مشروع قناة اسطنبول.. مخاطر بيئية وعائدات محدودة بتكلفة باهظة

تحتفل تركيا، اليوم السبت، بتدشين مشروع قناة إسطنبول المائية لربط البحر الأسود ببحر مرمرة بتكلفة تبلغ 25 مليار دولار، وهو المشروع الذي يثير تساؤلات عديدة حول جدواه الاقتصادية، وإمكانية أن يكون بديلا حقيقيا لمضيق البوسفور.
Sputnik

مشروع "قناة اسطنبول"... عصا جديدة بيد أردوغان لجذب أنظار العالم
أنطاكيا - سبوتنيك. وحذر عدد من الخبراء من أن مشروع قناة اسطنبول من شأنه أن يفقد المدينة مواردها المائية الجوفية والسطحية في حال تم تنفيذه، بالإضافة إلى خطر اختلاط المياه المالحة ببحيرة تيركوس التي تعتبر أهم مصدر مياه عذبة للمدينة وتلبي نحو 20 بالمئة من حاجة سكانها من المياه.

وقال اللواء البحري التركي المتقاعد علي كوتلوك، لوكالة "سبوتنيك"، "لا توجد أي جدوى أو فائدة اقتصادية لقناة إسطنبول".

وأوضح كوتلوك أن "مشروع قناة إسطنبول غير مجد اقتصاديا، بالكاد يمكن للرسوم التي ستدفعها السفن العابرة من قناة إسطنبول خلال فترة تتراوح ما بين 46 و130 عاماً تغطية تكلفة القناة وتمويلها، وبالتالي فالعائدات المالية المتوقع أن تدرها القناة غير واقعية"، لافتا إلى أن "المشروع لا يستطيع تمويل نفسه وبالتالي ستضطر الحكومة لدفع تكلفته العالية وبالتالي من غير الممكن تمويل القناة عبر رسوم السفن التي ستعبرها".

واستهجن الخبير التركي ما ورد في "تقرير الأثر البيئي لقناة إسطنبول الذي تم الإعلان عنه، لجهة ما يدعيه من أن السفن ستخفف الخطر عن المضائق عبر مرورها من القناة، لكن الحقيقة هي أن عدد السفن التي تمر من مضيق البوسفور قد قلّ بشكل ملحوظ بحدود 17 في المئة خلال السنوات العشر الماضية.

وتابع "عدد السفن العابرة للمضيق سيستمر في التقلص خلال فترة تنفيذ مشروع القناة، وسيستغرق إنشاء السفينة عدة سنوات، وهذا يعني تقلص عدد السفن التي سيتم توجيهها للعبور من قناة إسطنبول وبالتالي عدم تمكن القناة من تمويل نفسها ذاتياً وهو ما يبرهن على عدم جدواها اقتصاديا".

ولفت اللواء كوتلوك إلى أن "حجم قناة إسطنبول لا يسمح بمرور ناقلات النفط والسفن الكبيرة التي تحمل مواداً خطيرة".

واستطرد قائلا: "أعلنت الحكومة عن هذا المشروع قبل 10 سنوات إلا أن الشروع بتنفيذه لم يبدأ حتى الآن، ناهيك عن المشاكل التي سيواجهها خلال فترة تنفيذه الطويلة".

وفيما بخص اتفاقية "مونترو" المتعلقة بنظام المضائق، أكد اللواء البحري التركي أن "اتفاقية مونترو لا تفصل المضائق عن البحر الأسود بل تتناولها معا، فضلاً عن أن تعبير "المضائق التركية" يشمل مضيقي البوسفور والدردنيل وبحر مرمرة كما هو متعارف عليه".

كما أشار إلى أن "مشروع شق قناة إسطنبول لا يخلق ممراً مائياً بديلاً لمضيق البوسفور، وحتى ولو خلق ممراً بديلاً، فالسفن الحربية التابعة لبلدان غير مطلة على البحر الأسود ستخضع لبنود اتفاقية مونترو من حيث وزن الحمولة وفترة البقاء في البحر الأسود بغض النظر عن مسارها، حتى إن عبرت قناة إسطنبول، لذا فقناة إسطنبول لا تلغي اتفاقية مونترو".

وتابع اللواء كوتلوك: "مونترو اتفاقية دولية متعددة الأطراف، لا يمكن تغييرها أو تعديلها أو إلغائها بطلب أو موقف لأحد الأطراف، وبالتالي القناة لن تؤثر على الاتفاقية إطلاقا".

واتفاقية "مونترو" الموقعة في 20 تموز/يوليو 1936 في قصر مونترو بسويسرا، تتعلق بنظام الإبحار في المضايق البحرية التركية [البسفور والدردنيل]، وينظم عبور سفن حربية تابعة للبحرية، وهي تمنح الاتفاقية تركيا سيطرة كاملة على المضائق وتضمن حرية مرور السفن المدنية في وقت السلم.

وتسمح الاتفاقية، التي تم تسجيلها في عصبة الأمم في 11 كانون الأول/ديسمبر 1936، للسفن التابعة للدول المطلة على البحر الأسود بحرية المرور والوجود في حوض البحر الأسود. أما السفن التابعة لدول خارج حوض البحر الأسود، فيُسمح لها بالوجود لمدة ثلاثة أسابيع.

وتتحمل تركيا المسؤولية المباشرة عن مرور السفن الأجنبية لحوض البحر الأسود.

مشروع قناة اسطنبول.. مخاطر بيئية وعائدات محدودة بتكلفة باهظة

كان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان قد طرح، لأول مرة في عام 2011 حينما كان رئيسا للوزراء، المشروع كهدف ضمن خارطة طريق لبناء تركيا الجديدة بحلول عام 2023.

وبحسب الحكومة التركية، فإن الهدف من إنشاء قناة إسطنبول هو تخفيف العبء عن مضيق البوسفور، والحفاظ على النسيج التاريخي والثقافي له وتعزيز أمنه.

وتقول الحكومة التركية إن قناة إسطنبول، التي ستربط البحر الأسود ببحر مرمرة سيتم شقها بشكل موازي لمضيق البوسفور، ستعود بالنفع على تركيا والعالم مع تطور حركة التجارة العالمية وزيادة الاعتماد على النقل البحري.

وتقدر تكلفة بناء المشروع بحوالي 25 مليار دولار في حين تتوقع الحكومة التركية أن يجلب عائدات تقدر بمليار دولار سنويا.

وسيتم إنشاء القناة على الجانب الأوروبي لمدينة اسطنبول على مساحة تقدر بـ 26 ألف هكتار، بطول 45 كيلومترا وعمق 21 مترا وبعرض 275 مترا.

وتخطط الحكومة لتنفيذ مشروع قناة إسطنبول خلال مدة أقصاها سبع سنوات حيث سيتم إنشاء 6 جسور بمدينة إسطنبول في إطار هذا المشروع.

مناقشة