أطباء يطلقون أول إذاعة صحية متخصصة في تونس

تخوض وسائل الإعلام في تونس منذ أكثر من 16 شهرا معركة ضارية ضد فيروس كورونا الذي انتشر في جميع ربوع البلاد وضد المعلومات الزائفة التي أربكت المواطنين، مستأنسة بآراء الخبراء والمختصين في علم الفيروسات واللقاحات.
Sputnik

وفي محافظة القيروان في الوسط الغربي التونسي حيث قضى فيروس كورونا على حياة المئات من سكانها، بادرت مجموعة من الأطباء بإنشاء أول إذاعة متخصصة في المجال الصحي بهدف إرشاد المواطنين نحو حياة صحية سليمة والمساهمة في دعم الجهودات الوطنية الرامية لمكافحة فيروس كورونا.

ولأن الوباء يستمر في تهديد حياة ساكني هذه المحافظة التي اكتظت مستشفياتها بالمصابين وعجزت في وقت ما عن استقبال المزيد، أطلق أصحاب المبادرة اسم "الحياة إف أم" على إذاعتهم حتى تكون عنوانا للأمل في محافظة تصدرت ترتيب المحافظات الأعلى إصابة بفيروس كورونا والأعلى انتشارا لمعدلات الفقر والانتحار والانقطاع المدرسي وضعف التنمية.

إحاطة صحية ونفسية

يقول طارق البرهومي وهو مدير إذاعة الحياة إف إم لـ "سبوتنيك"، إن فكرة الإذاعة الصحية هي امتداد لعمل "الجمعية الطبية بالقيروان" التي تأسست سنة 2007 وسلكت طريقا طويلا في النهوض بقطاع الصحة في هذه الجهة من خلال تكوين الأطباء بشكل مستمر والقيام ببحوث طبية ميدانية وتثقيف المواطنين في مجال الصحة.

وأضاف: "اخترنا طريق الإعلام حتى تصل المعلومة إلى الناس بشكل مباشر، وحتى نساهم من خلال هذه الإذاعة المتخصصة في النهوض بمجال الصحة في محافظة القيروان التي تعاني من ضعف الخدمات الصحية والتنمية".

الجزائر تدعم تونس في مواجهة كورونا... "حدودنا وضعتها فرنسا"

وبيّن البرهومي أن إذاعة الحياة اختارت أن ترافق المواطنين في مجابهة جائحة كورونا والتخفيف من آثارها السلبية على حياتهم النفسية والعملية، فكانت تقدم المعلومات الطبية الدقيقة حول ماهية فيروس كورونا وطرق الوقاية من العدوى وكيفية التعامل مع الوباء في حالة الإصابة به مستندة على خبرة الأطباء وأهل الاختصاص.

وإلى جانب النصائح الطبية، تسعى إذاعة الحياة من خلال برامجها المتنوعة إلى الإحاطة بالمستمعين من الناحية النفسية خاصة زمن الجائحة.

يقول البرهومي "عاش التونسي في محافظة القيروان شهرا من الرعب بعد أن تفشى الوباء في معظم العائلات وعانى الكثيرون من فقدان أقاربهم وموارد رزقهم، فكان من المهم أن نوفر لهم الإحاطة النفسية". 

وخلال الجائحة، أطلقت إذاعة "الحياة إف أم" دعوة مفتوحة للمواطنين من أجل تقديم مساعدات مجتمعية لمعاضدة جهود مقاومة جائحة كورونا، وتمكنت بفضل التفاعل الواسع الذي لقيته هذه الدعوة من شراء أدوية وآلات طبية للمستشفيات وتقديم مساعدات للأشخاص الذين تأثرت حياتهم من الجائحة.

الحياة.. اسم على مسمى

اختيار اسم "الحياة" لهذه الإذاعة لم يكن اعتباطيا وإنما هو ترجمة فعلية لما تحمله هذه العبارة من معانٍ، إذ يرى البرهومي أن مفهوم الصحة لا يقتصر على خلو الجسم من الأمراض، بل يتعداها إلى جوانب الحياة النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية والخدماتية.

وانطلاقا من هذا المبدأ يسعى القائمون على هذه الإذاعة إلى إثراء برامجهم بمواضيع تهم حياة المواطنين اليومية والعملية مع التركيز على الجوانب الإيجابية وحسن استغلالها وذلك بهدف بناء حياة صحية سليمة مع المحافظة على النظرة التفاؤلية.

وتقول سمية حمدي وهي صحفية بإذاعة الحياة "إن ما يميز هذا المولود الإعلامي الجديد هو قربه من مشاغل الناس واهتمامه بهواجسهم، واليوم أصبحت الصحة من أوكد اهتمامات المواطنين خاصة في ظل استفحال وباء كورونا وانتشار الأمراض".

وأضافت في حديثها لـ "سبوتنيك" أن المواطن التونسي وفي ظل هذه المتغيرات أصبح في حاجة ملحة إلى استقاء المعلومات من مصادر علمية ودقيقة حتى لا يقع في فخ المعلومات الزائفة التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأحيانا في وسائل الإعلام نتيجة لغياب التخصص في المجال الصحي.

وبيّنت أن الهدف من إنشاء هذه الإذاعة المتخصصة هو إرشاد الناس في كل الجوانب التي تهم حياتهم الصحية اعتمادا على برامج وفقرات يعدها الأطباء ويقدمون عبرها الإرشادات والنصائح الطبية.

ويتولى الصحفيون نقل المستجدات الصحية اعتمادا على الخبرة التي اكتسبوها من خلال الدورات التكوينية التي تلقوها في الإذاعة.

هل تنجح تونس في الخروج من مأزق كورونا الوبائي بعد التضامن الدولي الواسع؟

تقول سمية: "إن فكرة إنشاء إذاعة متخصصة في المجال الصحي لقيت قبولا حسنا لدى المواطنين الذين أصبحوا يتابعون برامجها المتنوعة ويعتمدونها كمصر موثوق للمعلومات الطبية خاصة في فترة الجائحة".

حياة صحية سليمة

ألفة عبان، واحدة من الطبيبات اللاتي أقدمن على المشاركة في إثراء برامج إذاعة الحياة، تقول لـ"سبوتنيك": "إن الهدف الأساسي من هذا المشروع هو النهوض بقطاع الصحة وتقديم معلومات طبية مفيدة ومبسطة للمواطنين ومساعدتهم على عيش حياة سليمة جسديا ونفسيا".

وتقدّم عبان فقرة تعنى بمجال الرياضة تتجه فيها إلى جميع الرياضيين سواء النخبة أو المحترفين أو المبتدئين والهواة وتتطرق فيها إلى كل المواضيع التي تهم المشاغل الصحية للرياضيين.

وتضيف أن الإذاعة تسعى دائما إلى التأقلم مع المواضيع الآنية، ففي فترة الجائحة مثلا تركز عبان على إرشاد الرياضيين إلى كيفية الوقاية من مرض كوفيد 19 والسلوكيات التي يجب أن يتوخاها الرياضي أو يتجنبها أثناء الإصابة، ومتى يعود إلى التدريب وبأي طريقة. كما تركز أيضا على معالجة الآثار النفسية للحجر الصحي.

وتابعت "المواضيع التي تعرضها الإذاعة لا بد وأن تكون على علاقة باهتمامات الناس، لذلك فإننا نسعى دائما إلى الاستجابة إلى طلبات المواطنين والإجابة على أسئلتهم التي يطرحونها على صفحة الإذاعة.

وتشجع عبان على دعم الصحافة العلمية أو صحافة الصحة، خاصة في ظل قلة البرامج التثقيفية التي تعنى بالمواضيع الصحية وغياب التخصص الأكاديمي في هذا المجال.

مناقشة