هل يحل اعتذار الحريري عن التشكيل أزمة حكومة لبنان أم يعقدها؟

في الوقت الذي يستمر فيه تعثر تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، عاد الحديث مجددًا في الشارع اللبناني عن إمكانية اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري، كأحد خيارات الحل المتاحة.
Sputnik

وفي منتصف شهر يونيو الفائت، تحدث رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريرى عن إمكانية اعتذاره عن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، إذا كان ذلك يمكن أن يسهم في إنقاذ لبنان.

التيار الوطني الحر يدعو الحريري إلى العودة لتأليف حكومة

وقال الحريري في مقابلة مع صحيفة "النهار" اللبنانية وقتها، إن "الأولوية هي لتأليف الحكومة قبل الاعتذار، الذي يبقى خيارا مطروحا"، مضيفا أن "ذلك ليس هروبا من المسؤولية بقدر ما هو عمل وطني".

وبدأت وسائل إعلام محلية لبنانية الحديث عن إمكانية اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري، بعد فشله في تشكيل حكومة من الاختصاصيين، وبدأ السياسيون في طرح سيناريوهات ما بعد الاعتذار.

سيناريوهات متعددة

أكد المحلل السياسي اللبناني سركيس أبوزيد، أن هناك الكثير من التطورات التي حدثت على الساحة اللبنانية، مما أفسحت المجال أمام عدة احتمالات وخيارات لا يمكن أن يتحكم بها أحد.

ووفقا لحديثه لـ "سبوتنيك"، لا تزال المساعي التي يقوم بها نبيه بري من أجل تشكيل الحكومة وإزالة العقبات التي تعطلها واردة، وهناك تدخلات دولية وعربية من أجل إنضاج فكرة تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري.

ويرى أن هناك احتمالًا آخر، وهو أن سعد الحريري بات مرفوضًا من قبل السعودية، وأنها استعانت بأصدقائها الدوليين والعرب من أجل منع وصوله لرئاسة الحكومة، وعليه أن يتجاوز هذه العقبة، أو الاستقالة عن مهمته، حيث لا يمكن له أن يشكل حكومة ضد إرادة السعودية.

وألمح إلى وجود مساع قطرية وعربية ودولية لترتيب الأمور بين السعودية وسعد الحريري، لكنه أكد أن الأمور لا تزال غامضة وغير واضحة، وستظهر قريبًا، إما عن طريق تشكيل الحريري للحكومة بعد تجاوزه للخلافات، أو الاستقالة وتشكيل حكومة برئاسة شخصية أخرى يوافق عليها الحريري وترضى عنها السعودية.

ولفت أبو زيد إلى وجود مبادرات دولية تقودها فرنسا وأمريكا والفاتيكان والسعودية من أجل التوافق وإيجاد بيئة مؤاتية عربيًا ودوليًا.

وأنهى حديثه قائلًا: "هناك عدة سيناريوهات، إما تشكيل الحكومة برئاسة الحريري بعد إزالة عقبة السعودية، أو تشكيلها بشخصية جديدة مقبولة من الأطراف السياسية الأخرى، وإما تبقى الأمور معلقة ما يفتح المجال أمام المزيد من الفوضى والخراب.

خيار مطروح

من جانبه قال قاسم هاشم، عضو مجلس النواب اللبناني، إن حالة التخبط والإرباك التي تحيط بتشكيل الحكومة تركت آثارها على الواقع العام للبلاد، وخلقت حالة من عدم الاستقرار.

وأكد لـ"سبوتنيك"، أنه لم يعد هناك أي أفق للخروج من أزمة الحكومة نظرا للتعقيدات الدستورية والسياسية التي تحكمها التوازنات الطائفية والسياسية وهو ما ترك الأمور دون حسم خلال هذه الأشهر من عمر التكليف رغم الظروف الصعبة التي تواجه اللبنانيين في ظروفهم الحياتية المعيشية.

وأكد أن هذه الظروف تضع المعنيين بتشكيل الحكومة أمام مسؤولياتهم الوطنية وبأسرع وقت لتأخذ الأمور مسارا يحرك المياه الراكدة الحكومية، وهو ما يدفع الأمور في اتجاه اتخاذ قرارات حاسمة وخاصة من قبل الرئيس المكلف فإما الإقدام على تشكيل الحكومة أو الاعتذار كما يرغب البعض.

ويرى النائب اللبناني أن خيار الاعتذار أحد الاحتمالات الجدية، لكنه يطرح تساؤلًا مهمًا مفاده: هل تسهم هذه الخطوة في الوصول إلى حكومة جديدة، أم تزيد الأمور تعقيدًا.

ويجيب قاسم بالقول: "هذا يتوقف على التوجه الذي تنطلق منه هذه الخطوة، فهل ستأتي وفق تفاهم مسبق، أم خلاف ذلك، لأن أي خطوة خارج الاتفاق والتفاهم ستدخلنا في مرحلة أدق وأخطر، وأعتقد أن الأيام القادمة ستجيب على التساؤلات المطروحة".

وكانت صحيفة "الجمهورية" اللبنانية قد أفادت بأن الزيارات الدبلوماسية الأمريكية والفرنسية إلى الرياض، تؤشر إلى خطوات تنفيذية غربية ستتخذ بالشراكة مع الجانب السعودي بشأن تشكيل حكومة في لبنان.

يذكر أن سعد الحريري تم تكليفه بتشكيل الحكومة اللبنانية، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وذلك بعد استقالة حكومة حسان دياب، في أغسطس/ آب الماضي، لكنه حتى الآن لم يتمكّن من تشكيل الحكومة.

وتتفاقم الأزمة الحكومية والاقتصادية في لبنان، حيث كشف تقرير للأمم المتحدة أن أكثر من مليون لبناني بحاجة لدعم مستمر لتأمين احتياجاتهم الأساسية بما فيها الغذاء، في ظل أزمة اقتصادية خانقة تشهدها البلاد.

مناقشة