حاكم دارفور لـ"سبوتنيك": أزمة السودان سياسية وتحسين الوضع الإنساني في دارفور أساسي لاستقراره

أكد حاكم إقليم دارفور السوداني، مني أركو مناوي، ارتباط استقرار الإقليم وتحقيق نهضة اقتصادية حقيقية بقضية إزالة آثار الحرب وخلق بيئة مواتية لعودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، إلى جانب وقف الانفلات الأمني عبر تشكيل قوات قادرة على ردعها.
Sputnik

الخرطوم - سبوتنيك. وقال مناوي في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" اليوم السبت، حول سبل تحقيق الاستقرار الأمني والنهوض بإقليم دارفور اقتصاديا، "لدينا 3 محاور لتحقيق هذه الأهداف، أولا: المحور الإنساني، وهو يتعلق بإزالة آثار الحرب من خلال حل قضايا النازحين واللاجئين واستتباب الأمن وخلق ظروف مواتية لعودتهم إلى قراهم ومناطقهم الأصلية، وإيقاف نزيف الصراعات، وتوفير الخدمات لمناطق العودة النازحين وللمواطنين المتواجدين في مناطقهم".

"السيادة" السوداني يعلن نشر 20 ألف جندي في دارفور خلال أيام

وأضاف مناوي "وفي هذا السياق ينبغي تنظيم مؤتمرات صغيرة تتفق على آليات لحل قضايا عودة النازحين في جميع أنحاء دارفور، وصولا إلى عقد مؤتمر موسع لإعلان المصالحة".

واستطرد قائلا "المحور الثاني يتمثل في التنمية، وهو محور شديد الأهمية، ويرتبط بقضايا مختلفة منها تشجيع الاستثمار، سواء كان داخلي أو خارجي واستغلال الموارد بالشكل الأمثل، وتفعيل دور الجامعات وتدشين الحكومة الإلكترونية وتوفير خدمات الإنترنت، وكذلك توفير الطاقة لأنها العمود الفقري لأي تنمية من أجل الصناعات التحويلية، وهناك مصادر متعددة للحصول على الكهرباء مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح.

وتابع مناوي "أما المحور الثالث، فيتمثل بإزالة آثار الحرب ومخاطبة جذور الأزمة وهذا المجال له علاقة بالمجالين السابقين، فهو سياسية ديمومة الاستقرار في دارفور وهذا بدوره يرتبط بقضايا السودان كافة".

وأردف "إن لم يحدث استقرار في إقليم دارفور، فإن دول الجوار لن تنعم بالاستقرار، وبالتالي يجب التنسيق مع الحكومة المركزية من أجل صناعة هذه السياسات".

وحول الخطط الموضوعة لاستتباب الأمن والاستقرار عقب تعيينه حاكما لإقليم دارفور، قال مناوي "هذا الجانب الأساسي فالأمن مرتبط بالمحور الإنساني، وقضايا أخرى، وهناك ملف الترتيبات الأمنية وهذا البند يجب أن يتم تطبيقه كاملا، عبر تشكيل قوات من الحركات المسلحة والقوات الحكومية تكون جاهزة لردع أي عمل خاصة وأن أعمال العنف كما حدث في الجنينة بولاية غرب دارفور، وهي في طريقها للتشكل".

وشهدت مدينة الجنينة الواقعة أقصى غرب السودان، أوائل نيسان/ أبريل الماضي، معارك بين بعض مكوناتها القبلية، ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات.

وتابع حاكم إقليم دارفور "الحروب ومظاهر العنف ليست وليدة اليوم، بل هي امتداد لمشكلات سابقة خلقها النظام السابق، وبالتالي يجب حلها من الجذور".
وأردف "التشخيص الجيد للمرض وفحص المريض بدقة يساعد كثيرا في العلاج الناجع".

وحول تأخير تنفيذ ملف الترتيبات الأمنية المتعلقة بإدماج قوات الحركات المسلحة في الجيش، اتهم حاكم إقليم دارفور أطرافا، لم يسمها، بالتسبب في تأخير تنفيذ الترتيبات الأمنية".

وفي السياق ذاته شدد مناوي على أن التخلص من النعرات القبلية في دارفور، يتم أولا عبر نزع السلاح". وقال "دارفور عمره أكثر من ثلاثة آلاف عام، وطوال تاريخه لم يشهد أي نعرات قبلية أو خطاب تمييزي أو عنصري، وحتى النعرات الأخيرة في منطقة الجنينة غربي دارفور كلها مصطنعة من الخرطوم، وبالتالي علي الأحزاب السياسة وساسة المركز (سلطات العاصمة الخرطوم)، أن تتخلص من الرغبة في تشتيت القبائل وضربها ببعضها البعض من أجل السيطرة عليها".

وأردف "هذا هو الأمر الأساسي، والباقي فقط هو أثر للنزعات التي جرت في السابق".

الصراع يشتعل في ولايات دارفور السوداني.. متى يستقر الإقليم؟

وفي سياق اخر، كشف مناوي عن مبادرة يعتزم إطلاقها لبدء حوار شامل بين السودانيين بهدف إيجاد حلول لمشكلات البلاد، وقال "أدعو لمبادرة حوار لأنه بدون حوار لن نذهب إلى الأمام مع القوى السياسية والمجتمعية بالسودان بصفة عامة لحل المشكلات الموجودة حاليا، مثل تلك التي يشهدها شرق البلاد، الذي يعاني كثيرا وتأخر علاج مشكلاته بفعل تكتيكات السياسة".

وأضاف "الأوضاع تتأزم بشكل يومي في العاصمة الخرطوم وفي مناطق أخرى من جانب من يريدون إسكات صوت الأغلبية لصالح جهات محددة، ولذلك يجب أن يكون هناك حوارا حقيقيا بين أبناء السودان".

وحول رؤيته لسياسات الحكومة السودانية في جانبها الاقتصادي، ومن ملامحها من رفع الدعم عن بعض السلع الرئيسية، وهل يمكن أن تنجح في رفع مستوى معيشة السودانيين، قال مناوي "من الممكن أن تنجح جزئيا، ولكن الأصل أن الأزمة سياسي التي تنعكس على الاقتصاد والمجتمع".

ورأى مناوي أن الحالة السياسية الراهنة في السودان تتلخص في معاناة البلاد من التجاذبات، موضحا أن السودان "كبير ومتنوع، وحتى في الجوانب السياسية، فيما من يحكمون لا يرغبون في هذا التنوع، ولكن يهدفون إلى السيطرة وهذا ما تم بعد سقوط نظام الإنقاذ ولذلك فستبقى الأزمة حتى وإن جرى معالجتها من الجانب الاقتصادي".

وحول مبادرة رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك الخاصة بـ "تحصين المسار الديمقراطي"، قال مناوي "لقد جرى الالتفاف على المبادرة من قبل أصحاب المصلحة وأصحاب الامتيازات".

وكان حمدوك قد أطلق، في حزيران/ يونيو الماضي، مبادرة تحت شعار "تحصين المسار الديمقراطي"، تضمنت "توحيد الكتلة الانتقالية، وإصلاح القطاع العسكري والأمني وتوحيد الجيش، وتوحيد السياسة الخارجية، والالتزام بتنفيذ اتفاق السلام الشامل، ومعالجة قضية العدالة بما يضمن عدم الإفلات من العقاب، والتوافق على برنامج اقتصادي عبر حوار شامل، وتفكيك دولة نظام الإخوان السابق لصالح دولة الوطن وتكوين المجلس التشريعي خلال شهر".

مناقشة