بعد إرجاء تصويت مجلس الأمن.. هل تنجح سوريا في إنهاء تمديد اتفاقية إدخال المساعدات عبر الحدود؟

في خطوة أرجعها المراقبون إلى فشل الدبلوماسية الأمريكية، أرجأ مجلس الأمن الدولي التصويت على تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، دون موافقة دمشق بعدما كان مقررا إجراؤها، اليوم الخميس.
Sputnik

ونقلت وكالة "فرانس برس"، عن دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته قوله إن "الفكرة الآن هي (إجراء التصويت) الجمعة"، بينما قال مصدر آخر إن التأجيل يمنح "مزيدا من الوقت لاستكمال المفاوضات".

سوريا تصدر بيانا بشأن "العدوان الأمريكي" على المنطقة الحدودية مع العراق
وقال مراقبون إن روسيا والصين تصر على إغلاق كافة المعابر إن لم تكن تسيطر عليها الدولة السورية، مؤكدين أن أمريكا قدمت تنازلات في هذا الشأن.

إرجاء التصويت

وفي صيغته الأساسية كان مشروع القرار ينص على أمرين هما: تمديد العمل لمدة سنة بآلية إدخال المساعدات العابرة للحدود إلى سوريا من منفذ باب الهوى (شمال غرب سوريا) الحدودي مع تركيا، وتوسيع نطاق هذه الآلية بحيث تشمل أيضا معبر اليعربية الحدودي مع العراق، كما كان عليه الوضع في الماضي.

ومساء أمس الأربعاء، عدلت أيرلندا والنرويج مشروع القرار، بحيث تخلتا عن مطلب إعادة فتح معبر اليعربية، وأبقتا فقط على معبر باب الهوى، بحسب ما أفاد دبلوماسيون.

وتعزو روسيا موقفها الرافض لتمديد العمل بهذه الآلية إلى أن المساعدات الدولية يمكن أن تصل إلى محتاجيها من خلال دمشق وعبر الخطوط الأمامية، وهو طرح يرفضه الغرب بشدة.

وكانت فرنسا هددت بوقف المساعدات الدولية إذا لم يمدد مجلس الأمن العمل بالآلية العابرة للحدود.

فشل دبلوماسي وتفاهمات دولية

قال الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي السوري، إنه "بقدر ما يشير تأجيل تصويت مجلس الأمن على تمديد السماح بالمعابر غير الشرعية بين سوريا وتركيا إلى فشل الدبلوماسية متعددة الأطراف حتى الآن فيما يتعلق بالشأن السوري، بقدر ما يشير بالمقابل إلى وجود خلط عميق للأوراق، ووجود احتمالات للتوصل إلى تفاهمات دولية وإقليمية يجري التفاوض بشأنها حول مسألة المعابر".

وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، "يدل هذا الأمر على أن الأطراف دائمة العضوية في مجلس الأمن تعطي مجالاً لإنضاج هذه التفاهمات، أو على الأقل منح هذه الجهود مجالاً زمنياً قبل الوصول إلى الصدام أو التعارض الدبلوماسي في مجلس الأمن، وهو الأمر الذي قد يمثل بداية لتوسع شقة الخلاف الروسي - الأمريكي حول سوريا".

ويرى دنورة أن

"اجتزاء الملف الإنساني وفق المقاربة التي تتبعها الولايات المتحدة فيما يتعلق بالمعابر بات اليوم غير مقبول على الإطلاق، فلا يمكن بعد اليوم القبول بالتذرع بالملف الإنساني في جزء من الجغرافيا السورية، في الوقت الذي تقوم به ذات الأطراف الغربية، ولا سيما الطرف الأمريكي، بكل ما تستطيع القيام به لتجويع وحرمان المواطنين السوريين في سائر المناطق المحررة من الإرهاب، وذلك عبر الإجراءات الاقتصادية أحادية الجانب التي يفرضها الغرب على سوريا من خارج إطار الشرعية الدولية، وعبر السماح بسرقة القمح والثروة النفطية من المنطقة الشمالية الشرقية".

وأكد أن "وجود معابر غير شرعية بين تركيا والمناطق التي يحتلها الإرهابيون في سوريا يعتبر انتهاكاً واضح المعالم لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة، وانتهاكا لمبدأ السيادة المتساوية والمجال المحفوظ، ومن جانبٍ آخر يمثل محاولةً لشرعنة الإرهاب وتحويله إلى أمر واقع، فضلاً عن دعم المجموعات الإرهابية عبر تركها تتحكم بالمساعدات الإنسانية، وتستخدم هذه المساعدات لبناء شبكات الولاء للتنظيمات الإرهابية، وذلك عن طريق توزيع المساعدات على الأفراد الإرهابيين وأسرهم، وحرمان باقي المواطنين منها، أو قيام المجموعات الإرهابية ببيع هذه المساعدات بعد الاستيلاء عليها، الأمر الذي يمثل مساهمة في تمويل الإرهاب".

ومن هنا – والكلام لا يزال على لسان دنورة - فإن "الدولة السورية مع حليفها الروسي سيسعيان لكي يكون أي تفاهم جديد حول موضوع المعابر آخذا في الاعتبار العوامل سابقة الذكر بصورة توقف ازدواجية معايير الغرب حول الشأن الإنساني، وفيما يتعلق بمكافحة الإرهاب".

تنازلات أمريكية

مشروع قرار مجلس الأمن الدولي يقترح دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا
بدوره اعتبر المحلل السياسي السوري، فريد سعدون، أن "إرجاء التصويت في مجلس الأمن على تمديد اتفاقية إدخال المساعدات عبر المعابر، جاء بعد فشل أمريكا في إقناع روسيا والصين بعدم استخدام الفيتو ضد القرار، وذلك بعد أن فشلت المساعي الأمريكية والأوروبية".

وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فقد "وافقت أمريكا وأوروبا إلى الرجوع للمربع الأول، وهو الإبقاء على معبر باب الهوى فقط، دون فتح باقي المعابر وحذف معبر معبراليعربية من مشروع القرار".

ويرى أن "بعد التنازلات التي قدمتها أمريكا وأوروبا فإن روسيا تتخذ موقفًا أكثر تشددا، إذ تصر على إغلاق جميع المعابر، إن لم تكن تحت سيطرة الحكومة السورية، حيث تحاول موسكو فرض سيادة الدولة السورية على جميع الأراضي".

وأكد أن

"روسيا تمارس ضغوطا على الأطراف المتداخلة بالشأن السوري، وتحاول أن تنتزع منها بعض التنازلات، ونجحت في ذلك عبر إبقاء المشروع الأممي على معبر باب الهوى فقط".

هذا ويعتبر نظام التسليم المبسط للإمدادات الإنسانية والطبية إلى سوريا من الدول المجاورة (بشكل أساسي عبر الحدود مع تركيا) عبر الخطوط الأمامية والمعابر الحدودية ساري المفعول منذ تموز/ يوليو 2014.

ويتم تجديد هذه الآلية سنويا، وبموجبها كان يحق للوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها استخدام الطرق عبر خطوط المواجهة وأربعة نقاط تفتيش حدودية: باب السلام، وباب الهوى (كلاهما على الحدود السورية التركية)، واليعربية (على الحدود مع العراق) والرمتا (الحدود مع الأردن).

وعندما بدأ الجيش السوري بالسيطرة على المزيد من الأراضي، بدأت دمشق وموسكو بالدعوة إلى التقليص التدريجي لعمل المعابر الحدودية. ووفقاُ للجانبين الروسي والسوري، الآن يجب إيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق عبر الأراضي السورية، وليس عبر أراضي دول الجوار.

وحاليا، لا يعمل سوى حاجز باب الهوى على الحدود بين تركيا وسوريا في إطار آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وتنتهي صلاحيته في 10 تموز/يوليو 2021.

مناقشة