هل أثارت اتفاقية بكين وطهران قلق واشنطن بسبب تأثيرها على عقوبات أمريكا؟

وسط محاولات إيرانية لكسر حالة الحصار الاقتصادي التي فرضتها الإدارة الأمريكية عليها على مدى سنوات طويلة عبر سلاح العقوبات، نجحت طهران في توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي مع بكين، أثارت قلق واشنطن.
Sputnik

وبحسب التلفزيون الإيراني، وقعت الصين وإيران على وثيقة للتعاون الاستراتيجي الشامل، مدتها 25 عاما، ومن المتوقع أن تشمل الاتفاقية، التي لم تعلن تفاصيلها النهائية بعد، استثمارات صينية في قطاعي الطاقة والبنية التحتية في إيران.

بوغدانوف والجبير يبحثان الوضع في سوريا ولبنان وبرنامج إيران النووي

وقال مراقبون إن "الاتفاقية الموقعة هدفت إلى وضع موطئ قدم للصين في الشرق الأوسط، خاصة في الملف الإيراني الأمريكي"، مؤكدين أن "الاتفاقية تمثل فرصة حقيقية لتهرب طهران من العقوبات الأمريكية".

اتفاقية استراتيجية

وقال سعيد خطيب زاده المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية للتلفزيون الرسمي "هذه الوثيقة عبارة عن خارطة طريق كاملة تشمل بنودا سياسية واقتصادية استراتيجية تغطي التعاون في مجالات التجارة والاقتصاد والنقل. مع التركيز تحديدا على القطاع الخاص في الجانبين".

وأعلننت وزارة التجارة الصينية الخميس الماضي إن بكين ستبذل جهودا لحماية الاتفاق النووي الإيراني والدفاع عن المصالح المشروعة للعلاقات الصينية الإيرانية.

وأدلت الصين بهذه التصريحات بعدما أفادت "رويترز" بأن إيران نقلت "بصورة غير مباشرة" كميات قياسية من النفط إلى الصين في الشهور الأخيرة وسجلت على أنها إمدادات من دول أخرى، حتى إن بيانات الجمارك الصينية أظهرت أنه لم يتم استيراد نفط إيراني في أول شهرين من العام الحالي.

ورد الرئيس الأمريكي، جو بايدن على سؤال أحد الصحفيين عما إذا  كان الرئيس الأمريكي قلق من الشراكة بين الصين وإيران، قائلا، "لدي قلق تجاه الشراكة المتزايدة بين الصين وإيران منذ سنوات".

ووصف الدكتور عماد ابشناس، المحلل السياسي الإيراني اتفاقية التعاون التي وقعتها طهران مع بكين، بالفرصة الحقيقية لخروج إيران من العقوبات القاسية التي تفرضها الإدارة الأمريكية.

وقال لـ "سبوتنيك"، تمنح هذه الاتفاقية الضخمة الصين موطئ قدم قوية في الشرق الأوسط، حيث من الممكن أن تتحول الاتفاقية إلى تحالف أو محور تشترك فيه الدول التي تقف ضد أمريكا، مشيرًا إلى أن الصين وقعت الاتفاقية لأنها تعاني هي الأخرى من الضغوط الأمريكية.

وأكد أن الاتفاقية الموقعة تزعج الإدارة الأمريكية، وهي ما جعل الرئيس الأمريكي جو بايدن يخرج لينتقدها، ويندد بها، خاصة إذا ما انضمت دولً قوية لهذا المحور، مثل روسيا.

استراتيجية إيرانية

في سياق متصل، يرى الدكتور محمد محسن أبوالنور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسيات الإيرانية (أفايب)، أن اتفاقية التعاون الاقتصادية الاستراتيجية بين إيران والصين، تؤكد أن هناك رغبة من علي خامنئي المرشد الأعلى الإيراني الذي صاغ الاتفاقية بنفسه وأشرف عليها، لدفع الصين للانخراط في كل ملفات الشرق الأوسط وعلى رأسها الملف الإيراني.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تريد إيران أيضا من هذه الاتفاقية تعقيد العلاقات الصينية الأمريكية، خاصة في ظل التوتر الذي أحدثه اختراق الصين للاستراتيجية الأمريكية العظمى بعد أن قامت بمناورات بحرية مشتركة مع طهران، وهي الأولى منذ الحرب العراقية الأمريكية، وهذا ما يجعل الصين منخرطة بقوة في أزمات الشرق الأوسط، بعد أن باتت ضامنًا دوليًا كبيرًا من حيث تسليح ودعم اقتصاد إيران.

خامنئي أيضا هدف من هذه الاتفاقية إلى كسر حدة العقوبات الأمريكية، ليس عن طريق التفاوض، بل عن طريق فتح مجال آخر مع الصين، حيث تتعامل بكين مع طهران في شراء النفط، دون أن تخضع للعقوبات الأمريكية، بحسب قول أبوالنور.

الخزانة الأمريكية تعلن فرض عقوبات على شركتين من ميانمار

الأكثر خطورة هنا – والكلام لا يزال على لسان رئيس منتدى أفايب- هو أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لم يوقع عقوبات على الموانئ الاستراتيجية والأماكن التي اختارتها الصين لتكون إحدى أهم نقاط طريق الحرير، فبات ميناء جابهار الإيراني (الميناء الوحيد غير المدرج تحت العقوبات الأمريكية)، أهم مرتكزات مبادرة الحزام والطريق التي تفتح الصين من خلالها المجال أمام نقل البضائع الصينية للشرق وأوروبا، حيث لم تعد الوجهة الصينية الأهم في هذا الطريق، بل الأساسية والوحيدة.

وفيما يتعلق بعدم الإعلان عن بنود الاتفاقية الموقعة، قال أبو النور إن الإيرانيين صرحوا بأن الصين تحفظت على إعلان كل المبادئ حتى لا تثير حفيظة وإزعاج أمريكا، مؤكدًا أن العلاقات الإيرانية الصينية في ضوء هذا التعاون الاستراتيجي تخصم من كل أرصدة وأسلحة الضغط الأمريكية على طهران في ملفات عدة من بينها الملف النووي، والبرنامج الباليستي ودور إيران في الإقليم.

وفي عام 2016 وافقت الصين، أكبر شريك تجاري لإيران وحليفتها القديمة، على زيادة التبادل التجاري بأكثر من عشرة أمثاله إلى 600 مليار دولار خلال العقد المقبل.

مناقشة