بعد عشر سنوات على ثورة يناير... لا تزال الحدث الذي يرسم المستقبل في مصر

لم يتصور أحد أن الدعوة التي أطلقتها صفحة (كلنا خالد سعيد) على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، للتظاهر يوم الثلاثاء 25 كانون الثاني/ يناير 2011، سوف تفجر ثورة تطيح بنظام حسني مبارك مجهضة مشروع توريث الحكم لنجله جمال.
Sputnik

"ملائكة الثورة"... كيف عالجت مستشفيات الميدان جرحى "ثورة يناير"
القاهرة - سبوتنيك. وخالد سعيد شاب من الإسكندرية لقي حتفه على يد أفراد من الداخلية خلال عملية توقيف لم يكن لها أي صلة بالسياسة، وإثر وفاته أطلق مجموعة من النشطاء حملة باسمه للمطالبة بالقصاص من قاتليه، وعقب الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 14 يناير/ كانون الثاني 2011 أطلقت دعوة للتظاهر ضد سياسات الأمن في اليوم الذي تحتفل فيه الداخلية بعيد الشرطة المصرية.

بعد مرور عشر سنوات على 25 يناير، لا زالت الثورة الحدث الأبرز في التاريخ المصري الحديث. فللمرة الأولى في تاريخ الجمهورية المصرية، يجبر حاكم على التخلي عن السلطة بثورة شعبية، شارك فيها الملايين من المصريين في كافة أنحاء مصر، ولا تزال هي الحدث الذي يرى أنصاره وأعداؤه المستقبل على ضوء ما حدث خلاله.

انطلقت الثورة في يناير/ كانون الثاني 2011، واستمرت تطالب برحيل الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، حتى اضطر للتخلي عن السلطة في 11 فبراير/ شباط، لتنهي في 18 يوما، ليس فقط حكما استمر لثلاثين عاما، ولكن أيضا العقد الاجتماعي للجمهورية المصرية التي تأسست في 1953، مانحة للرئيس صلاحيات مطلقة وسلطة أبوية، هذا العقد الاجتماعي الذي أمن للحاكم السلطة مدى الحياة، بل واختيار من يليه فيها.

وبالإضافة لمكانتها في التاريخ المصري الحديث، يمكن النظر لثورة يناير على أنها الحدث الذي شكل وعي وثقافة الجيل الذي صنعها واختبرها، بحيث أصبح تقييم أي حادث آخر بعلاقته بثورة يناير. الصحفي والباحث الاقتصادي محمد جاد، الذي كانت مشاركته في الثورة بداية تغير رئيسي في حياته كما يؤكد، قال في حديثه لسبوتنيك "كانت المرة الأولى في حياتي التي أرى فيها هذه الحشود الضخمة، متحدة ومصرة على هدفها، لم يكن هذا مشهدا مألوفا بالنسبة لجيلي، وأعتقد لأجيال عديدة في مصر".

وتابع جاد "عندما أصبحت هذه الحشود في الشوارع والميادين، عرفت أن مصر مقبلة على تغيير كبير وغير معتاد، في بداية يوم 25 يناير لم تكن الأمور واضحة بما يكفي، كان انتصار الثورة في تونس خلق الأمل في مصر، ولكن لم يكن هناك تصور واضح عما سيجري، وفي نهاية اليوم أصبح واضحا أن عجلة الأحداث تدور سريعا، وأدركنا وقتها أن لا شيء سيعود كما كان".

السيسي يوجه التحية لـ"ثورة 25 يناير": حققت مطالبها في حياة نبيلة
ولكن يبقى يوم 28 كانون/ الثاني يناير هو اللحظة الفاصلة، عندما انهارت قوات الأمن في مواجهة المتظاهرين وخلت الشوارع إلا من الثوار، هذا ما يؤكده جاد قائلا "كانت لحظة فريدة، أن نرى قوات الأمن الضخمة عاجزة عن فض الحشود، ثم نراها تنكسر أمامها وتخلي الميادين والشوارع، كان النظام يسقط في هذه اللحظة، لأن النظام ببساطة اعتمد بشكل حصري على قدراته الأمنية دون مشروع سياسي أو اجتماعي، فكانت نهايته مع أول لحظة عجزت في قدراته الأمنية على مواجهة الحشود الغاضبة".

ما بعد الثورة لم يكن يشبه ما قبلها، فالكثير من الأمور تغيرت بحسب جاد، "بالنسبة لي كصحفي، الثورة أعطتنا فرصة للكتابة لم تكن متوفرة من قبل، ليس بسبب الرقابة أو السلطة، ولكن بسبب غياب الاهتمام أساسا، فما كنا نكتبه قبل الثورة كما لو كان يلقى في البحر، بعد الثورة كان هناك اهتمام كبير بما نكتبه، معدلات توزيع الصحف قفزت بقوة، وأصبح هناك مردود لما نكتبه، كانت أصداء ما نكتبه قوية وكانت تحفزنا على المزيد من العمل، الكثير جدا من القراء كانوا يرسلون لنا ملفات فساد لنكتب عنها في الصحف، وقضايا لنعالجها، أصبحنا نعمل للرأي العام ونتفاعل معه ويوجهنا، عملت بالصحافة لسبع سنوات قبل الثورة، ولكن عملي بعد الثورة لا يشبه عملي قبلها".

مناقشة