الزراعات المائية في تونس... تقنية جديدة لمقاومة شح المياه

إلى جانب الأزمة الهيكلية التي يعيشها قطاع الزراعة في تونس، يعيش هذا القطاع أزمة أخرى تتمثل في تهرم الناشطين فيه، حيث يمثل الفلاحون الذين تجاوزت أعمارهم 60 عاما نسبة 43٪، عزوف الشباب للعمل في هذا القطاع سببه إهمال الدولة وغياب برامج تمويل المشاريع الفلاحية.
Sputnik

لكن رغم كل هذه المشاكل المتراكمة، إلا أن القطاع أصبح مركز اهتمام عدد متنامي من الشباب في السنوات الأخيرة، اهتمام جلب معه عدد من المشاريع الاستثنائية في تونس مثل الزراعات المائية، والتي تعتبر تقنية جديدة في تونس.

زراعة أسطح المنازل تقاوم مشاهد الإسمنت في تونس... صور

إسنكدر قاسم، 35 سنة، يعتبر من الأوائل الذين قرروا الاستثمار في هذا القطاع، حصل إسكندر من قبل على قرض تصل قيمته إلى نحو 55 ألف دولار، ثم بدأ في إنجاز المشروع المتمثل في إنشاء وحدة تختص في إنشاء مراكز للزراعات المائية للحرفيين في الأماكن التي يريدونها. 

ويتحدث إسكندر عن سبب اختيار قطاع الزراعة للاستثمار، قائلا في تصريح لـ"سبوتنيك": "اخترت الفلاحة لأنها أكثر القطاعات استهلاكا، مهما يحدث سيحتاج الناس دائما للأكل، وباستعمال تقنية الزراعات المائية يصبح أكثر ربحية".

وتعد الزراعة المائية تكنولوجيا صديقة للبيئة إذ يمكن استخدامها لزراعة أي نوع من النباتات باستخدام نظام غذائي متوازن بشكل علمي، ولا تعتبر تكنولوجيا الاستنبات من دون تربة مجرد إضافة لزراعة التربة العادية، بل إنها مكملة لها، إذ يستطيع هكتار واحد من المزارع المائية أن ينتج أكثر من 300 طن من الخضار سنوياً، أي أكثر بخمس إلى عشر مرات من إنتاج أي محصول تمت زراعته بشكل تجاري في الحقول المفتوحة.

وأكدت دراسة أجرتها هيئة التنمية والبحث الصناعي الريفي الأسترالية أن صناعة الزراعة المائية قد نمت من أربع إلى خمس مرات في السنوات العشر الماضية، وتمتد حالياً على مساحة تتراوح بين 20.000 إلى 25.000 هكتار مع قيمة زراعية تتراوح بين 6 إلى 8 مليار دولار أمريكي.

وعالمياً، هنالك عدد محدود من المحاصيل المزروعة باستخدام الزراعة المائية. وتعتبر الطماطم، والخيار، والخس، والفلفل الحار، والفلفل الرومي، وزهور الزينة من أهم المحاصيل التجارية. ولكن هنالك محاصيل أخرى ناشئة مثل الأعشاب والمحاصيل الصيدلانية.

وأسس إسكندر قاسم مشروع La ferme urbaine قبل سنتين واليوم تمكن من إنجاز عدد لابأس به من المشاريع لحرفائه من خلال تركيز بيوت مكيفة تعمل بتقنية الزراعات المائية كما أنه تمكن من إنشاء عدة مشاريع زراعية في المناطق الحضرية.

ويتحدث إسكندر عن بدايته قائلا: "أول مشروع في الزراعات الحضرية تمكنا من إنجازه كان في وسط العاصمة وتحديدا في المعهد الوطني للدراسات الفلاحية، الذي قدم لنا قطعة أرض تقدر بحوالي 300 متر مربع، كان المشروع عبارة عن تجربة وقد كللت بالنجاح".

 كما يسعى صاحب المشروع إلى إنتاج مواد فلاحية خالية من جميع أنواع الأدوية الكيماوية والإعتماد على زراعة بيولوجية.

إضافة إلى المشاريع التي ينجزها، يقوم المشروع الذي أطلقه إسكندر قاسم بتقديم دوارات تكوينية في الزراعات المائية سواء في الحقول أو الأماكن الحضرية وتمكن من تكوين أكثر من 120 شخصا في قطاع الزراعات المائية في أقل من سنتين.

كما يؤكد إسكندر قاسم أن شركته الناشئة تلقت عروضا من عدد من الدول المغاربية مثل الجزائر والمغرب.

ودرس إسكندر قاسم التجارة الدولية والتصرف، ولم يكن له أي اهتمام بمجال الفلاحة، بعد التخرج بدأ إسكندر يزرع حديقة بيتهم كنشاط لمقاومة ضغط الحياة اليومية، تسبب هذا النشاط البسيط في اكتشافه لعالم الزراعة ومشاكله وأسباب تراجعها في تونس والأهم الحلول التي من الممكن اتباعها للحصول على مواد فلاحية صحية.

ويرى إسكندر أن الشباب التونسي يهجر قطاع الفلاحة، بسبب كثرة تفاصيله وارتفاع قيمة الأموال التي يجب استثمارها لممارسة هذا النشاط.

ويضيف: "من خلال الزراعة المائية يمكن استقطاب الشباب مجددا إلى قطاع الفلاحة، هذه التقنية ستجعل التكاليف تنخفض بشكل كبير".

ويساهم القطاع الزراعي بنحو 10 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، ويساهم بنسبة 10 بالمئة في الصادرات التونسية، ويستقطب 8 بالمئة من جملة الاستثمارات في الاقتصاد الوطني، و14 بالمئة من اليد العاملة النشيطة بحسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء.

ويؤمن موارد رزق لأكثر من 570 ألف مشتغل فلاحي وبحار. رغم هذه الأرقام الإيجابية التي يحققها القطاع، إلا أنه يعاني من إهمال كبير من طرف الدولة، لكن بعض المؤشرات من الممكن أن تكون سببا في تحقيق هذا القطاع تقدما أهمها المصادقة على قانون الاقتصاد الاجتماعي و التضامني، والذي يعتقد خبراء أنه سيكون دفعة جيدة للقطاع الفلاحي واستثمارات الشباب الجديدة، والتي من الممكن أن تكون مدخلا لإصلاحات هيكلية.

مناقشة