أمهات اليتامى في حلب يصرخن بوجه الجوع: "خسئت" في رمضان

يقاوم شبان وشابات المطابخ الخيرية ارتفاع درجات الحرارة المنبعثة من قدور الطبخ الكبيرة، مع ازدياد لهيبها واشتداد وهج شمس الظهيرة التي تلفح وجوههم، فيما المتطوعات في حملة خيرية لإطعام المحتاجين، يضعن لمساتهن الأخيرة على وجبات الفطور قبل إيصالها لمستحقيها.
Sputnik

هنا، في باحة إحدى دور العبادة بمدينة حلب القديمة (مسجد الحيات) واكبت "سبوتنيك" تفاصيل عمل يوم كامل ضمن مكان يضج بمتطوعين كخلية نحل يسعون إلى إيصال الطعام لما يربو عن 4000 آلاف شخص يومياً.

حملتهم التي أطلقوا عليها اسم (خسى الجوع)، كناية عن إصرارهم على مقاومته وفق الظروف المتاحة، تواظب في كل شهر رمضان وعبر جمعية "ساعد" لاستهداف الأحياء الفقيرة والأسر الأشد عوزاً، وكل من يرغب باستلام وجبة طعام وإفطار من المحتاجين لها عبر منافذ محددة لهذا الغرض.

و(خسى) هي كلمة شعبية أصلها (خسئ)، وهي تدلل هاهنا على خيبة وفشل الجوع في تحقيق مآربه.

أمهات اليتامى في حلب يصرخن بوجه الجوع: "خسئت" في رمضان

المشرف في الجمعية "محمد خير الله"، أعرب لـ "سبوتنيك" عن تحدي الحملة لصعوبات نقص الأدوات والمواد الغذائية بسبب الحصار الاقتصادي الخانق المضروب على سوريا، وما كرسه ذلك من ارتفاع في الأسعار وفقدان المحروقات كالبنزين والغاز، إلا أن ذلك لم يثنِ عزيمة المبادرة ومتطوعيها عن إكمال مشوارهم للعام السادس على التوالي.

أمهات اليتامى في حلب يصرخن بوجه الجوع: "خسئت" في رمضان

ويأمل عبر خير الله أن تنجح المبادرة بزيادة عدد الوجبات في الأيام القادمة من الشهر الفضيل، لتصل أكثر من عشرة آلاف وجبة يومياً، إلا أن ندرة الوقود وأزمة المواصلات، بدأت تخفض من توقعاته هذه.

أمهات اليتامى في حلب يصرخن بوجه الجوع: "خسئت" في رمضان

بالمقابل دفعت أزمة المواصلات الخانقة، والتي تشهدها عموم البلاد منذ أكثر من شهر، بعدد من الشبان للتطوع وإيصال الوجبات لعائلات عبر دراجاتهم الهوائية.

من جهته، يلفت الانتباه رئيس لجنة المتطوعين في الجمعية، ويشتهر باسم "مورو" إلى مساهمة قرابة (50) متطوعاً يواظبون على العمل كل يوم ضمن فريق واحد، وبأقسى الظروف لإنجاز أشهى الوجبات عدا عن الفتيات المتطوعات ممن يمتلكن مهارات الطبخ يتواجد طباخ (شيف) يشرف على العمل معهن، منذ إعداد الطعام وتجهيز المواد الأساسية إلى طبخها ثم تبريدها وتعبئتها وإيصالها لمستحقيها.

أمهات اليتامى في حلب يصرخن بوجه الجوع: "خسئت" في رمضان

وتحرص المتطوعة في حملة خسى الجوع "بانة زيادة" على مشاركة دورية في كل موسم رمضاني منذ العام 2017 إلى اليوم، وتعتقد أن الأعداد كانت أكبر في السنوات السابقة لكن المتطوعين ورغم الصعوبات لديهم الامكانيات الجيدة للعمل الخيري بكل تفاني.

فيما يعزو أحد المشاركين تدني أعداد المتطوعين مقارنة بالسنوات المنصرمة لتداعيات جائحة كورونا في مارس / آذار عام 2020 وهذا الموسم الثاني لرمضان ولأزمة المواصلات الخانقة إلا أن الأمر يتم تلافيه فالعدد الحالي كافٍ.

أمهات اليتامى في حلب يصرخن بوجه الجوع: "خسئت" في رمضان

في هذا السياق لا تتوقف الجمعيات الخيرية والإغاثية عن العمل بكل ما أوتيت من قوة بمد يد العون للعائلات المحتاجة والوقوف إلى جانبها عبر تأمن مستلزماتها، واحتياجاتها من المأكل والمشرب والملبس.

وتقول رئيس مجلس إدارة جمعية من أجل حلب "مريانا حنش" أنه ومع كل قسوة الحصار المفروضة على أرجاء سوريا نسعى عبر الجمعية لإقامة مطبخ خيري يقدم الوجبات اليومية وتضيف: "عملنا هذا أشبه بمحاصرة الحصار المفروض على البلاد، عبر التطوع وفعل الخير والتعاضد فيما بيننا من خلال توزيع سلال غذائية بشهر رمضان والعيد، ودعم 200 عائلة وتقديم الملابس المناسبة بالأعياد، سعياً لمواجهة الغلاء المرتفع".

أمهات اليتامى في حلب يصرخن بوجه الجوع: "خسئت" في رمضان

الملفت أن من يصنعن الوجبات في مطبخ "من أجل حلب" الخيري أياد أمهات لأيتام "وما أشهى وأطيب ما يصنعوه فيه كمية من المحبة والحنان تبدو جليّة مع كل وجبة تسكب في الأطباق للمحتاجين" تقول مريانا.

أمهات اليتامى في حلب يصرخن بوجه الجوع: "خسئت" في رمضان

في حين تروي إحدى السيدات المشاركات بالمطبخ عن صناعتها، ومن معها لأطباق وأصناف متعددة من المطبخ الشهي الذي تشتهر به مدينة حلب، وعلى الرغم من كل هذا الجهد والعمل المضنِ تشعر بالغبطة والفرح لما حققته من عمل في مساء كل يوم وتشعر بالرضا.

أمهات اليتامى في حلب يصرخن بوجه الجوع: "خسئت" في رمضان

بالتوازي مع ذلك تسعى الجمعية الإغاثية ذاتها على صناعة حلويات تقليدية وشعبية في فترة العيد توزع على الأطفال وتضيف مريانا علي، رئيسة الجمعية: "بعد تحرير حلب من الارهابين بدأنا بمرحلة جديدة عبر العمل والسعي نحو التعريف بطرق وسبل العيش، وعبر دورات ممنهجة تستهدف أكبر شريحة من الطبقة لدعمها، وتوفير الدعم العلمي والتدريبي المناسب لها، مع التدريب المهني".

أمهات اليتامى في حلب يصرخن بوجه الجوع: "خسئت" في رمضان

ومن خلال ذلك يمكن أن يعمل الفريق الإغاثي على مستويين العمل الخيري والعمل الآخر التنموي في وقت واحد، مطبقين المثل القائل "لا تطعمني سمكة بل علمني كيف أصيد".

مناقشة