لماذا انخفضت خسائر فيضان النيل في السودان رغم أنه الأعلى منذ 100 عام؟

تؤكد التقارير الميدانية الواردة من السودان أن فيضان النيل غير المسبوق والذي ضرب البلاد هذا العام بدأ في الانحسار، ورغم الزيادة الكبيرة في منسوب النيل إلا أن خسائر هذا العام تقل كثيرا عن العام الماضي، نظرًا للإجراءات والتدابير الاستباقية التي تم اتخاذها.
Sputnik

وارتفع إيراد النيل الأبيض في الموسم الحالي إلى ما بين 120-130 مليون متر مكعب في اليوم، بينما كان متوسط الارتفاع في الأعوام السابقة خلال شهر يوليو/تموز يتفاوت بين 70 و80 مليون متر مكعب يوميا.

إعلام: 50 سنتمترا تفصل الخرطوم عن أعلى منسوب فيضان

كيف واجهت السودان أعلى فيضان للنيل منذ 100 عام؟

بداية، يقول رئيس الدفاع المدني في محلية بحري بالعاصمة السودانية الخرطوم، العقيد عبد الرحمن محمد حسن: "في الحقيقة هناك رصد دقيق لمناسيب النيل كل عام ويتم مقارنته بالسنوات السابقة على مدار العام، وفي مثل هذه التوقيتات ومواعيد الأمطار تكون هناك حالة من الترقب والاستعداد، وبالفعل كانت مناسيب النيل هذا العام أعلى من السنوات السابقة وتعدت حد الفيضان".

إجراءات استباقية

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن زيادة المناسيب هذا العام لم يكن لها تأثير كبير نظرا للاستعدادات السابقة والتجهيزات والترتيبات والتدابير الوقائية، التي تمثلت في إقامة الجسور الترابية على ضفتي النيل في محلية بحري على سبيل المثال، الأمر الذي قلل من مخاطر الفيضان على المحلية، حيث أنها لم تتأثر بأي شيء جراء زيادة منسوب المياه إلى حد الفيضان، ولم تكن هناك أي خسائر في الممتلكات والأرواح.

وتابع رئيس الدفاع المدني، إن تلك الإجراءات الوقائية تم اتخاذها بالنسبة لجميع المحليات في ولاية الخرطوم العاصمة والمطلة على النيل، أما في الولايات أو المحليات الأخرى هناك مصارف وخيران لتصريف مياه السيول والأمطار.

تجارب سابقة

وأشار حسن إلى أن الأمور مرت بسلام سوى في بعض المحليات في العاصمة الخرطوم وفي بعض المناطق الواقعة على النيل، وكانت هناك تدخلات مباشرة من وزارة الدفاع المدني لاحتواء الفيضان، لكن لم تكن هناك خسائر في الأرواح أو الممتلكات.

وأكد أن جهات مواجهة الكوارث والفيضانات من الدفاع المدني ومنظمات المجتمع المدني، استفادت كثيرا هذه المرة من تجارب المرات السابقة، حيث كانت عملية الاستعداد والتجهيز والتدابير الوقائية أفضل بكثير، ما قلل من الخسائر المادية والبشرية بشكل كبير.

إزالة آثار الفيضان

من جانبه، يقول رئيس منظمة "إنسان" للتنمية في السودان، يوسف أحمد إبراهيم، إن خسائر الفيضان هذا العام أقل بكثير من العام الماضي الذي كانت خسائره كارثية، أما هذا العام فإن الإجراءات الاستباقية التي تم إعدادها قبل موعد الفيضان ساهمت بقدر كبير في تقليل الآثار السلبية للفيضان.

تحذيرات في الخرطوم بعد تجاوز النيل منسوب الفيضان

وأكمل حديثه لـ"سبوتنيك"، أن منظمة "إنسان" بذلت ومازالت تبذل كل الجهد من أجل المواطنين بالتعاون مع الدفاع المدني الذي قام بدور كبير في هذا الشأن، مشيرا إلى أن منسوب النيل بدأ في التراجع اليوم، إلا إذا زادت الأمطار بشكل كبير على الهضبة الإثيوبية، لكن الوضع الراهن لمنسوب النيل لا يشكل أي خطورة، أما المناطق التي تضررت بصورة كبيرة، هى المناطق القريبة جدا من النيل بشكل مباشر وتتضرر بنفس الطريقة كل عام.

وأكد رئيس منظمة "إنسان"، أنهم يعملون الآن من أجل إزالة آثار الفيضان، سواء كانت صحية أو تعليمية أو اجتماعية، بالإضافة إلى حملات التوعية وتقديم العون للأسر الفقيرة، وأضاف: "نحن نعمل باستمرار على وضع الخطط المستقبلية والتي تشمل الإنذار المبكر قبل وقوع الأزمة، وقد نجحنا هذا العام في احتواء الأزمة".

وزير الري

لفت وزير الري والموارد المائية السوداني، ياسر عباس، إلى أن من أهم سمات فيضان هذا العام، الإيراد الكبير غير المتوقع من النيل الأبيض والذي يفوق كل ما تم رصده خلال المئة عام السابقة.

جاء ذلك في تغريدة نشرها الوزير عبر "تويتر"، الأربعاء الماضي، تعليقا على نتائج جلسة لمجلس الوزراء لبحث تقارير عن موسم فيضان 2021-2022.

وأوضح الوزير أن متوسط إيراد النيل الأبيض كان يتفاوت بين 70 و80 مليون متر مكعب يوميا في الأعوام السابقة خلال شهر يوليو، ليرتفع لما بين 120-130 مليون متر مكعب في اليوم في الموسم الحالي.

وأضاف عباس أن وزارته تمكنت بنجاح خلال موسم الفيضان الحالي، ولأول مرة من استخدام الخزانات السودانية، الروصيرص ومروي، في كسر حدة الفيضان خلال شهري يوليو/تموز، وأغسطس/أب، حيث حددت لجنة الفيضان لأول مرة ما يسمى بالتصريف الآمن الذي بلغ 800 مليون متر مكعب خلف سد مروي و550 إلى 650 مليون متر مكعب خلف سد الروصيرص.

وأكد الوزير أنه "رغم الملء الأحادي لسد النهضة، عبرت المياه الممر الأوسط بالسد في 20 يوليو وبعد ذلك كل إيراد النيل الأزرق الذي يدخل السد هو ما يخرج منه، أي ليس هنالك أثر للسد على فيضانات هذا العام، لكن عدم تبادل المعلومات قبل الملء أجبر السودان على اتخاذ تحوطات مكلفة ذات أثر اقتصادي واجتماعي كبير".

وأشار الوزير إلى أنه استعرض بمجلس الوزراء أيضا تقريرا عن الفيضان بمدينة الفاو والدمار الكبير الذي حدث والأراضي الزراعية التي غمرت، وأضاف: "كان هناك نقاشا مهما حول ضرورة تصريف هذه المياه بأسرع ما يمكن لكي تصبح كل المساحات المغمورة جاهزة للموسم الشتوي".

مناقشة