ماذا يقصد ستورا ... بقوله "لا يمكن إصلاح ما أفسد في قرون بكلمة واحدة"

اعترف المؤرخ الفرنسي، بنجامان ستورا، خلال مشاركته في منتدى نظمته "مؤسسة جان جواس" الفرنسية، بصعوبة تحقيق المصالحة بين الجزائر وفرنسا بسبب الماضي الاستعماري، معتبرا أنه لا يمكن إصلاح ما أفسد في قرون بكلمة واحدة.
Sputnik

ويعتقد ستورا بأن سياسة "الخطوات الصغيرة" التي تعتمدها باريس في التعاطي مع قضية الذاكرة، من شأنها أن تقود إلى تجاوز هذه العقبة الصعبة، وفقا لما نقله موقع "مؤسسة جان جواس" الفرنسية الرسمي.

وذكّر المؤرخ الفرنسي ستورا "بأن هذه السياسة التي تميز التعامل مع قضية استعمار الجزائر، من قبل السلطات الفرنسية، لم تأت من فراغ، وإنما بعد نضالات امتدت لعقود، ليس فقط من قبل جزائريين، وإنما من نخب وبعض الساسة الفرنسيين، رأوا في الماضي الاستعماري لبلادهم في الجزائر غير مشرف وفيه الكثير من الإجرام والمآسي".

ولفت ستورا في هذا الصدد، إلى التصريحات التي صدرت عن عدد من المسؤولين الفرنسيين الذين أدانوا الاستعمار وأفعاله وممارساته، بمن فيهم الرؤساء، وعلى رأسهم، الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون، عندما كان مرشحا للرئاسة الفرنسية، حيث وصف الاستعمار بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، وسلفه في قصر الإيليزي، فرانسوا هولاند، الذي وصف النظام الاستعماري بـ"الظالم"، بالإضافة إلى الكثير من السياسيين والباحثين الفرنسيين.

تفاصيل ومعلومات تكشف للمرة الأولى... أكثر من نصف الأرشيف الفرنسي يتعلق بالجزائر

وبرأي ستورا فـ"حلحلة مسألة الذاكرة، راجع إلى تحول الاستعمار بما انطوى عليه من سلبيات، إلى مادة دسمة للبحوث العلمية والتاريخية في السبعينيات من القرن الماضي، قليل من كان يبحث في الاستعمار أما اليوم فهناك موجة من البحث في هذه الظاهرة على مستوى فرنسا، وهذا يعتبر تسريعا في ملف الذاكرة".

ولفت ستورا إلى "آخر اعتراف من السلطات الفرنسية بمسؤولية فرنسا في اغتيال المناضل ومحامي "جبهة التحرير الجزائرية"، الشهيد علي بومنجل، مهمة على طريق البحث عن المصالحة بين الذاكراة، والتي تبقى مؤجلة".

 وقال ستورا: "التقدم صعب على طريق المصالحة، لكن كلما نخطو بخطوة ولو صغيرة، يعتبر تقدما".

وتحدث بنجامان ستورا عن حساسية هذه القضية في كل من الجزائر وباريس، وعبر عن اندهاشه من هول التداول الإعلامي المثير في القنوات الفرنسية، عندما تثار قضية الاعتذار الفرنسي للجزائر، تماما كما هو الحال في الجانب الجزائري، عندما يصدر تصريح من مسؤول فرنسي يرفض من خلاله تقديم باريس للاعتذار.

الرئيس الفرنسي يقرر كشف السرية عن أرشيف للدولة يتضمن وثائق عن الجزائر

وحمّل المؤرخ الفرنسي  ستورا "حرب الذاكراة" بين الجزائر وفرنسا، لمن وصفهم أنصار "الامبراطورية الاستعمارية الفرنسية"، وكان يشير هنا إلى الأقدام السوداء و"الحركى" وبعض الأوساط اليمينية المتطرفة". وتأسف لأن البعض يحاول توظيف الذاكرة من أجل الانتقام، كما قال، هناك ذاكرة ضد الاستعمار.

ولاحظ بنجامان ستورا "هناك من لا يريد مسح الذاكرة لكنه يريد أن يتقدم نحو الأمام، وربما هذا هو توجه الأجيال الجديدة، هناك من يريد علاقات جديدة بين الجزائر وفرنسا".

وأشار إلى أنه في السابق كان كلا من اليمين المتطرف واليساريين يدافعون عن الاستعمار، وإن كان اليمين متفقا على الدفاع عن الاستعمار، إلا أن اليسار مشتت بين مدافع ومنتقد لهذه الظاهرة، على غرار المحامية جيزال حليمي والسياسي منداس فرانس الذي استقال من منصبه كرئيس للوزراء إبان الثورة التحريرية الجزائرية.

وكان ماكرون، قد كلف بنجامين ستورا، أحد أبرز الخبراء المتخصصين بتاريخ الجزائر الحديث، في تموز/يوليو الماضي "بإعداد تقرير دقيق ومنصف حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر" التي وضعت أوزارها عام 1962 وما زالت حلقة مؤلمة للغاية في ذاكرة عائلات ملايين من الفرنسيين والجزائريين.

مناقشة