الناصرية... هل تعيد الثورة مرة أخرى إلى الشارع العراقي؟

كشف إعلان الحراك الجماهيري،السبت في مدينة الناصرية التابعة لمحافظة ذي قار العراقية السيطرة على ساحة الحبوبي بالمدينة، وانضمام عناصر من الجيش لهم، عن أن هدوء الأيام الماضية لم يكن سوى نار تحت الرماد، وأن التضحيات التي قدموها في الشهور الماضية مازالت وقودا للتغيير.. فهل تحمل الناصريه لواء التغيير في الأشهر القادمة؟
Sputnik

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، السفير السابق في الخارجية العراقية، الدكتور قيس النوري، إن "عودة الاحتجاج في مدينة الناصرية تأكيد على استمرارية رفض الشارع العراقي لسياسات حكومة المنطقة الخضراء، وتأكيد على أصالة وعمق الحراك الشعبي وفشل السياسات والإجراءات الترقيعية لاحتواء الغضب ورفض الشارع لها".

وزير الداخلية العراقي: سنتسلم الملف الأمني و3 محافظات لا يوجد فيها قيادات عمليات.. فيديو

وأضاف لـ"سبوتنيك": "ما يجري في العراق يجسد بوضوح أن الشعب لن يقبل بغير التغيير الشامل لمنظومة الحكم التي أوصلت البلاد إلى ما هى فيه من سوء إدارة ومحاصصة طائفية مرفوضة، وسرقة المال العام ومنهج الإفقار الذي يعاني منه المجتمع العراقي".

وتابع النوري: لذلك فإن حراك مدينة الناصرية إنما هو تعبير عن موقف شعبي يمثل كل مدن العراق، وهو مرشح لأن يعيد للحراك في بغداد وباقي المدن العراقية الأخرى زخمه السابق، الذي واجه عنف السلطة التي لم تتورع في استخدام الرصاص الحي في محاولة احتوائه، وأسفر عن سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى.

وأكد أن الناصرية اليوم تعبر برمزية عالية عن ثورة شعبية سلمية فريدة تتحدى ببطولة نادرة قمع سلطة دموية، هذه الثورة بهذا الإصرار النادر وبرغم التضحيات الجسمية لا بد لها من الانتصار على القوى الظلامية الفاسدة.

من جانبه، قال الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي اللواء مؤيد الجحيشي:
ما حدث في مدينة الناصرية هو علامة على أن الفكر الشبابي في البلاد قد انفصل عن الفكر الولائي أو المذهبي في الجنوب، كما أن احتلال تنظيم داعش الإرهابي (المحظور في روسيا)، للمحافظات الغربية انفك فكرة عن موضوع الأسلمة والجهاد وقتال الشيعة والروافض، هذا الشباب الذي يمثل جيل التواصل الاجتماعي بعيدا عن الفكر الظلامي، حيث استطاع هذا الجيل تثقيف نفسه والإبحار في لحظة حول العالم لمعرفة ما يريد.

وأضاف لـ"سبوتنيك": "هذا الشباب وفقا لما رأيته من فكر يبتعد كثيرا عن الموروثات الفكرية التي لا تتقبل الفكر الأخر، هم أحرار يريدون وطن ديمقراطي حر تسود فيه المواطنة لا يهمهم الملة أو المذهب، لذا فإن هؤلاء وهم المحركون لمعظم الاحتجاجات لا يمكن لأحد أن يسيطر عليهم باتجاه أو ولاء واحد، إذا سألت أحد هؤلاء الشباب فسوف يخبرك بأنه لا علاقة له لا بالشيعة ولا السنة ولا بإيران".

التغيير الشامل

وأشار الخبير الأمني إلى أن معظم السياسيين الكبار من البعثيين والشيوعيين والقوميين العرب كانوا من الناصرية، تلك المدينة التابعة لمحافظة ذي قار ذات الدلالة من حيث الاسم ولم يتحرش بها أي من الأنظمة السابقة، فهى مجتمع قومي عروبي و له خصوصية ثقافية وعشائرية متنوعة.

وأوضح الجحيشي أن
ما حدث اليوم في الناصرية يمكن أن يمثل انطلاقة جديدة للاحتجاجات في البلاد بعد أن سيطر شبابها على المدينة وساندتها الحلة والنجف وواسط والبصرة.

ولفت إلى أن الشعب العراقي اليوم ليس لديه أي قابلية إلى التوجه لأي استحقاق سياسي بما فيه الانتخابات المزمع عقدها منتصف العام الجاري، حيث أصبح لدى الكثيرين قناعة بأنه لا فائدة من أي عملية سياسية هدفها تغيير الوجوه دون السياسات، يريدون تغيير جذري، ومعظم الشباب من 18-30 جميعهم على رأي واحد.

العراق... تنفيذ حكم الإعدام بحق 21 شخصا في سجن الناصرية

وأعلن بيان صادر عن خلية الإعلام الأمني بالعراق، مقتل أحد عناصر الشرطة وإصابة 33 آخرين خلال احتجاجات وقعت اليوم الأحد، في مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار.

و تمكن متظاهرون عراقيون من السيطرة على ساحة الحبّوبي، بمدينة الناصرية في محافظة ذي قار، عقب صدامات مع الأجهزة الأمنية، التي حاولت منعهم من الوصول إلى الساحة.

وانطلقت من قرب الساحة، والمناطق القريبة منها، احتجاجاً على اعتقال الناشطين، والتضييق الحاصل في الساحة، قبل أن تتحول إلى صدامات مع القوات الأمنية، التي أطلقت الرصاص الحي في الهواء لمنع المتظاهرين من الوصول إلى ساحة الحبّوبي.

وتشهد المحافظة منذ يومين احتجاجات واسعة، للتنديد باعتقال السلطات المحلية الناشط في الاحتجاجات الشعبية إحسان أبو كوثر، وملاحقة آخرين.

وأعلنت وزارة الصحة والبيئة، أمس السبت، إرسال جرحى التظاهرات من الحالات المعقدة للعلاج خارج العراق.

والشهر الماضي، أبرم اتفاق بين الحكومة العراقية والمتظاهرين في المحافظة بشأن إنهاء الاحتجاجات، مقابل عدم ملاحقة المتظاهرين غير المتورطين بأعمال عنف، والتعاون مع القضاء لإطلاق سراح المعتقلين، والسماح بعودة الاعتصامات وقتما شاء المتظاهرون.

وانطلقت شرارة الاحتجاجات في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019 بشكل عفوي، ورفعت مطالب تنتقد البطالة وضعف الخدمات العامة والفساد المستشري والطبقة السياسية التي يرى المتظاهرون أنها موالية لإيران أو الولايات المتحدة أكثر من موالاتها  للشعب العراقي.

مناقشة