46 جنديا فلسطينيا وسوريا يرقدون في أضرحتهم بعد 1400 يوم

لأكثر من 1400 يوم، بقيت أعين مقاتلي "لواء القدس"، الفصيل الرديف للجيش العربي السوري، شاخصة إلى حيث يرقد 46 من رفاقهم تحت ركام أحد المباني المدمرة في حي "جميعة الزهراء"، على الأطراف الغربية لمدينة حلب.
Sputnik

لطالما حاول الجنود الفلسطينيون والسوريون في هذا الفصيل الرديف للجيش السوري، التسلل إلى ذلك المبنى وانتشال جثامين رفاقهم، وبين محاولة وأخرى، قضى الكثير منهم نحبه تحت ضربات المدفعية الثقيلة والرشاشات والكمائن المتقدمة التي كان يلاحقهم بها تنظيمي "جبهة النصرة" و"أحرار الشام"، (تنظيمات محظورة في روسيا) وباءت جميع المحاولات بالفشل، ليبقى رفاقهم في تحت الركام.

الجنود الـ 46، كانوا قد قضوا في أيار 2016 جراء نفق حفره مسلحو تنظيمي "جبهة النصرة" و"أحرار الشام" الإرهابيين تحت المبنى الذي يحرسونه في حي (جمعية الزهراء) عند التخوم الغربية لمدينة حلب، وفي مثل هذه الأيام من العام الماضي 2020، نجح جنود الجيش السوري وحلفائهم، بتحرير الحي، لينطلقوا على الفور إلى انتشال جثامين رفاقهم من الركام الذي لطالما رمقوه من موقعهم حيث يرابطون في الجهة المقابلة من خط التماس، ليتحول مع الأيام إلى ما يشبه ضريحا مقدسا بعدما تعشقت جثامين رفاقهم بكتله الإسمنتية وبأعشابه التي نمت مع مرور الأيام على سطوحها.

46 جنديا فلسطينيا وسوريا يرقدون في أضرحتهم بعد 1400 يوم

وباشرت عمليات انتشال جثامين الجنود نشاطها عقب نجاح الجيش العربي السوري وحلفائه بتحرير (جمعية الزهراء) في شباط 2020، وخلال الأشهر الماضية تم التعرف على هويّاتهم من خلال تحاليل الـ DNA، ليتم تشييعهم إلى مثواهم الأخير يوم أمس، السبت 6 فبراير/ شباط 2021، في موكب مهيب جال أحياء مدينة حلب من شرقها إلى غربها بمشاركة جمعٍ غفيرٍ من أهالي المدينة.

46 جنديا فلسطينيا وسوريا يرقدون في أضرحتهم بعد 1400 يوم

في حفل تأبين حضره نائب رئيس هيئة الأركان السورية رئيس اللجنة الأمنية والعسكرية بحلب اللواء سليم حربا، إلى جانب قائد لواء القدس المهندس محمد السعيد وعدد من ضباط جيش التحرير الفلسطيني، رمقت أعين الأمهات رفات أبنائهن لأول مرة وهم يرقدون ضمن توابيت معرّفة سطرت عليها أسماؤهم، ومع ذلك فقد بقي جميع من فيها أبنائهن جميعا، تماما كما كان عليه الأمر قبل إتمام عمليات الاستعراف على جثامينهم.

46 جنديا فلسطينيا وسوريا يرقدون في أضرحتهم بعد 1400 يوم

وكان مقاتلو "لواء القدس" ارتقوا في 3 من أيار عام 2016، إثر تفجير نفق مفخخ حفرته التنظيمات المسلحة قرب منطقة (القصر العدلي) في حلب، ليتبع التفجير هجوم بالقذائف الصاروخية ومحاولة المسلحين اقتحام المدينة من جبهة (المخابرات الجوية) المحصنة، والتي تعرضت لمئات محاولات الاقتحام على مدى سنوات الحرب الأولى.

وشكل خط تماس (القصر العدلي) (المخابرات الجوية) جبهة ساخنة مع المجموعات المسلحة "الجهادية" المتمركزة في منطقة جمعية الزهراء، ورغم إسرافها في استعمال الانتحاريين والمفخخات، إلا أنها عجزت عن اختراق مدينة حلب عبر هذه الخاصرة المتينة.

46 جنديا فلسطينيا وسوريا يرقدون في أضرحتهم بعد 1400 يوم

وتشكل "لواء القدس" بداية الحرب على سوريا، معتمدا في قوامه العسكري على أبناء (مخيم النيرب) للاجئين الفلسطينيين، الواقع على الأطراف الشمالية لمدينة حلب، وكان ذلك بعد دنو مسلحي التنظيمات الإرهابية من أطراف المخيم، ليذهب سكانه إلى تشكيل مجموعات مقاتلة رديفة للجيش السوري، بهدف حمايته من الهجمات الارهابية التي استهدفته مراراً وتكراراً في سياق محاولات اقتحامه، كما جرى عليه الحال في مخيمات المحافظات الأخرى.

46 جنديا فلسطينيا وسوريا يرقدون في أضرحتهم بعد 1400 يوم

وشارك "لواء القدس" في العديد من المعارك وكان له فضل كبير في صد الهجمات الإرهابية على مدينة حلب طيلة أعوام الحرب، حيث تمركز مقاتلوه في العديد من النقاط بمحيط المدينة وداخلها، وأهمها حي (جميعة الزهراء) الذي كان يتعرض لهجمات من تنظيمات "جبهة النصرة" و"أحرار الشام" طيلة أيام الحرب.

وبدعمٍ عسكري روسي في العتاد وتدريب المقاتلين، شارك "لواء القدس" كتفا إلى كتف مع جنود الجيش السوري في العديد من المعارك على رقعة الجغرافية السورية: من إدلب إلى حمص وحماة ودرعا ومحيط دمشق، إضافة إلى معارك البادية السورية ضد تنظيم "داعش" (المحظور في روسيا وعدد من الدول) في تدمر وريف دير الزور، كما لعب "اللواء" الرديف دوراً هاماً في فك الحصار عن مدينة دير الزور.

مناقشة