احتجاجات وقطع طرق وغياب تشكيل الحكومة... هل دخل لبنان مرحلة الفوضى؟

في ظل استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية مع غياب تشكيل الحكومة، يعيش لبنان أيامًا صعبة وسط مخاوف من تفاقم الأزمة والدخول لمرحلة الانهيار الكامل.
Sputnik

فوسط استمرار الاحتجاجات وقطع الطرق في العديد من المحافظات اللبنانية اعتراضًا على الأوضاع المعيشية، يؤكد مراقبون أن لبنان دخل بالفعل مرحلة الفوضى المتوحشة، بيد أن الحلول الإنقاذية باتت بعيدة وصعبة.

طائرة تركية تنقل 4 مصابين من الجيش اللبناني بانفجار عكار إلى أنقرة للعلاج

وباشر الجيش اللبناني عمليات دهم محطات الوقود في عدد من المناطق ومصادرة الكميات المخزنة من مادة البنزين.

فوضى لبنانية

منذ أيام، ويشهد لبنان احتجاجات قوية لا سيما بعد بيان المصرف المركزي برفع الدعم كليًا عن المحروقات، وقام محتجون بقطع الطرق في العديد من المناطق داخل العاصمة بيروت.

ويندد المحتجون بتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد، وانقطاع التيار الكهربائي، والأوضاع المعيشية المتردية، وللمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن انفجار بلدة التليل في عكار شمالي لبنان.

وقال الصليب الأحمر اللبناني إن 20 فردا على الأقل قتلوا في انفجار صهريج وقود في عكار.

خيارات الإنقاذ

اعتبر ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن لبنان دخل بالفعل مرحلة الفوضى، التي تتسارع حركتها وتتوحش، من انفجار عكار إلى اشتباكات اليوم في منطقة الضاحية بين بعض العشائر والجيش، وسقوط قتلى يوميًا بسبب السعي لتأمين الحاجات الأساسية من البنزين والمازوت.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن: لبنان أمام احتمالين، الأول فرصة الإنقاذ والتي بدت عناصرها من خلال التفاهمات بين رئيس الجمهورية و"حزب الله" بتفويض الجيش للكشف عن المستودعات التي تخزن وتخفي مادة البنزين والمازوت، والتي خزنت فيها ملايين البراميل لبيعها في السوق السوداء، لجني الأرباح، وهؤلاء من المحسوبين على القوى السياسية والمنظومة في لبنان.

ويرى عوض أن هناك فسحة أمل لا يزال لبنان بانتظارها، فقد يتمكن الرئيس المكلف من تشكيل حكومة من شأنها أن تضبط الفوضى والتوحش وتخفف من عبء الأزمة دون أن تعالجها، وذلك باتفاق بين مختلف الأطراف لإيصال البلاد للانتخابات النيابية وكل جهة تراهن أنها ستكون الفائزة بالأكثرية.

وتابع: "يمكن أيضا تشكيل حكومة انتقالية بالتوافق بين حزب الله والجيش للتمكن من الأزمة، وكذلك يمكن أن يتحمل حزب الله والرئيس عون أعباء تشكيل الحكومة".

ويعتقد المحلل اللبناني، أنه بعيدًا عن هذه الخيارات الإنقاذية لبنان يسابق الزمن، والفوضى مستمرة وقد تبلغ ذروتها بانهيار المؤسسة العسكرية وتوقف مؤسسات الدولة عن العمل بسبب نقص المشتقات البترولية، وانهيار القدرة الشرائية للعملة اللبنانية وتدني الرواتب للعسكريين والمدنيين.

الوصول للفوضى

بدوره اعتبر الناشط المدني اللبناني أسامة وهبي، أن لبنان وصل بالفعل إلى الفوضى، التي ستزداد مع مرور الوقت، حيث أصبحت الأوضاع المعيشة صعبة جدًا، ولم يعد من السهل الوصول للأساسيات من الخبز والبنزين والدواء والماء.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، بات الجوع والعوز وفقدان الأمان يسيطر على لبنان، في ظل قوى أمنية عاجزة عن حماية المؤسسات وحماية المواطنين، حيث انتشر الفلتان الأمني وظهور السلاح، والاشتباكات وانتشار القتلى في الشوارع بشكل يومي، وأمام طوابير العيش والبنزين.

مجلس الأمن المركزي يطالب الجيش اللبناني بتكثيف انتشاره لحماية للمواطنين والسلم الأهلي

ويرى وهبي أن الوصول لهذه النتيجة كان متوقعًا، مع وجود طبقة سياسية فاسدة لا يهمها الأوضاع المأساوية التي يعيش فيها الشعب اللبناني، ولا تنشغل إلا بتقاسم الحصص والحقائب، فبات هناك سقوط مدوي لكل مؤسات الدولة، العاجزة عن إيجاد أي حل، مع فقدان المواطنين للحد الأدنى من الاستقرار والأمان.

وفيما يخص الموقف الدولي والعربي، اتهم الناشط اللبناني الدول العربية والأوروبية بالتقصير، حيث لم تفرض هذه الدول العقوبات اللازمة على السياسيين اللبنانيين، ولم يضغطوا عليهم بالشكل الكافي من أجل القيام بتشكيل الحكومة والإصلاحات المطلوبة.

وأعلن مصرف لبنان المركزي، يوم الأربعاء 11 أغسطس/ آب، رفع الدعم عن المحروقات، وأرجع لوزارة الطاقة والمياه مهمة تحديد الأسعار الجيدة للمحروقات في البلاد.

وأوضح مصرف لبنان المركزي في بيان، حصلت "سبوتنيك" على نسخة منه، أنه سيقوم بتأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات، معتمدًا الآلية السابقة، ولكن باحتساب سعر الدولار على الليرة اللبنانية تبعًا لأسعار السوق.

وتشهد البلاد أزمة محروقات شلت مختلف القطاعات الحيوية والأساسية فيه، فيما يتواصل الخلاف بين حاكم مصرف لبنان الذي أعلن رفع الدعم عن المحروقات ورئاستي الجمهورية والحكومة التي ترفض هذا القرار من دون التوصل إلى حل من شأنه يخفف من حدة الأزمة.

وأعلن رئيس الوزراء اللبناني المكلف، نجيب ميقاتي، اليوم الثلاثاء، أن الحوار مع الرئيس ميشال عون حول مسألة تشكيل الحكومة كان "إيجابيا"، معربا عن أمله في أن تتشكل الحكومة قريبا.

ويعاني لبنان العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية التي أدخلت البلاد في حالة من العجز، وأدت إلى تدهور الأوضاع وخروج الشعب إلى الشوارع احتجاجا على ما يحدث، مطالبين السلطات المعنية بالتراجع عن القرارات الأخيرة التي اتخذتها، خاصة بعد قرار رفع الدعم عن المحروقات.

مناقشة