في ظل استمرار سياسة الحصار... كيف يمكن لسوريا التغلب على العقوبات الأمريكية؟

في إطار ما يعانيه الاقتصاد السوري من أزمات متلاحقة، خاصة في ظل انتشار فيروس كورونا وتداعياته الاقتصادية الخطيرة، تستمر الولايات المتحدة الأمريكية في سياسة الحصار الاقتصادي بفرض المزيد من العقوبات على دمشق.
Sputnik

وفرضت الولايات المتحدة، عقوبات على المصرف المركزي السوري، وتم إضافة سبعة أشخاص وتسع شركات إلى قوائم العقوبات.

وقال مراقبون إن "العقوبات الأمريكية المستمرة تستهدف حصار الشعب السوري"، مؤكدين أن "رغم الظروف الصعبة من الممكن السيطرة عليها، ومحاصرة الحصار لكنه يتطلب جهود كبيرة".

صحيفة: قانون قيصر وراء قطع كهرباء سوريا عن لبنان

عقوبات جديدة

وكتب وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو على "تويتر": "فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 18 فردا وكيانات أخرى لدعمها آلة الأسد الحربية وعرقلة الجهود المبذولة لإنهاء الصراع السوري. نحن نقف إلى جانب الشعب السوري ونعيد تأكيد دعمنا لطريق السلام المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن رقم 2254".

وفي العاشر من الشهر الماضي، اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، إجراءات ضد مسؤولين عسكريين سوريين وأعضاء البرلمان وكيانات الحكومة وأشخاص سوريين ولبنانيين ممن يحاولون إحياء صناعة النفط المتدهورة في سوريا.

وعلى وجه التحديد، أضاف بيان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، 7 أفراد و10 كيانات إلى قائمة الرعايا المعينين بشكل خاص والأشخاص المحظورين، حيث تركز هذه العقوبات على الأفراد والكيانات.

وقال وزير الخزانة ستيفن منوشين: "وزارة الخزانة مصممة على الاستمرار في ممارسة الضغط الاقتصادي على نظام الأسد ومؤيديه للقمع الذي يمارسه النظام".

غل يد بايدن

الدكتور أسامة دنور، المحلل السياسي والاستراتيجي، والعضو السابق في الوفد السوري الحكومي المفاوض في جنيف، قال إن "إدارة ترامب فيما تبقى لها من زمن في البيت الأبيض تحاول أن تترك إرثا غير قابل للعكس بصورة تقولب سياسة إدارة بايدن القادمة، وتحد من حرية حركتها في العديد من القضايا الإشكالية والمختلف عليها ما بين الإدارتين".

وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "العقوبات والإجراءات أحادية الجانب التي تفرضها إدارة ترامب تجاه سوريا تجعل يد إدارة بايدن في عملية التفاوض مغلولة، وتحد من قدرتها على المناورة، وتحاول أن تجعل إمكانية فض الاشتباك السوري - الأمريكي، والروسي - الأمريكي حول سوريا، ضعيفا أو شبه معدومة".

وتابع: "العقوبات الأمريكية الجديدة على البنك المركزي السوري تعقد بلا شك إجراءات العمل، ولكن تأثيراتها ومآلاتها النهائية على الاقتصاد السوري قد لا تكون بالفعالية ذاتها"، مؤكدا  أن

"الإدارة الأمريكية سبق لها أن غطت مختلف مناحي النشاط الاقتصادي والمالي السوري العام والخاص بمروحة عقوباتها التي لا تنتهي، وحرية تعاملات البنك المركزي السوري مع الخارج عبر تحويل الأموال للاستيراد والتصدير والعمليات المالية هي شبه معدومة من الأساس نتيجة العقوبات العديدة السابقة".

وأشار إلى أن "إمكانيات الالتفاف على هذه العقوبات الأمريكية قائمة، والولايات المتحدة باتكأئها على سلاح العقوبات ضد دول عديدة وهامة إقليميا كسوريا وإيران، وحتى على قوى عظمى كالصين وروسيا، إنما تشجع على إيجاد وتأسيس البدائل المالية العالمية والطرق الالتفافية حول هذه العقوبات، والتي ستتحول لاحقا إلى منظومات جديدة متكاملة وثابتة بعيدا لربما عن دور منظومة الـ swift وسيطرة الدولار، ورقابة الاحتياطي الفدرالي".

أمريكا تعتزم الاستمرار في سياسة العقوبات ضد سوريا في إطار "قانون قيصر"

واستطرد: "وغالبا ما كانت النظم الجديدة هي نتيجة الاضطرار إلى إيجاد البدائل عن النظم السائدة، وهذا السيناريو تدفع به إدارة ترامب إلى الأمام، من حيث تدرك أو لا تدرك، عبر حربها الاقتصادية مع القوى الأكثر نفوذا اقتصاديا في العالم".

فانصياع المشهد المالي الدولي للحقائق الصاعدة للاقتصاد العالمي – والكلام لا يزال على لسان دنورة- هو أمر حتمي، حتى وإن استغرق من الزمن ما يتطلبه الانتقال التدريجي من مشهد عالمي إلى آخر".

وأوضح أن "بعض العقوبات الأخرى كانت بهدف الإساءة والتشهير ببعض رجال الأعمال الذين يعملون على تجاوز العقوبات على بلادهم، وبهدف التضييق على مساعيهم هذه، وبالصورة العامة فمما لا شك فيه أن الآليات التي ستتبلور لتجاوز تأثيرات هذه العقوبات ستحقق فعالية معقولة في ظل تعاون الدول الحليفة والصديقة في النطاقين الإقليمي والدولي".

محاصرة الحصار

جانبه قال الدكتور على الأحمد، السياسي السوري، وعضو أكاديمية الأزمات الجيوسياسية، إن "أي تقدير أن هذا الحصار الاقتصادي على سوريا لن يكون له أي تأثير أو تأثيره سوف يكون قليلا ليس صحيحا، خاصة أنه ليس على سوريا بشكل مباشر لكن يشمل كل الجهات التي تتعامل مع سوريا".

وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "هناك الكثير من الجهات التي ترغب في التعامل مع سوريا لكن لديها تعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية أو شركائها، بالتالي لديهم مخاوف من التعاون مع سوريا، لأن حجم التبادل المالي والتجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية كبير جدا فتخشى من أن تفقد هذا التبادل فيفضلون مصلحتهم على التعامل مع سوريا، على الرغم من أن ليس لديهم رغبة في عدم التعامل أو قطع العلاقات مع دمشق".

وتابع: "فيما يتعلق بالبنك المركزي بطبيعة الحال البنك المركزي هو صلة الوصل بين كل القطاع المصرفي في سوريا وبين سوريا والعالم، بالتالي هناك أيضا تأثير لأن لا يوجد اقتصاد بلا مال"، مؤكدا أن:

"أكبر تأثير على الاقتصاد السوري هو أن أي اقتصاد في العالم يعيش وفق معايير وأعراف تعود عليها وعندما تريد أن تغير هذه المعايير هذا أمر يحتاج إلى فترة طويلة، عندما تعيد نمذجة الاقتصاد على واقع فيه حصار يحتاج لعقل مبدع وحلول غير تقليدية ويحتاج إلى توافر الإمكانات إضافة لتوافر الإيرادات الدنيا وليست العليا فقط".

وأكمل: "وهذه ليست قليلة في مكان ما مطلوب إعادة تأهيل البنية التشريعية في سوريا حتى تتمكن من الخروج من هكذا أزمات، لذلك مسألة الاستخفاف بها أو تبسيطها غير صحيح ولكن ليس مستحيلا على الإطلاق محاصرة الحصار وإعادة تأهيل البنى التحتية السورية بحيث تتمكن من استعادة عافيتها دون أمريكا وخارج حلفائها لكن تحتاج إلى جهود كبيرة جدا".

عقوبات أمريكية متكررة على سوريا... ما البدائل أمام دمشق للالتفاف على قانون قيصر؟

وتخضع سوريا لعقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أدت إلى تجميد الأصول الأجنبية المملوكة للدولة ومئات الشركات والأفراد.

وتعتزم الولايات المتحدة الاستمرار في سياسة العقوبات ضد سوريا في إطار "قانون قيصر" الذي وقعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل عام.

ووقع ما يسمى بـ "قانون قيصر" من قبل رئيس الولايات المتحدة في 20 ديسمبر/كانون الأول 2019. وتمنح هذه الوثيقة الإدارة الأمريكية الحق في فرض إجراءات تقييدية ضد المنظمات والأفراد الذين يقدمون مساعدات مباشرة وغير مباشرة للحكومة السورية.

وكذلك مختلف التشكيلات المسلحة العاملة في البلاد والتي، بحسب الولايات المتحدة، مدعومة من قبل سلطات سوريا وروسيا وإيران.

وأدانت الخارجية السورية حزمة العقوبات هذه، وقالت الخارجية السورية في بيان لها إن الوثيقة "تستند إلى أدلة كاذبة لفقتها أطراف معادية للشعب السوري".

مناقشة