ما حقيقة ضلوع "الجنجويد" في جرائم غرب دارفور بالسودان؟

كشفت أحداث غرب دارفور الأخيرة عن هشاشة الوضع في الإقليم المشتعل منذ ما يقرب من عقدين من الزمان.
Sputnik

فمن هو الفاعل الحقيقي الذي يقف وراء تلك الأحداث، وهل ما يحدث صراع قبلي أم تطهير عرقي تقف ورائه مليشيات الجنجويد كما يردد البعض؟

المدير الأسبق لإدارة الإعلام برئاسة الجمهورية السودانية إبان حكم البشير أُبي عزالدين عوض، يقول: "المجزرة الأخيرة التي حدثت في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور ليست الأولى في عهد حمدوك، وهذه الخلافات القبلية في عموم الولايات الغربية، أو في مجتمع غرب دارفور لم تتوقف طوال عقود من الزمان، و ربما تم تحجيمها في عهد الإنقاذ، بسبب نظام الحكم المعتمد على الانضباط وعلى الإدارات الأهلية والمجالس التشريعية المنتخبة في الولايات، مما يعطي لمواطني وزعماء القبائل حق الجهر بالرأي داخل المجالس التشريعية المنتخبة، وأما الوضع الحالي فليس فيه أي انتخابات أو برلمانات تعبر عن رأي المواطنين وممثليهم داخل أطر قانونية ودستورية".

صراع قبلي

 وفي حديثه لـ"سبوتنيك" قال عوض: "هذا بالإضافة إلى اهتمام الحكومات المتعاقبة في عهد البشير بمشاريع التنمية والبناء والتوسع في التعليم الولائي والتوعية في الأرياف، مما شغل الناس وقتها عن الصراعات غير المنتجة، واتجه الناس آنذاك إلى التعمير والعمل و المشاركة في مسيرة التنمية".

إجراء سوداني تحسبا لإقدام إثيوبيا على الملء الثاني لسد النهضة في يوليو
وتابع، "في العامين السابقين عقب "انقلاب" ثورة 11 أبريل/نيسان 2019، واعتلاء دكتور عبدالله حمدوك للسلطة التنفيذية، فقد توقفت مشاريع التنمية في طول البلاد وعرضها، وبدأت تبرز للسطح توترات ومشاحنات عنيفة بين مكونات الاقليم الواحد، إما لقلة الموارد أو لسوء توزيعها أو لتعقيدات اجتماعية نفسية تتعلق بالصراعات القبلية، وذلك في ظل غياب تام لقدرة الولاة والمسؤولين المدنيين التابعين لأحزاب قوى الحرية والتغيير على الضبط والربط والقيام بشؤون الحكم، فكان أبلغ وصف للوضع الحالي عبر بيان لأطباء ولاية غرب دارفور" إن قوى الثورة غارقة في خلافاتها وانقساماتها وصراعاتها المصلحية، والإعلام لا يرى خارج الخرطوم سودانا"، بحسب وصفهم.

الجنجويد والدعم السريع

وحول اتهام بعض الجهات لمليشيات الجنجويد بالتورط في عمليات القتل في غرب دارفور والتورط في إشعال الصراعات، قال مدير الإعلام الأسبق بالرئاسة السودانية، اتهام جهات سياسية عصابات الجنجويد بالتورط في إشعال الصراعات، هو شماعة تبريرية لضعف القوى السياسية الحاكمة، ومحاولة البعض للربط بين الجنجويد وبين قوات الدعم السريع التابعة للقوات المسلحة، فلا يعدو عن كونه ضمن حملة "بروباغندا" تضليلية من المكون السياسي المدني ضد المكون العسكري في السودان، ويحمد لمجلس الأمن والدفاع السوداني قبل أسبوع إعلانه حالة الطوارئ في الولايات التي لم يستطع النظام السياسي لمجموعة قوى الحرية والتغيير قيادتها، ويحمد للمكون العسكري تدخله وتفويضه للقوات العسكرية باتخاذ ما يلزم لحسم النزاعات القبلية.

وأشار عوض، إلى أنه "لا بد لحل تلك الصراعات أن يتم عقد انتخابات حرة ونزيهة في جميع ولايات البلاد، وبالأخص ولايات دارفور، كي يتم احتواء و مناقشة ومعالجة مشاكل مجتمعاتها داخل المجلس التشريعي لكل ولاية".

التدخل الدولي

وأكد عوض، أن "أي تدخلات دولية إضافية في البلاد، ستعقد المشاكل مستقبلا، وتسهل من مهمة العملاء في بسط سيطرة الاستعمار الجديد على أفريقيا، ويكفي تدخل حصان طروادة أو ما تسمى ب''يونيتامس'' في شؤون البلاد، حيث أن القوات الوطنية المحلية وبالسياسات السليمة قادرة على تجاوز هذه الأزمة، وحل المشكلة بين القبائل، كما أن أطراف الصراع المحلي و زعماء الإدارات الأهلية وعمد القبائل، لا يقبلون بالتدخل الأجنبي، وسيظل الحل السلمي عبر جلسات المجالس التشريعية المنتخبة، والمصالحات التي تقودها قوات الدعم السريع بقيادة دقلو وأطقمه العاملة من أهم ركائز الحل وإعادة السلام في أرجاء البلاد".

أصل القضية

يشير رئيس حركة العدل والمساواة الجديدة بالسودان الفريق منصور أرباب إلى أن، "الأزمة في دارفور وبصفة خاصة في غرب دارفور لم تراوح مكانها منذ تسعينيات القرن الماضي، عندما استعان نظام الإنقاذ بأجانب من بعض القبائل العربية، من دول النيجر وتشاد ومالي وأفريقيا الوسطى، ووعدهم بالأرض وكل خيراتها مقابل طرد السكان الأصليين من المساليت والفور والزغاوة وكل القبائل الغير عربية، وبذلك تتغير الخارطة الديموغرافية لدار مساليت ودارفور، وفق ما أطلقوا عليه المشروع الحضاري".

انفراج قريب وخبر سار للمواطنين في سوريا
ويضيف في حديثه لـ"سبوتنيك"، منذ ذاك الوقت، المستوطنين الجدد من بعض القبائل العربية يقاتلون أصحاب الأرض بضراوة وارتكاب مجازر شهدها العالم بأسره وأدراجها المجتمع الدولي تحت جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب ضد السكان الأصليين في دار مساليت ودارفور، وأحيلت إلى المحكمة الجنائية الدولية والقضية مازالت مستمرة، إذا من يقفون وراء تلك الأحداث هم أنفسهم من جاء بهم البشير ونظام حكمه، وهم موجودون في السلطة اليوم، ما يعني أن الحكومة جزء أساسي في تلك الأحداث وإلا لماذا تغض الطرف عن حماية المواطنين اليمنيين.

رسالة إلى مجلس الأمن  

أرسلت حركة العدل والمساواة الجديدة بقيادة الفريق منصور أرباب، رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي طالبته بإرسال بعثة قوات دولية تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة إلى غرب دارفور من أجل حفظ الأمن والسلم الدوليين.

ودعت الحركة مجلس الأمن في الرسالة التي تلقت "سبوتنيك" نسخة منها، " أن يطالب حكومة الفترة الانتقالية باحترام قرارات مجلسكم، والخضوع لقرارت المؤسسات الدولية الأخرى مثل محكمة الجنايات الدولية، فيما يتعلق بتقديم مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والجرائم ضد الانسانية، بتسليم المتهم عمر حسن أحمد البشير ومن معه من المتهمين إلى محكمة الجنايات الدولية لتأكيد مبدأ عدم الإفلات من العقاب، حتى لا يشجع الميليشيات  بإرتكاب المزيد من الانتهاكات في حق المواطنين العُّزل".

فنان جزائري "هوليودي" يخلد أرواح مرفأ بيروت مدى الحياة.. صورة
يذكر أن الحرب الأهلية في دارفور والتي إمتدت منذ العام 2003  حتى اليوم، تسببت في مأساة وكارثة إنسانية، وتدهور أمني مريع، أدى الى نزوح ما لا يقل عن إثنين مليون وخمسمائة ألف شخص معظمهم من الأطفال والنساء، ولجوء حوالي المليون من شعب دارفور، جراء جرائم القتل والحرق والتشريد والإغتصاب التي تمارسها المليشيات، آخرها أحداث مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور.

أعلن والي غرب دارفور محمد عبدالله الدومة، عن ارتفاع حصيلة ضحايا الاشتباكات القبلية بالولاية إلى 132 قتيلا و 208 جرحى.

وقال الدومة، في مؤتمر صحفي الخميس الماضي "وصل عدد القتلى إلى 132 وجرح 208 أشخاص حتى اليوم الخامس من الاشتباكات في مدينة الجنينة"، مضيفا "الهجوم كان كبيرا على مدينة الجنينة ومورس القتل وتم جرح وسحل المواطنين، ولم تصل قوات من خارج الولاية".

وتراجعت حدة القتال في الإقليم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ولكن الاشتباكات القبلية لا تزال مصدر التهديد الرئيسي للأمن في الإقليم.

وفي نهاية ديسمبر الماضي، أنهت بعثة حفظ السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي (يوناميد) رسميا مهمتها في الإقليم التي بدأتها في عام 2007 وكانت تفضي بتحقيق الاستقرار في المنطقة.

مناقشة