حرب نفسية وصفقات أسلحة ثقيلة سرية لضرب الأمريكان في العراق

صراع يعيشه العراق على أراضيه التي شهدت تمرير أسلحة ثقيلة وفق صفقات سرية أبرمتها جهات سياسية نافذة لاستهداف البعثات الدولية والسفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء المحصنة أمنيا التي تتخذها الحكومة الاتحادية مقرا لها.
Sputnik

وسرعان ما لوحت الولايات المتحدة الأمريكية في تهديدات ضغط مارستها على الحكومة العراقية، بنقل سفاراتها التي تعد أكبر سفارة في العالم، من بغداد إثر الهجمات بالصواريخ المستمرة، إلى مركز إقليم كردستان، لتلاحقها الصواريخ مجددا واستهدفت أربيل.

تسلط "سبوتنيك" الضوء على آخر مستجدات عزم الولايات المتحدة الأمريكية نقل سفارتها من بغداد إلى أربيل، لتفتح على الحكومة العراقية باب أزمة جديدة تضاف إلى أزمات مالية واقتصادية وصحية خانقة من عدم توفر رواتب إلى انخفاض أسعار النفط وارتفاع إصابات كورونا - كوفيد 19.

يقول المستشار العسكري السابق العراقي، صفاء الأعسم، في تصريح لمراسلة "سبوتنيك" في العراق، اليوم، إن موضوع نقل السفارة الأمريكية من بغداد إلى أربيل مركز إقليم كردستان، تأخر لأسباب أن الولايات المتحدة راجعته جيدا، و أن مجرد أن يكون هناك انسحاب من العاصمة العراقية ونقل السفارة، أعطى قراءات وصلت بشكل أكثر دقة للأمريكان، أنها ستؤثر على الانتخابات الأمريكية وخاصة على الرئيس دونالد ترامب".

ويرى الأعسم، أن عزم الولايات المتحدة الأمريكية نقل سفارتها من بغداد، أشبه بالتهديد، والقرار يحتاج إلى دقة أكثر ودراسة، وقد توصلوا إلى أنه أمر صعب جدا خاصة نحن نتكلم عن عاصمة، والنقل سيكون حلقة زائدة وبالتالي تأخر الكثير من العقود.

واعتبر أن المتضرر بنقل السفارة هي الولايات المتحدة الأمريكية وليس العراق، لان استيراد الدولة العراقية، من السلاح الأمريكي والكثير من الأمور بين البلدين على مستوى استثمار ونفط ودفاع وجانبين اقتصادي ومالي.

ردع

وعن تكليف اللواء الركن حامد الزهيري قائد القوات الخاصة لتأمين وحماية المنطقة الخضراء والبعثات الدولية والسفارات ومنها الأمريكية في بغداد، ينوه الأعسم إلى أن الحل الذي سيصير في المستقبل هو حد للهجمات الصاروخية التي تستهدف السفارة الأمريكية والخضراء، وهذا يحتاج إلى جهود دبلوماسية وسياسية واتفاقيات مع تدخل المؤسسة العسكرية العراقية.
وتابع الأعسم، أن هكذا أمور لا تصدر من مواطن عادي بقدر ما تصدر من جهة لديها قوة إمكانية على مستوى مال وسلاح، ولهذا هكذا أمور لا تحتاج تدخل عسكري فقط بل حل سياسي دبلوماسي على مستوى اتفاقيات لأن السلاح الذي وصل بيد الذين يستهدفون السفارة هو أصلا ليس من داخل العراق، بل جاء من الخارج من إحدى دول الجوار.

وعد أن توريد السلاح من إحدى دول الجوار إلى العراق، خطر جدا لأنه لا يمكن أن يدخل سلاح إلى البلد بدون موافقة الحكومة الاتحادية.

وإذا ما كانت إيران هي الدولة التي جاء السلاح منها، أوضح الأعسم بقوله:

لا نلقي التهم على بلد بقدر ما نلقيها على جهات خارجة عن القانون، وإيران رفضت التعامل هذا وشجبت سياسة الضرب على الخضراء، لا نستطيع أن نحدد إيران لأن هذا قرار ولا نستطيع أن نعطي هكذا قرار إلا بعد أن يأتي تدقيق من قبل الحكومة المركزية".

ولفت المستشار العسكري السابق، في ختام حديثه، إلى أن السلاح الذي دخل العراق من إحدى دول الجوار لاستهداف السفارة الأمريكية، هو ثقيل يصل إلى جهات خارجة عن القانون لا يمكن أن يصل بيد مواطن عادي، بل إلى جهات رسمية.

حرب نفسية

ويلفت المحلل السياسي العراقي، نجم القصاب في حديث لمراسلتنا، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ربما تستخدم الحرب النفسية ضد بعض الفصائل التي كانت ومازلت تهدد بضرب المصالح والسفارة الأمريكية في بغداد والمدن العراقية والضغط على رئيس مجلس لوزراء على أن يقوم بمحاسبة ومتابعة من هي هذه الجهات التي تقوم بهذه الضربات.
وأضاف القصاب، الأمر الأخر تحاول الولايات المتحدة خصوصا حكومة ترامب كسب الجمهور لأنها مقبلة على انتخابات ويتخوف من عدم كسب الأصوات خصوصا من المعارضين الديمقراطيين لاسيما انه بدأ يستخدم القوة لضرب هذه الجهات التي تستهدف المصالح الأمريكية.
وأكمل، أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول إحراج إيران التي تعاني ما تعاني من هذه الأزمات وعدة ضغوطات والعقوبات الأمريكية عليها في الفترة الماضية خصوصا في فترة كورونا.

موقف حكومي

وأفاد القصاب، أن الحكومة الاتحادية بدأت تستثمر من خلالها بإحراج هذه الجهات التابعة لقوى سياسية وعسكرية المدعومة من قبل إيران، التي تستهدف السفارة الأمريكية والمنطقة الخضراء التي تضم البعثات الدولية، "إننا نواجه ضغوطات أمريكية وربما عقوبات اقتصادية ينبغي عليكم التوقف عن ضرب هذه الأهداف".

تدخل عسكري

أكد المتحدث العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول، في تصريح لمراسلتنا، أن الذين يستهدفون المنطقة الخضراء والسفارة الأمريكية بصواريخ "الكاتيوشا" هم عصابات، وقد وجه القائد العام باعتقالهم ومحاسبتهم وفق القوانين القضائية العراقية.
ووصف رسول الجريمة التي راحت ضحيتها 3 أطفال وامرأتين، وإصابة طفلين بالبشعة إثر سقوط صواريخ استهدفت عائلة مدنية منطقة البوشعبان (البوعامر) قضاء الرضوانية غربي بغداد، يوم 28 سبتمبر/أيلول الماضي.

خطر

وألمح الدكتور سعدون حسين الباحث العراقي في العلاقات الدولية، في حديث لمراسلتنا، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعي جيدا ً خطورة إغلاق سفارتها في بغداد، وهي  سفارة إقليمية تعد الأكبر في العالم.
ويعتقد حسين، أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تغلق سفاراتها في بغداد، قد يكون هناك خفض تمثيل دبلوماسي لكن الغاية من هذا الكلام هو إشعار حكومة بغداد بالحفاظ على أمن وسلامة البعثات الدبلوماسية وعلى هذا الأساس ابلغ رئيس الخارجية الأمريكية بومبيو رئيس وزراء العراق أن الولايات المتحدة الأمريكية جادة في مسألة غلق سفاراتها.
ويقول إن رسالة بومبيو هي وسيلة ضغط وستتخذ الحكومة العراقية إجراءات ردع كفيلة بالحفاظ على أمن وسلامة البعثات الدبلوماسية في بغداد.
وذكر حسين، بطبيعة الحال طبقا للاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بداية من اتفاقية هافانا عام 1928 للموظفين الدبلوماسيين، وأيضا اتفاقية الأمم المتحدة للموظفين الأممين سنة 1946 واتفاقية فينا للعلاقات القنصلية سنة 1963 كل هذه الاتفاقيات ذات العلاقة تؤكد على حرمة البعثات الدبلوماسية والدولة المستضيفة لها الحفاظ عليها لأنها تعتبر جزء من الوطن الأم يعني طبقا لنظرية الامتداد الإقليمي، والعراق ملزم بالحفاظ على حرمة البعثات الدبلوماسية.
وتابع، خلال الفترة الأخيرة المنصرمة بدأت تشهد عمليات انطلاق صواريخ على السفارة الأمريكية مرارا وتكرارا واشتدت في الأيام الأخيرة بالتالي من حق الولايات المتحدة الأمريكية كدولة أن تخبر العراق على ضرورة الحفاظ على مقر سفاراتها في بغداد وبالتالي حينما اشتدت هذه الضربات الولايات المتحدة هددت بغلق سفاراتها في بغداد طالما الأخيرة لا تستطيع حماية امن السفارات.

رسالة إلى إيران

وبشأن ما إذا حمل وزير الخارجية العراقي، رسالة من الحكومة إلى طهران أثناء زيارته إيران 26 سبتمبر الماضي، يوضح حسين، أن الغاية الرئيسية من زيارته لتبادل العلاقات الثنائية وتفعيل الاتفاقيات المعقودة بين البلدين، والزيارة مفاجئة قد تحمل رسالة شفوية من رئيس مجلس الوزراء العراقي إلى إيران أو رئيس جمهورية الإيرانية تأخذ في نظر الاعتبار التطورات الأخيرة وربما تحمل أمرا ما مستجد في المنطقة يهم البلدين.
وأشار حسين، إلى أنه حسب تصريحات الرسمية لوزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أن الأساس من زيارته إلى إيران لتفعيل الاتفاقيات بما يتعلق بالحدود والمياه والتبادل التجاري بين البلدين.
وأختتم الباحث العراقي في العلاقات الدولية، أن زيارة وزير الخارجية إلى إيران قد تحمل بعض الرسائل المهمة إلى إيران طبقا للمصالح المشتركة والأمن الإقليمي في المنطقة، والعراق دائما حتى في زيارة الوزير إلى طهران أكد على ضرورة استقلال المنطقة والابتعاد عن التمحور وإبعاد العراق عن الصراعات.
وتعرضت السفارة الأمريكية، الكائنة في المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد، إلى هجمات مستمرة بصواريخ "كاتيوشا"، طيلة الشهور والسنوات الماضية، فيما لا تزال أرتال قوات التحالف الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإرهاب، تستهدف بتفجيرات عبوات ناسفة على طرق انسحابها من الأراضي العراقية في العاصمة ومحافظات وسط وجنوبي البلاد.

مناقشة