجميع بانتظار الشرارة الأولى التي ستفجر بركآن الشرق الأوسط.

حل البرلمان

أما أمين الحزب الوطني العراقي للتغيير الدكتور محمود السبعاوي، "فأكد أنه لا انتخابات مبكرة قبل حل مجلس النواب والحكومة التنفيذية والقضائية وإحالتهم إلى قضاء محكمة الشعب الثائر، وإعلان حكومة انتقالية بيد الشعب الثائر".  

وأضاف أمين الحزب الوطني لـ"سبوتنيك"، "إن ما قام به الكاظمي تصرف "أرعن"، فقد حدد يوم 6 حزيران/يونيو من العام القادم 2021 لإجراء الانتخابات المبكرة، وفاته أن الانتخابات المبكرة لن تجرى إلا بعد أن يحل مجلس النواب نفسه بنفسه بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه (النصف + 1) حسب البند الأول من المادة 64 من الدستور، من هنا تصبح دعوته غير قابلة للتنفيذ دستوريا، والشعب العراقي الثائر لايعترف بالدستور ولا بالنظام الفاسد برمته". 

وأشار السبعاوي إلى أن "قيادات ثورة تشرين ستظل تطالب بمنع ترشيح أي شخصية شاركت في العملية السياسية منذ 2003 ، كون تلك الشخصيات وأحزابها العميلة للأجنبي، المسؤولة عن الفساد والطائفية وتفشي القتل، كيف للعراقيين أن يعودوا إلى بدع وكذب صناديق الاقتراع والقوى والأحزاب والشخصيات المتنافسة هي ذاتها التي تتصدر العملية السياسية الفاسدة منذ 2003، كيف لهم أن ينتخبوا شخصية جديدة ونزيهة بعيداً عن المحاصصة والطائفية والحزبية وكل من سيرشح سيكون مهددا من هذه القوى، أليس من الأجدر أن يعمل الكاظمي على سن قانون الانتخابات في البرلمان قبل تحديد موعد الانتخابات المزعومة، أليس الأجدر أن يكشف "قتلة المتظاهرين"، وقد وعد بذلك".

أولويات الكاظمي

أما ما يتعلق برأي الشارع قال السبعاوي، "إن هناك مليونين  ونصف مليون عراقي في مخيمات اللجوء منذ ثلاثة عشر عامآ، أليس الأجدر بالكاظمي ومن معه أن يعيدوهم إلى منازلهم، إن مطالب الثوار ليست مستحيلة، بل هي خريطة طريق فعلية للانتقال من واقع العراق المزري إلى واقع أفضل واسترجاع العراق إلى مكانه الطبيعي بين الدول، وكل ما يقال إن تلك المطالب مستحيلة أو صعبة التحقق في غضون عام ونصف العام،  ما هي إلا محاولات حزبية قذرة وسياسة للتسويف والخداع".

ولفت أمين الحزب الوطني إلى أنه على الكاظمي أن يتذكر أن نسبة مشاركة العراقيين في انتخابات 2018 لم تتعد حاجز في المئة، لأن الشعب بات واعيا بأن الانتخابات ما هي إلا لعبة أحزاب وقوى سياسية فاشلة وقذرة، من أجل بقائها في مركب السلطة وبالتالي بقاء الحال على ما هو عليه، شعب مسلوب الإرادة ومنهوب وساسة وأحزاب فاسدين ينعمون بخيرات البلاد وينفذون أجندات خارجية حولت العراق ملعبا لتصفية خصومها".

المفوضية العليا في العراق تعلن استعدادها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد

وأعلن رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، إجراء انتخابات عامة مبكرة، وذلك في إطار الوفاء بالوعود التي قدمها عندما وصل إلى السلطة.

وتولى الكاظمي الحكم في مايو/ أيار، بعد أشهر من الاحتجاجات التي أجبرت سلفه، عادل عبد المهدي، على الاستقالة.

واندلعت الاحتجاجات في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، واستمرت لعدة أشهر، مع خروج الآلاف إلى الشوارع في العاصمة بغداد وفي أنحاء الجنوب.

وقالت حكومة الكاظمي إن 560 شخصاً قتلوا في الاحتجاجات منذ أكتوبر/ تشرين الأول، وقتل جميع هؤلاء تقريبا على أيدي قوات الأمن، وفقا لمستشار لرئيس الوزراء.

واشتكى المتظاهرون من استشراء الفساد وصعوبة الأوضاع المعيشية، مطالبين بتغيير النظام السياسي.

وشهدت أحدث الانتخابات، التي أجريت في عام 2018، أقل نسبة إقبال بلغت 44.5 في المئة، وفقا لبيانات رسمية، ويعتقد مراقبون أن الإقبال الحقيقي كان أقل بكثير.

وإلى جانب الأزمة السياسية التي استمرت عدة أشهر، يعاني العراق أيضا من انكماش اقتصادي كبير بسبب تأثير جائحة كورونا.

مناقشة