هل تشكل قضية "آبيي" تهديدا للسلام الموقع بين الخرطوم وجوبا؟

عادت قضية "آبيي" الحدودية بين دولتي شمال وجنوب السودان إلى الواجهة بعد أن طلبت الخرطوم من الأمم المتحدة تغيير القوات الإثيوبية التي تعمل ضمن قوات حفظ السلام في المنطقة، الأمر الذي دفع الكثيرين للحديث عن ضرورة حسم تلك القضية العالقة منذ العام 2005 والتي تمثل برميل بارود يوشك على الانفجار في أي لحظة.
Sputnik
إلى متى تظل قضية أبيي بلا حلول؟
السودان يطالب الأمم المتحدة بسحب القوات الإثيوبية من آبيي لافتقادها الحيادية
خصوصية المنطقة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن "خصوصية أبيي أنها تقع شمال خط حدود 1956، وبموجب مرجعيات الاتفاقية أي منطقة تقع شمال تلك الحدود التي تم ترسيمها منذ زمن الاستعمار تعتبر منطقة شمالية وليست جنوبية، لذلك تعد المنطقة لغم ساكن يمكن أن ينفجر في أي لحظة".
وتابع عبد العاطي:
"الخبراء الذين أسند إليهم رسم حدود أبيي وتحديد مشايخ قبيلة الدينكا، خرجوا عن التفويض الممنوح لهم لأنهم عادوا إلى العام 1905، وهذا لم يوكل إليهم بموجب اتفاق السلام الشامل، لذا أعتقد أن القوات الدولية على الحدود هي التي تحفظ عملية السلام إلى الآن حتى لا تحدث صراعات بين القبائل في تلك المنطقة".
ستظل معلقة
وأكد المحلل السياسي أن "قضية أبيي سوف تظل معلقة، كانت هناك حلول بأن يتم تقاسم المنطقة بين الشمال والجنوب، كما كان هناك حل آخر بضرورة إجراء استفتاء بين سكان أبيي لتقرير المصير، لأن سكان المنطقة ليسوا هم قبائل الدينكا فقط وإنما الدينكا والمسيرية وغير ذلك، ومع مرور السنوات لم توضع أي من تلك الحلول وظلت القضية معلقة إلى اليوم، وبالتالي هذه القضية هي بركان يمكن أن يثور في أي لحظة من اللحظات".
حقل الألغام
بدوره يرى المحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، أن "منطقة أبيي تمثل حقل ألغام قابل للانفجار في أي لحظة بين السودان وجنوب السودان".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "العلاقات الآن بين البلدين في أفضل حالاتها، لذلك تتغافل الحكومتان عن المسألة، رغم أن الاتفاق السابق بينهما والذي كان برعاية دولية، ينص على إجراء استفتاء بالمنطقة، لكن الطرفان تناسوا هذا الأمر باعتبار أن العلاقات جيدة بالأساس، لذا لا يريدون الدخول في حقل الألغام".
الحل الشامل
وأشار ميرغني إلى أن
"تلك القضية لم تحل بشكل كامل، لكنها جمدت كقضية ووضعت بها قوات دولية لحفظ الأمن والسلام في انتظار المرحلة الأخيرة وهي الاستفتاء، هي موجودة الآن كحقل ألغام بين البلدين لكنه ساكن لن ينفجر طالما ظلت العلاقات جيدة بين البلدين، لكن إذا ساءت العلاقات وقتها ستكون أبيي واحدة من المسائل الخطرة جدا على البلدين".
سجال سياسي
بعد سقوط قتلى… السودان وجنوبه يبحثان التطورات الأمنية بمنطقة أبيي
وحول موضوع استبدال القوات الإثيوبية لحفظ السلام بين السودان وجنوب السودان في منطقة أبيي قال المحلل السياسي: "الخطوة في الأساس هي خطوة رمزية تقدمت بها السودان إلى الأمم المتحدة والتي وافقت بدورها على التغيير، باعتبار أن السودان لديه سيادة على هذه المنطقة ويراعي الحساسيات الثنائية مع الدولة الأخرى وهي إثيوبيا".
واستطرد: "هذا الأمر قد يدخل في السجالات السياسية بين الخرطوم وأديس أبابا، حيث رفضت إثيوبيا خلال الأشهر الماضية الوساطة السودانية في تيغراي، لذا حاول السودان رد الصاع بصاع آخر ورفض وجود القوات الإثيوبية في أبيي لحفظ السلام، وهو نوع من الإحراج لإثيوبيا بصفتها الدولة المضيفة للاتحاد الإفريقي وعندم اترفضها إحدى الدول فهذا يتسبب في حرج لها".
تقع منطقة أبيي بين كردفان ومنطقة بحر الغزال، ضمن حزام السافانا الغنية بالنباتات والأراضي الخصبة والمياه الغزيرة، فالأمطار في منطقة أبيي تستمر ثمانية أشهر خلال العام، وتتخلل المنطقة العديد من الأودية الكبيرة ذات السهول الواسعة، والتي فيها القابلية لإنتاج المحاصيل الزراعية بمختلف أنواعها، وإن نباتات نادرة مثل الزنجبيل والحرجل والغرنجال والشيح وغيرها تنبت بكثرة في أودية أبيي.
وتمتاز أبيي بمناخ معتدل طوال العام، أما في باطن الأرض فقد ذكرت التقارير أن حوالى 7 بالمئة من بترول السودان في منطقة أبيي وما حولها، هذا غير الثروات الأخرى التي لم تكتشف بعد.
وآبيي هي منطقة سودانية حصلت على وضع خاص ضمن اتفاقية السلام الشامل بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان، كانت تابعة لولاية غرب كردفان التي تم حلها بعد توقيع اتفاق السلام، سكانها مزيج من قبائل المسيرية العربية والزنوج، وهي تعد جسرا بين شمال السودان وجنوبه، أصبحت تبعية هذه المنطقة الغنية بالنفط محل نزاع بين الحكومة والحركة الشعبية.
الخلاف بين الشمال والجنوب في منطقة أبيي يدور حول قبيلة المسيرية العربية التي يقول الجنوبيون إن هذه القبيلة ليست مستقرة في ابيي بل تقوم بالانتقال إلى أبيي للرعي لمدة بضعة أشهر كل عام ثم تهاجر شمالا بقية العام، أما وجهة النظر الشمالية فتقول إن أبيي هي أرض المستقر للمسيرية وأن هذه القبيلة تهاجر شمالا بسبب الظروف المناخية التي تؤثر على المراعي، ثم تعود إلى أبيي وماتزال هذه القضية غير محسومة بين الشمال والجنوب بسبب مطالبة الجنوبيون بعدم منح قبائل المسيرية حق التصويت.
ومنذ 21 أغسطس/ آب الماضي، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي.
مناقشة