مجتمع

أندراوس شابو... "السرياني" الذي حمل على عاتقه تراث الجزيرة السورية..فيديو

يتنقل بين مقتنيات متحفه المنزلي الذي ورثه من أبيه وأكمله خلال مسيرة طاولت الأربعين عاماً، وكأنه يعانق عقودا طويلة مرت على أرض الجزيرة السورية التي تذخر بتراثها الشعبي المتنوع والثمين.
Sputnik

يشير بيده قائلا في تصريحات لوكالة "سبوتنيك": "هذه قطعة تراثية خاصة بأبناء العشائر العربية، وهذه أرمنية، وتلك سريانية، أما هذه فهي كردية خالصة". وكأنه يعدد مكونات ولغات وقوميات عاشت منذ مئات السنين على هذه الأرض الخيرة، قبل أن يستدير إلى جهة أخرى ويقول: "تلك القطع كلها تراث مشترك لجميع المكونات القومية".

أندراوس يوسف شابو (63 عاماً)، سوري سرياني حول منزله في مدينة القامشلي شمالي محافظة الحسكة إلى متحف يزخر بقطع تراثية لم تستثن أي تفصيل في حياة الانسان في الجزيرة السورية، وكل منها تعطي لمحة عن تطور الحياة في هذه البقعة الجغرافية، والذي عجزت عنه جميع المؤسسات الثقافيةوالتراثية الخاصة والعامة وحتى الدينية في محافظة الحسكة.

أندراوس شابو... "السرياني" الذي حمل على عاتقه تراث الجزيرة السورية..فيديو

تركة لا تقدر بثمن

جمع السيد شابو ووالده الراحل كل هذه المقتنيات التي يصل عددها إلى 300 قطعة أثرية بمختلف الأحجام لشدّة حبّهما وشغفهما فيها وتمسّكهما بتراث محافظتهم الحسكة بشكل عام، والتي تعرضت معالمها إلى اعتداءات وسرقة خلال سنوات الحرب الماضية.

أندراوس شابو... "السرياني" الذي حمل على عاتقه تراث الجزيرة السورية..فيديو

يقول أندراوس شابو في حديثه لمراسل "سبوتنيك" في الحسكة: "إضافة لشغفي بجمع والمحافظة على التراث المادي، إلا أنها تركة وورثة لا تقدر بكنوز وذهب من أبي الذي أفنى 35 عاماً من عمره في جمع الجزء الأكبر والأهم منها من القرى والبلدات والأرياف الجزراوية المتناثرة والمتباعدة والتي تمتاز كل واحدة منها بقصصها موروثها الخاص بينهم الكثير من القطع النادرة المندثرة والمنقرضة".

أندراوس شابو... "السرياني" الذي حمل على عاتقه تراث الجزيرة السورية..فيديو

يتابع شابو حديثه عن والده، بالقول: "إن والدي كان دائم التجوال في قرى منطقة الجزيرة، ويشتري القطع والأدوات من أهالي القرى أو يحصل عليها منهم، وكان يأتي بها إلى منزلنا ويضعها في غرف خاصة بها، كون أغلبها هي قطع لها تاريخ متجذّر في محافظتنا الزراعية بشكل كبير، وحرصت على الاحتفاظ بها وزيادة عددها خلال السنوات الماضية من خلال تجوالي انا ايضاً في المناطق والقرى ،لتكون دلائل مادية ثمينة للأجيال القادمة لتوضح بساطة المعيشية والجمال الفني والروحي والتعايش الحقيقي لأبناء الجزيرة وسوريا بشكل عام".

أندراوس شابو... "السرياني" الذي حمل على عاتقه تراث الجزيرة السورية..فيديو

واعتبر شابو أن متحفه المنزلي ملكاً للمجتمع السوري برمته "لأنه تراث وحقيقة موجودة عاشت حقبة طويلة ولابدّ من التعريف بها، لهذا أنا أفتح باب منزلي مجاناً لكل الزوار تشجيعاً لحضورهم الذي يُسعدني جداً".

قطع نادرة

ويتضمن المتحف المنزلي (لآل شابو) مقتنيات تنوعت لتشمل الكثير من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية التي لها علاقة مباشرة بالحياة اليومية لأبناء الجزيرة، ومنها أقدم ختم عرفته الجزيرة السورية ذو حجم كبير لم يعرف تاريخه بضبط ولما كان يستخدم ،وآلة تصوير قديمة مصنوعة من الخشب عمرها أكثر من مئة عام، وهي آلة التصوير كان يقف صاحبها في مكان ما في شوارع السوق تعتمد على الماء في عملية التصوير وغطاء قماشي من اللون الأسود يستعمله المصور لإخفاء الضوء ضمن عدسة التصوير حين البدء في التقاط الصورة، كما يضم المتحف أقدم حذاء (جاروخ) يصل عمره الزمني إلى أكثر من 100 عاماً أيضاً، بحسب شابو.

أندراوس شابو... "السرياني" الذي حمل على عاتقه تراث الجزيرة السورية..فيديو

يشرح السيد أندراوس لــ "سبوتنيك" : كما يضم المتحف بين مقتنياته كل أنواع الفوانيس والقناديل التي كانت تعمل عبر الفتيلة والكاز ،والأدوات والأواني التراثية التي كان يستخدمها سكان الجزيرة السورية في عمليات الطبخ والطهي، وصناعة القهوة العربية من الكمكم إلى المهباج إلى الدلال والفناجين، وإسراج الخيول ومقص حلاقة صوف الغنم (الزو) إلى أمتعة ومفارش النوم والجلوس في البيوت المدنية والبدوية وأسرة الأطفال الرضع (الدركوشة) كما يطلق عليها سكان الريف بلهجتهم.

أندراوس شابو... "السرياني" الذي حمل على عاتقه تراث الجزيرة السورية..فيديو

 ومن ضمن محتويات المعرض التراثي، توجد بيضة نعامة حجمها كبير يقدر عمرها بعشرات السنين، وأدوات زراعية قديمة كانت تستخدم بحراثة وزراعة الأراضي وعمليات الحصاد مثل المنجل وبأحجام مختلفة ومتنوعة وأدوات منزلية قديمة، بالإضافة للعملات السورية القديمة، وصولاً إلى الآلات الموسيقية الخاصة بريف الجزيرة ومدنها ومنعها الربابة والناي ( الزمارة ) ،والنورج أو ما يسمى بالعربي الجرجر وهو آلة طحن القش وتحويله إلى تبن ومغازل الصوف بأنواعها والشجوه أو قودوا أو الصميل وهي عبارة عن جلد الماعز أو الغنم الذي استخدم قديماً لاستخراج الزبدة من اللبن والسمن العربي المشهور في ريف الجزيرة، كما يضم أقدم آلة خياطة في المنطقة وأسرَة أطفال وأدوات للصيد.

دعوة للمعرفة

ودعا السيد أندراوس يوسف شابو جميع أبناء الجزيرة السورية والسوريين بشكل عام لزيارة معرضه التراثي المنزلي المجاني في منزله بمدينة القامشلي ( المعروفة بمدينة الحب والسلام ) ليستمتعوا بجمال وإبداع آبائهم وأجدادهم السوريين من كل المكونات، خصوصاً المقتنيات التي يجهلونها من أدوات وتراث ليبقى ماضينا حاضراً معنا ومحمولاً بوجداننا للمستقبل.

مناقشة