مع استمرار توقفها وتبادل الاتهامات... هل فشلت مفاوضات فيينا بين إيران وأمريكا؟

في ظل القلق الأوروبي والأمريكي المتزايد من استمرار أنشطة إيران النووية، حثت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، طهران على العودة إلى مفاوضات فيينا الاتفاق النووي في أقرب وقت ممكن.
Sputnik

وكانت طهران قد طلبت تعليق مفاوضات فيينا بشأن الاتفاق النووي حتى تسلم الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي السلطة، وهو ما حدث بالفعل مطلع الشهر الجاري، إلا أنه لم يتم الاتفاق على موعد استئناف جولات التفاوض.

أمريكا: نأمل في عودة إيران إلى محادثات فيينا الآن

وطرح البعض تساؤلات بشأن استمرار تعليق المفاوضات بين إيران والمجموعة الدولية، وتبادل الاتهامات حول السبب في المراوغة، وما إن كان ذلك مؤشر على فشل مفاوضات فيينا أم لا؟

مطالب استئناف التفاوض

وقالت الدول الثلاث في بيان مشترك: "نحث إيران على العودة إلى المفاوضات في فيينا في أقرب وقت ممكن من أجل الوصول إلى نتيجة سريعة وناجحة للمفاوضات".

وأعربت الدول الثلاث عن "قلقها المتزايد إزاء أنشطة إيران النووي بعد تعليق مفاوضات فيينا بناء على طلبها منذ شهرين"، مشيرة إلى أن "إيران لم تلتزم بموعد لاستئناف تلك المفاوضات".

وتابعت الدول الثلاث: "نلاحظ بقلق بالغ التقارير الأخيرة الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي تؤكد أن إيران أنتجت معدن اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 20% للمرة الأولى، وزادت قدرتها الإنتاجية بشكل كبير من اليورانيوم المخصب تصل إلى 60%".

وأكد البيان: "نعيد التأكيد على أن هذه انتهاكات خطيرة لالتزامات إيران بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، فهاتان خطوتان أساسيتان في تطوير سلاح نووي، وليس لدى إيران حاجة مدنية ذات مصداقية لأي من التدبيرين".

وفي يوليو الماضي أعرب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، عن قلقه من تأجيل إيران لاستئناف محادثات فيينا بشأن البرنامج النووي؛ موضحا أنها تبتعد أكثر فأكثر عن العناصر الأساسية للاتفاق.

وتؤكد إيران أنها لا ترى جدوى من التفاوض حول قضايا خارج إطار الاتفاق النووي ما لم تفِ الأطراف الأخرى بالتزاماتها ضمن ذلك الاتفاق.

مقاربة أوروبية

اعتبر مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المقيم في فرنسا، أن قرار تعليق المفاوضات الإيرانية الأمريكية في فيينا قرار إيراني، حيث استغلت السلطات الإيرانية الظروف السياسية والانتخابية الداخلية، مع انتخاب الرئيس الجديد وتشكيل حكومة وتعيين وزير خارجية جديد لتجميد المفاوضات على أمل أن يعود الوفد للتفاوض بعد اكتمال المنظومة الحكومية.

خبير: إيران ترد على محاولات الغرب إضعافها بإعلان تخصيب اليورانيوم

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يبدو أن إيران تصر على ممارسة الضغط والابتزاز لأمريكا، لأنها تعتقد في قناعتها الداخلية بأن أمريكا بحاجة أكبر للعودة للاتفاق النووي، وتحاول أن توظف عامل الوقت والحاجة السياسية الأمريكية الذي عبر عنها الرئيس بايدن لصالحها.

ويرى الطوسة أن خلال انتظار ذلك وفي غضون ممارسة هذه المناورة السياسية الدولية هناك واقع جديد ظهر مؤخرًا، أن دول الاتحاد الأوروبي بدأت تأخذ وعيا من هذه اللعبة الإيرانية، وتحاول حاليا أن تمارس ضغوطًا وتعبر عن تهديدات وتوعد باتخاذ قرارات ضد إيران.

وكشف أن هناك جهودًا دبلوماسية في الخفاء لإقناع الإيرانيين بالعودة إلى طاولة المفاوضات فورًا وتقديم التنازلات المطلوبة، والانخراط في العملية التفاوضية من جديد.

ويعتقد الطوسة أن العودة للمفاوضات مرهونة باستجابة إيران للضغوط الأوروبية، وتقديمها للتنازلات التي تطالب بها أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي ودول الخليج وإسرائيل، والتي لا تتركز حول العودة لاتفاق 2015 فقط، بل بتوسيعه ليشمل بنودًا جديدة تضع البرنامج الباليستي الإيراني تحت المجهر، وتحتوي أنشطة إيران في المنطقة.

وأشار إلى أن هناك تلويحًا أوروبيًا في بعض الأوساط الحكومية باللجوء إلى الخيار العسكري الجماعي في حال أصرت إيران إلى عدم العودة للاتفاق النووي، وفي حال ثبت أنها تقترب من الحصول على السلاح النووي، وفي الوقت الذي يرى البعض هذا التلويح بمحاولة الضغط فقط على إيران، يراها آخرون أن المقاربة العسكرية باتت من ضمن الاحتمالات المطروحة بجانب العقوبات الاقتصادية.

مماطلة أمريكية

من جانبه اعتبر الدكتور عماد ابشناس، المحلل السياسي الإيراني، أن السبب في توقف مفاوضات فيينا هو عدم جدية الولايات المتحدة الأمريكية في موضوع رفع العقوبات، وعودة الجميع للاتفاق النووي.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، ومن ضمن أسباب تعثر مفاوضات فيينا إصرار أمريكا على إدراج موضوع البرنامج الدفاعي والنفوذ الإقليمي الإيراني بطريقة ما في حصيلة المفاوضات.

الطاقة النووية تؤكد بدء إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%

وتابع: "في حين أن الشرط الأساسي لإيران قبل المفاوضات، كان أن يتم بحث سبل عودة الجميع للاتفاق النووي ورفع العقوبات، وكان الأوروبيون قد أكدوا أن مفاوضات فيينا لن تتطرق لأي موضوع خارج هذا الإطار".

أما عن الجانب الإيراني، فيرى ابشناس أن توقفه عن التفاوض في فيينا جاء بسبب تغيير السلطة الإيرانية، والانتظار حتى تتشكل الحكومة الجديدة، ومن ثم تشكيل فريق التفاوض الجديد.

يذكر أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أصدرت مؤخرا تقريرا ذكرت فيه أن إيران تخصب اليورانيوم للمستوى الذي يمكنها من صنع سلاح نووي، قائلة "إن إيران انتقلت من تخصيب بنسبة 20% إلى نسبة تبلغ 60% في أبريل/ نيسان الماضي".

بالمقابل، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، في بيان: "نؤكد على أن برنامجنا النووي سلمي وليست له أي أهداف عسكرية"، مضيفا "الاتفاق النووي يحفظ لنا حق خفض التزاماتنا النووية".

وتابع خطيب زاده: "في حال عادت جميع الأطراف إلى التزاماتها في الاتفاق النووي وقامت واشنطن برفع العقوبات أحادية الجانب بشكل كامل وعملي وقابل للتأكد تقوم إيران فورا بالتراجع عن خطواتها التي اتخذتها بتقليص تعهداتها النووية".

يذكر أن المحادثات النووية التي انطلقت في أبريل الماضي، في العاصمة النمساوية، لم تتوصل، بعد 6 جولات من اللقاءات التي تمت بين الدول الغربية وإيران، برعاية الاتحاد الأوروبي، ومشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، إلى توافق يعيد إحياء الاتفاق الذي تهاوى منذ العام 2018.

وتطالب طهران واشنطن برفع العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب قبل تراجعها عن الخطوات التي اتّخذتها بالتخلي عن الامتثال الكامل للاتفاق.

وفي المحادثات الهادفة لإحياء الاتفاق يختلف الجانبان الأمريكي والإيراني على الخطوات التي يتعين اتخاذها وتوقيت إزالة الشكوك المتبادلة وضمان الامتثال الكامل لبنوده.

مناقشة