أسباب أجبرت الأفغان على الهروب من بلادهم بكل الطرق الممكنة حتى في عجلات الطائرات

بسطت حركة طالبان (المحظورة في روسيا) سيطرتها على معظم أراضي أفغانستان، إثر سقوط المدن تباعا بيدها خلال أيام والسيطرة على جميع المعابر الحدودية، ومن ثم دخولها قصر الرئاسة، والعديد من المواقع الحكومية في العاصمة كابل يوم 15 آب/أغسطس الجاري، بعد فرار الرئيس أشرف غني، تاركًا البلاد.
Sputnik

أفغانستان – سبوتنيك. وسعت معظم بلدان العالم لإجلاء سفاراتها والعاملين هناك من خلال طائرات تنقلهم من مطار العاصمة الأفغانية إلى بلادهم، وشهد العالم مناظر مروعة للشعب الأفغاني وهو يهرع إلى المطار ويتعلق بالطائرات على أمل الخروج من البلد، وخوفا من المستقبل المظلم.

قادة أفغان يشكلون جبهة للتفاوض مع طالبان بشأن الحكومة

وفي محاولات عدة لطلب اللجوء والخروج - إما من خلال مساعدات بعض الدول أو بالتشبث بالطائرات المغادرة - لقي العديد من المواطنين مصرعهم، وتأثر العالم بعدد من الحالات الإنسانية التي نقلتها العدسات، والتي تنم عن الوضع الذي يعيشه الشعب هناك.

وتسعى حركة طالبان في محاولات عدة لتحسين الوضع وعدم مغادرة الشعب البلاد، إلا أن المواطنين يرون أن الحركة تثير الكثير من المخاوف.

وتمثل الهجرة الحل الوحيد للشعب الأفغاني في ظل حركة طالبان، وينتظر العديد منهم فرصة للخروج، ليلحقوا بمن سبقوهم إلى إيران وباكستان.

وقام مراسل "سبوتنيك" بزيارة لمحطة النقل العام، حيث تحتشد هناك آلاف العائلات التي تحاول الفرار إلى إيران وباكستان، وبحسب أحد المسؤولين في شركة النقل فإن العدد الهائل من الناس الراغبة في الرحيل من البلاد جعل من الصعب توفير مكان للجميع في هذه الرحلات.

وفي مقابلات خاصة جمعت مراسل "سبوتنيك" بمغادرين أفغان، يقول حميد، المواطن الأفغاني، الذي ينتظر سيارة مع زوجته وأطفاله الثلاثة لتقله خارج الحدود، إن بلاده تواجه مصيرا مجهولا وليس لديه المال للعيش فيها.

وقال حميد: "أنا في رحلة بلا هدف ولدي ما يكفي من المال للذهاب إلى باكستان، وسأعمل هناك لإعالة أطفالي".

وأوضح حميد أنه كان يعمل موظفا في مكتب، قائلا: "كنت أعمل في مكتب هنا، والمكتب أغلق، والآن لا يوجد دخل، ولا توجد طريقة يمكنني الاحتفاظ بالمنزل".

ورصد مراسل "سبوتنيك" أن الشباب تمثل الفئة الأكبر من المهاجرين، هناك حيث ينتظر الآلاف من الأشخاص في المحطات،  ليركبوا السيارات التي تنقلهم إلى ولايتي نيمروز وسبين بولداك، كبوابات تعبر بهم إلى باكستان.

وتحدث مواطن آخر إلى "سبوتنيك" يدعى شفيق الله، غادر المنزل مع العديد من الأصدقاء الآخرين، للذهاب إلى إيران، ولكن لا يجد سيارة تقله إلى ولاية نيمروز ومن هناك إلى إيران.

وأوضح شفيق الله، بقوله: "كنت من المترفين، وكان راتبي كافياً لدفع ثمن منزلي، لكن الآن بعد وصول طالبان، فقدنا وظائفنا ونواجه مصيرًا مجهولاً، يجب أن أذهب إلى إيران، ومنها في حال حالفني الحظ إلى الدول الأوروبية".

وفي السياق ذاته، قال أحد المسؤولين الأفغان في قطاع النقل، غول أغا، لوكالة "سبوتنيك": "منذ اليوم الذي سقطت فيه كابل، تقطعت السبل بآلاف الأشخاص، وارتفعت الإيجارات وأسعار الوقود، ومن أجل ذلك غادروا البلاد".

إعلام: طالبان وأمريكا تهدفان لتسليم سريع لمطار كابل

وأكد المصدر الأفغاني أن الكثير من العائلات تحاول الوصول إلى باكستان عبر طريق بولداك، خاصة وأن الجارة باكستان لديها كل الطرق المتصلة بأفغانستان، ولكنها قامت الآن بإغلاق الطريق مرة أخرى.

كما أفاد مصدر في طالبان لوكالة "سبوتنيك"، قائلا: "الحكومة الباكستانية أغلقت طريق بولداك مرة أخرى اليوم، وأعلنت أن الطريق سيغلق لمدة أربعة أيام، ويسمح فقط لحاملي التأشيرات بالسير على هذا الطريق".

ويتحطم بذلك الأمل المتبقي للأفغان المراقبين للطريق الرابط بين البلدين، خاصة وأنه مع فرض باكستان جوازات السفر والتأشيرات، فلن يكون لدى المزيد من العائلات جوازات سفر وتأشيرات ولن يتمكن أحد من المغادرة.

وفي وقت سابق، أغلقت باكستان طريق تورخام منذ شهر وثلاثة أيام، عندما حاولت مجموعة عبور حدود تورخام إلى باكستان عبر أنفاق، الأمر الذي أجبر القوات الباكستانية على إطلاق النار، مما أسفر عن مقتل عدة أشخاص وإصابة عدد آخر.

أمّا الخروج عبر المطار بالطرق السليمة والشرعية، أصبح شبه مستحيلا، حتى وأن أمتلك الأشخاص لوثائق قانونية، وذلك نظرا لإغلاق المطار منذ وقوع التفجيرات الانتحارية.

ويظل الأفغان في هذه الأوضاع التي تشهدها بلادهم، يشعرون بحالة من القلق على مستقبل أفغانستان ويحاولون مغادرة البلاد، هربا من البطالة والوضع السياسي والأمني وخطر الحرب والفقر وارتفاع الأسعار.

مناقشة