التكنولوجيا الروسية تساهم في حل أزمة المياه بالعالم العربي

على خلفية ظاهرة الاحتباس الحراري واتساع رقعة التصحر تزداد ضرورة توفير المياه العذبة لسكان العالم حدة.
Sputnik

ويُعتقد أن تحلية مياه البحر هي السبيل الوحيد لحل أزمة المياه العالمية. وقد بادرت بلدان الخليج العريبة إلى إنشاء محطات تحلية المياه المالحة في منتصف القرن الـ20، وظهرت المحطة الأولى لتحلية مياه البحر في الكويت في عام 1951، ثم ظهرت محطات تحلية المياه المالحة في جميع البلدان العربية تقريبا، وتتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ترتيب البلدان التي تستفيد من تكنولوجيا تحلية المياه المالحة، حيث تنتجان ربع المياه التي يحصل عليها العالم من خلال تحلية المياه الساحلية.

أساليب تحلية المياه  

وثمة أساليب عدة لإزالة الملح من المياه، ومن بين مختلف الأساليب يعد التقطير واحدا من أكثر الوسائل الشائعة على مدى مئات السنين، أما الآن فيعد الارتشاح العكسي واحدا من أكثر الأساليب الشائعة، ويعتمد هذا الأسلوب على استخدام الأغشية بثقوب متناهية الصغر أصغر من شعرة الإنسان 1000 مرة، لفصل الملح عن الماء ويزداد الإقبال على استخدام تكولوجيا الارتشاح العكسي عاما بعد عام في القرن الـ21 مع أن أكثر من 70 في المائة من محطات تحلية المياه في العالم لا تزال تستخدم وسيلة التقطير.

ويقول كبير خبراء شركة "فولنار" الروسية المصنعة لمعدات تحلية المياه إن: "تقنية الارتشاح العكسي تستهلك القليل من الطاقة الكهربائية بينما يستغرق التقطير قدرا هائلا من الطاقة".

ومن بين المزايا التي تشجع على استخدام تقنية الارتشاح العكسي أن هذه التقنية تعتبر صديقة للبيئة ويشير كبير خبراء شركة "فولنار" إلى أن المياه التي تنتجها تقنية الارتشاح العكسي تحتفظ بالعناصر الميكروبيولوجية النافعة في حين تخلو المياه الناتجة عن عملية التقطير من العناصر المعدنية التي لا يمكن للإنسان أن يستغني عنها.  

خصائص الشرق الأوسط  

وتتم تحلية مياه البحر على مراحل تختص أولها بتنظيف مياه البحر لإزالة الشوائب التي يمكن أن تلحق ضررا بمعدات تحلية المياه.

وبالنسبة لبلدان الشرق الأوسط ثمة خصوصية متميزة كما أشار إلى ذلك مسؤول الرابطة الروسية للموارد المائية.

وقال غيورغي سامبورسكي في حديثه لـ"سبوتنيك" إن: "ارتفاع درجة حرارة الجو يترك أثره على أداء معدات تحلية المياه في بلدان الشرق الأوسط. وهناك أمر هام آخر يفرض ضرورة أن تؤدي معدات تحلية المياه في بلدان الشرق الأوسط عملها في حضور أقل عدد ممكن من العاملين لأن بعض بلدان المنطقة تواجه نقصا في الكوادر المدربة لتشغيل محطات تحلية المياه".

ومن جهة أخرى تملك البلدان العربية إمكانيات كبيرة تمنحها صناعة الطاقة الكهربائية ويقول المسؤول الروسي إن توفر الطاقة الرخيصة نسبيا يتيح، مثلا، مزاوجة عملية التقطير وعملية تمرير المياه عبر الغشاء.

تحلية المياه في روسيا

روسيا ليست بأمس الحاجة لتحلية مياه البحر إذ يوجد فيها أكثر من 20% من احتياطي العالم من المياه العذبة إلا أن بعض المناطق تواجه نقصا في المياه الصالحة للشرب، خاصة شبه جزيرة القرم، مثلا، ويُزمع إنشاء محطتي تحلية مياه البحر باستخدام الارتشاح العكسي.

كما تملك روسيا تكنولوحيا صناعة الأغشية التي تستخدمها محطات تحلية المياه وقد شهد عام 2013 تشييد مصنع كبير لإنتاج أغشية تنظيف وتحلية المياه في مدينة فلاديمير وتورد شركة "نانوتيخ" الروسية التي تملك هذا المصنع منتجاته لـ52 بلدا، مركزة على توريدها لبلدان الشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية.

التكنولوجيا الروسية تساهم في حل أزمة المياه بالعالم العربي

واستحوذت منتجات المصنع الروسي على اهتمام مصر أخيرا، وتناولت المباحثات التي جرت في عامي 2020 و2021 مناقشة إمكانية توطين إنتاج ما ينتجه المصنع الروسي في مصر.

ولفت أدوارد ليسينكوف، مدير عام شركة "نانوتيخ"، في حديثه لـ"سبوتنيك" إلى أن روسيا تعد واحدة من الدول القليلة التي تملك تكنولوجيا تحلية مياه البحر بطريق تمريرها عبر الغشاء، مؤكدا على وجود آفاق رحبة للتعاون بين روسيا والبلدان العربية في هذا المجال، ومنوها إلى أن التعاون في تحلية المياه يستجيب لمصلحة كلا الطرفين.

ومن الممكن أن تساهم الشركة الروسية في تحلية مياه البحر بالخارج، ويقول مديرها العام إنهم :"لا يستبعدون إمكانية مساهمة الشركة في إنشاء مصانع الأغشية اللازمة لمحطات تحلية المياه في البلدان العربية، مشيرا إلى أنهم مستعدون للتعاون مع مَن يتعهد بتسويق ما سينتجه مصنع من الممكن تشييده في بلده".

كما تنتج روسيا أجهزة تحلية المياه للسفن، وتشتريها شركات الملاحة البحرية العالمية، وتهتم فنادق تقع في  البلدان التي تواجه نقصا في المياه العذبة أيضا بمنتجات شركة "فولنار" الروسية، ومن بين البلدان التي تتعاون مع شركة "فولنار" دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر والمغرب وعمان.

ويمكن أن تساعد روسيا البلدان التي تواجه أزمة المياه على تحلية المياه المالحة عن طريق إنشاء المحطات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية، وهي الطاقة التي تحتاج محطات تحلية المياه إلى المزيد منها. وقد أنشأت روسيا في القرن الماضي مجمع مانغيستاوسكي الذي استخدم الطاقة النووية لتحلية المياه بأسلوب التقطير.واستخدم البخار الناتج عن عملية التبخر لإنتاج الكهرباء.

التكنولوجيا الروسية تساهم في حل أزمة المياه بالعالم العربي

والتكنولوجيا التي يستخدمها مجمع مانغيستاوسكي اخترعها معهد تابع لشركة الطاقة النووية الروسية "روساتوم" والتي تساعد البلدان العربية على إنشاء المحطات الكهرونووية، وتقوم الآن بتشييد محطة كهرونووية في مصر وتتطلع إلى الفوز بعقود إنشاء محطات كهرونووية في المملكة السعودية.

ومن الممكن أن تظهر في البلدان العربية في المستقبل محطات تحلية المياه وإنتاج الكهرباء، فالطاقة النووية تمكّن من تحلية المياه وتوليد الكهرباء في آن واحد.

مناقشة