رغم المنع والحصار الأمريكي... الشرق السوري يشارك في الانتخابات الرئاسية

كما غيرها من المحافظات السورية، انتشرت صور ولافتات المرشحين لانتخابات رئاسة الجمهورية العربية السورية بشكل كثيف في الشوارع والساحات العامة لمدينتي الحسكة والقامشلي، شرقي البلاد، في حين ستسجل محافظة الرقة مشاركتها الأولى في الانتخابات الرئاسية في البلاد منذ اندلاع الحرب على سوريا.
Sputnik

ورغم قلة المساحة الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية في هاتين المدينتين، فقد حثت اللافتات على المشاركة في التصويت، كنوع من التحدي والإصرار من سكان الجزيرة السورية ضد تواجد الاحتلال الأمريكي وأعوانه الذين منعوا إقامة الانتخابات في مناطق سيطرتهم في كل من محافظات الحسكة والرقة ودير الزور.

وعلى عادة أهل الجزيرة السورية، انتشرت في شوارع وأحياء مدينة الحسكة، الخيم والتجمعات الشعبية التي تخص كل واحدة منها القبائل العربية الكبيرة ومشايخها، فمن خيمة قبيلة البكارة إلى قبيلة الجبور والشرابين والسادة المعامرة والنعيم، إلى خيمة مجلس القبائل والعشائر السورية بمحافظة الحسكة، والتي تحولت إلى ملتقيات لسكان محافظة الحسكة، والتي أعلنت جميعها انحيازها إلى المرشح بشار حافظ الأسد في المنافسة الرئاسية.

في المقابل، قام المسلحون الموالون للجيش الأمريكي في تنظيم "قسد"، بمنع نشر صناديق الانتخابات الرئاسية ضمن مناطق سيطرتهم، ورغم التوقعات المسبقة بذلك، إلا أن سكان الجزيرة وقبائلها، رأوا فيه خرقاً جديداً للقوانين والأعراف الدولية ذات العلاقة، وامتهانا للسيادة وحق الشعوب باختبار ممثليها.

التحدي

القيادي الفلاحي في الحسكة، جلال كوكو، تحدث لـ"سبوتنيك" عن مجريات الانتخابات الرئاسية، مؤكدا أنه "في يوم الانتخاب 26 مايو/أيار، سيكون لسكان الجزيرة السورية وقفة كبيرة في هذا اليوم التاريخي من حياة السوريين".

رغم المنع والحصار الأمريكي... الشرق السوري يشارك في الانتخابات الرئاسية

وتابع كوكو: "رغم كل المحاولات اليائسة من الاحتلال الامريكي والغربي وأعونه في تنظيم "قسد" لمنع وعرقلة الانتخابات، إلا أننا مصرين على المشاركة وبكل طاقتنا وذلك لأنه يوم لتجديد البيعة للجيش العربي السوري ولسوريا الموحدة واختيار قيادتها في المرحلة القادمة، ولنجدد الوفاء لمن صمد وقاوم كل السنوات الماضية في وجه الاحتلال الغربي ومشاريعه التخريبية، إلا وهو الرئيس بشار الاسد".

قطنا لـ"سبوتنيك": مباحثات سورية روسية لإنتاج 35 ألف جرار زراعي خسرناها في الحرب
واعتبر القيادي الإداري في الحسكة، حسن الشمهود، في حديثه لـ"سبوتنيك" بأن المحافظة لها خصوصية كبيرة، فالسكان المتواجدون ضمن مناطق سيطرة الجيش العربي السوري، أو كمواطنين في الحسكة عموما، يشعرون بفخر المشاركة بالانتخابات، ليضيفوا بمشاركتهم انتصارا جديدا الى انتصارات الجيش العربي السوري، في ظل التواجد الأمريكي وأداوته العميلة على هذه الأرض.

وتابع الشمهود: "ستنتخب لأن في ذلك تعزيز لصمود الشعب الذي صمد مع قيادته وجيشه لمدة 10 سنوات، ويوم الانتخاب سيكون نصر جديد يضاف إلى صموده وانتصاره على الحصار الأمريكي الجائر"، مؤكدا أن "الصمود دائما يرتبط بالمعاناة، وهو ما يفهمه بشكل جيد الشعب السوري بكافة مكوناته، ونحن سكان الجزيرة السورية الغيارى والنشامى الذين يشعرون بانتمائهم الى وطنهم سيكون لنا موقف وطني لاختيار من يمثل صمودنا وتضحياتنا وانتصارنا".

إرادة شعبية بمواجهة الاحتلال

من جانبه عميد كلية الحقوق بالحسكة – جامعة الفرات الحكومية الدكتور عبدالله السلمو بين لـ"سبوتنيك" أن هذه الانتخابات تأتي في مرحلة حساسة، وفي فترة يعيشها الشعب السوري في ظل الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري على كامل مساحة الجغرافية السورية، وهي نتاج لنضال استمر لعقد من الزمن لأنهاء الفكر الارهابي المتطرف.

رغم المنع والحصار الأمريكي... الشرق السوري يشارك في الانتخابات الرئاسية

وأوضح السلمو من الجانب القانون الدولي، يوجد العديد من الاتفاقات والاعلانات الدولية والأممية التي تنص على احترام هذه الانتخابات التي ستجري في سوريا ونذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948  الذي ينص على سيادة الدول وحرية الشعوب في اختيار ممثليها ،وميثاق الامم المتحدة عام 1945 والعهد الدولي 1966 والاعلان الدولي ضمن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1981 والتي تنص جميعها على عدم جواز التدخل في الشؤون الدول الاخرى واحترام سيادة الدول.

أما من الجانب الداخلي، فأكد الدكتور السلمو أنه في سوريا قانون الانتخابات العامة الذي أصبح نافذاً من عام 2014م، إضافة الى دستور الدولة الذي تم الاستفتاء عليها في عام 2012، والتي تمنح السلطة المحلية الشرعية اقامة الانتخابات بكل انواعها المختلفة دون تدخل أي دولة أو قوى خارجية.

وتابع عميد كلية الحقوق في الحسكة بأن هناك اليوم قوى دولية معروفة وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية التي تعتبر دولة احتلال وعبر أدوات داخلية معروفة ومنها تنظيم"قسد" أو الفصائل المتطرفة الاخرى ،تمنع الانتخابات وتمنع اقامتها في مناطق سيطرتها وهو ما يعتبر خرقاً واضحاً لكل الاعراف الدولية، لكن رغم كل هذا هناك ما يسمى ارادة الشعوب التي تعتبر اعلى من كل المخططات الدولية، فالعامل الأساسي في انجاح او فشل أي انتخابات كانت، يتوقف على الارادة الشعبية وحسب.

157 مركزا انتخابا في الحسكة

وحددت اللجنة القضائية الفرعية للانتخابات الرئاسية في محافظة الحسكة بالتعاون مع المحافظة 157 مركزاً انتخاباً فيها، ولفت القاضي المستشار إيلي بطرس ميرو رئيس اللجنة الفرعية للانتخابات في محافظة الحسكة في تصريح لـ"سبوتنيك" أن رؤساء وأعضاء اللجان الانتخابية في مدينتي الحسكة والقامشلي أدوا اليمين القانونية بعد الانتهاء من تجهيز كل مستلزمات العملية الانتخابية وإعداد المراكز البالغ عددها 157 منها 69 مركزاً في الحسكة و88 مركزاً في القامشلي وريفها حيث تم مراعاة الظروف الأمنية والتوزع الجغرافي والديمغرافي للسكان وقريبة عليهم من ناحية المسكن والعمل.

رغم المنع والحصار الأمريكي... الشرق السوري يشارك في الانتخابات الرئاسية

ولفت ميرو إلى أنهم كانوا يتمنون ان تكون الصناديق الانتخابية موزعة في كافة أنحاء ومناطق محافظة الحسكة، إلا أن الظروف الأمنية ووجود القوى المحتلة والقوى العملية لها منعتنا من ذلك، وانهم مجبرون بان تكون الصناديق والمراكز ضمن مناطق سيطرة الجيش العربي السوري لضمان الحماية لها وللناخبين.

وتابع ميرو أن إجراء الانتخابات في محافظة الحسكة رغم كل الظروف الأمنية هو باعتبار الجمهورية العربية السورية دولة مستقلة وذات سيادة ودولة مؤسسات ويحكمها الدستور ومنصب رئاسة الجمهورية من هذه المؤسسات الهامة تحكمها مدد زمنية محددة تبدأ وتنتهي بتاريخه، حيث تم تشكيل جميع اللجان المساعدة في هذه العملية من لجان استلام الصناديق إلى اللجان الانتخابية المشرفة على العملية، موضحاً ان اللجان القضائية هم على مسافة واحدة من كافة السادة المرشحين وأن هدفهم الوحيد هو الوصول إلى الانتخابات في بر الأمان.

الرقة تنتخب

محافظة الرقة، هي الأخرى تشارك في الانتخابات الرئاسية بجزء من جغرافيتها، هذه السابقة التي تسجل للمرّة الأولى منذ اندلاع الحرب في سوريا، تخللها جهود رسمية وعشائرية لحث الأهالي القاطنين في مناطق سيطرة تنظيم "قسد" والاحتلال الأمريكي على العبور نحو مناطق سيطرة الدولة السورية، والمشاركة في الانتخابات.

رغم المنع والحصار الأمريكي... الشرق السوري يشارك في الانتخابات الرئاسية

وستشهد نواحي الرقة الثلاث الواقعة تحت سيطرة الجيش العربي السوري: معدان والسبخة ودبسي عفنان، حضورا لصناديق الاقتراع، في ظلّ تواصل أعداد كبيرة من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الأمريكي ومسلحي تنظيم "قسد" مع الأجهزة الحكومية، لتسهيل عبورهم ومشاركتهم في الانتخابات.

وتشير المعطيات الشعبية إلى توقعات بمشاركةً واسعة لأبناء الرقة ممن تم تهجيرهم إلى مدينة حماة وريفها، حيث انتشرت بشكل كثيف الخيم الوطنية العشائرية والصور والحملات الدعائية للمرشحين الثلاث في الشوارع والنواحي والقرى المحررة في مشهد غاب عنها لسنوات طويلة.

وتمّ تحديد 94 مركزاً انتخابياً في الأرياف المحرّرة الخاضعة لسيطرة الجيش العربي السوري، وكانت محافظة الرقة قد غابت تماماً عن الانتخابات الرئاسية عام 2014، بسبب سيطرة تنظيم" داعش" عليها آنذاك، مع منع التنظيم الأهالي من الوصول إلى المراكز الانتخابية في حماة والحسكة، في حين سيغيب الريف الشرقي لمحافظة دير الزور عن الانتخابات بشكل كامل نتيجة وجود الاحتلال الأمريكي.

مناقشة