الراعي يطالب بتدويل الملف اللبناني... ماذا يعني ذلك وما تأثيره على الأوضاع؟

في استمرار الأزمات الاقتصادية والسياسية في لبنان، وفشل جميع الأطراف في التوصل لصيغة تفاهمية يتم على أساسها تشكيل حكومة جديدة، خرجت بعض المبادرات لحلحلة الأزمة من بينها مقترح "تدويل الملف اللبناني".
Sputnik

واقترح البطريرك الماروني بشارة الراعي، في أول دعوة من نوعها "تدويل الملف اللبناني، قائلاً إن "وضع لبنان المنهار يستوجب أن تطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة".

في عظة الأحد... الراعي: عناد المسؤولين اللبنانيين يشككنا في نواياهم الوطنية

وأوضح الراعي أن الغرض من المؤتمر هو "توفير ضمانات دائمة للوجود اللبنانيّ تمنع التعدّي عليه، والمسّ بشرعيّته، وتضع حدًّا لتعدّديّة ​السلاح​، وتعالج حالة غياب سلطة دستوريّة واضحة تحسم النزاعات، وتسدّ الثغرات الدستوريّة والإجرائيّة، تأمينًا لاستقرار النظام، وتلافيًا لتعطيل آلة الحكم أشهرًا وأشهرًا عند كلّ استحقاق لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة ولتشكيل حكومة".

فشل المبادرات

وبرر الراعي دعوته بأن "جميعَ المبادرات والوساطات اللبنانية والعربية والدولية قد استنفذت من دون جدوى، وكأن هناك إصرارًا على إسقاط الدولة بكل ما تمثل من خصوصية وقيم ودستور ونظام وشراكة وطنية".

ونعى البطريرك الماروني على "أصحاب السلطة" أنهم "في مكان مع مصالحهم وحساباتهم وحصصهم، والشعب في مكان آخر مع عوزهم وحرمانهم وجوعهم".

وعن أسباب تأخر تشكيل الحكومة، أوضح أن "تغلّب المصالح الشخصيّة والفئويّة وعجز المسؤولين عن التلاقي والتفاهم"، هو سبب هذا التأخير، مؤكدا على وجوب "المجاهرة بأنّ وضع لبنان بلغ مرحلةً خطيرةً تُحتِّم الموقف الصريح والكلمة الصادقة والقرار الجريء".

وقرر الراعي أن "السكوت جزء من الجريمة بحقّ لبنان وشعبه، وغسل الأيادي اشتراك في الجريمة" مشدّدا على أنّه "لا يجوز بعد اليوم لأي مسؤولٍ التهرب من المسؤولية ومن الواجبات الوطنية التي أنيطت به تحت أي ذريعة"، معللا رؤيته تلك بأن "الوضع تخطى ​الحكومة​ إلى مصير الوطن، وعليه، كل سلطة تتلاعب بهذا المصير وتتخلى عن الخيار الوطني التاريخي تفقد شرعيتا الشعبية".

وأشار الراعي إلى ما وصفها بأعظم جريمة في حق لبنان وشعبها قائلا: "شعبنا يحتضر والدولة ضمير ميت، جميع دول العالم تعاطفت مع شعب لبنان إلا دولته، فهل من جريمة أعظم من هذه؟"، موضحا "أننا نادينا فلم يسمعوا. سألنا فلم يجيبوا، بادرنا فلم يتجاوبوا" مقررا أنه "لن نتعب من المطالبة بالحق، وشعبنا لن يرحل، بل يبقى هنا، سينتفض من جديد في الشارع ويطالب بحقوقه، سيثور، ويحاسب".

البطريرك الماروني يدعو لعقد اجتماع مصالحة بين الحريري وعون

تدخل مطلوب

الناشط المدني والسياسي اللبناني رياض عيسى، قال إن "البطريرك الماروني بشارة الراعي يرى منذ فترة أن الأزمة اللبنانية لا يمكن حلها داخليًا، فمنذ انفجار مرفق بيروت وهو يطالب بتحقيق وتدخل دولي في كافة خطاباتته الموجهة للرأي العام اللبناني والعالمي".

وأضاف عيسى في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "اللبنانيين يرون أن وصول لبنان لحائط مسدود جاء بسبب عدم قبول الطبقة السياسية الحاكمة بتقديم أي تنازلات للمساهمة في حلحلة الملفات الشائكة، خاصة ملف تشكيل الحكومة".

وتابع الناشط اللبناني: "اليوم الراعي يقول إن لا بديل عن تدخل دولي للضغط على الأطراف لتشكيل الحكومة، حيث يتمسك ويتصلب كل طرف بموقفه، ويرفض التنازل، لا لتشكيل الحكومة أو لتحريك عجلة الاقتصاد وتسهيل أمور المواطنين وتحسين الوضع المعيشي للجماهير اللبنانية".

وأكمل: "التساؤل المطروح هو إمكانية تأثير خطاب البطريرك على سياسة ورأي المجتمع الدولي، من المفترض أن يكون هناك ضعط شعبي ودولي يلاقي خطاب الراعي، يجب أن يكون هناك تحركات شعبية على مستوى الشارع، وسياسيا ودبلوماسيا على مستوى صناع القرار في الخارج، للتدخل من أجل إنقاذ لبنان".

وأكد أن "اللبنانيين لا يستطيعون الانتظار فترة طويلة حتى تشكيل الحكومة، فالأوضاع تتفاقهم وتزداد سوءًا، سواء على المستوى الاقتصادي أو الصحي أو المعيشي، وبات من الصعب الآن للبنان الانتعاش والرجوع لسابق عهده دون تدخل دولي".

تفاهم داخلي

بدوره، قال عضو مجلس النواب اللبناني، النائب قاسم هاشم، إن "أزمة تشكيل الحكومة فتحت النقاش على مصراعيه أمام مبادرات ومحاولات متعددة لإحداث أي كوة في جدار أزمة التأليف".

وأضاف هاشم في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الأمور لم تصل إلى نتائج حتى اليوم، واحتدام الأزمة على كافة مستوياتها دفع البعض للذهاب إلى طروحات جديدة، منها مطالبة البطريرك بتدويل الملف اللبناني دوليًا".

البطريرك الماروني يتحدث عن اغتيال لقمان سليم ويوجه رسالة إلى قيادات الدولة

وتابع النائب اللبناني: "هذه فكرة لدى صاحبها قد تتفق وتختلف الآراء حولها لأن مسألة التدويل لها الكثير من المحاذير في ظل المصالح الدولية وتقاطعها وتضاربها والتي قد تدخلنا في متاهات نحن بغنى عنها خاصة وأن تعقيدات الأزمة الراهنة داخلية وتقف عند حدود المصالح والمكاسب السياسية لهذا الفريق أو ذاك".

وأكد أن "لهذه الأسباب تقع المسؤولية تقع على عاتق اللبنانيين للتفاهم على صيغة لحكومة قادرة وفاعلة لتعالج الأزمة وتبدأ بخطوات إنقاذية سريعة لإخراج لبنان من الدرك الذي وصلت إليه الأمور".

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كلف الرئيس اللبناني ميشال عون سعد الحريري بتشكيل حكومة، ليعلن الأخير في مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، أنه قدم إلى رئيس الجمهورية "تشكيلة حكومية من 18 وزيرا من أصحاب الاختصاص، بعيدا عن الانتماء الحزبي"، إلا أن عون أعلن اعتراضه على تشكيلة الحريري، معتبرا أنه شكلها دون الاتفاق معه من خلال تفرد بتسمية الوزراء.

مناقشة