نواب تونسيون: البرلمان عقبة أمام رغبة الرئيس في تغيير الدستور لزيادة صلاحياته

حالة من الجدل السياسي أثارتها تصريحات الرئيس التونسي، قيس سعيد حول وجوب تعديل الدستور، لتزيد من ضبابية المشهد السياسي في البلاد التي تعيش بلا حكومة أو برلمان منذ أكثر من شهر.
Sputnik
القاهرة- سبوتنيك. وقبل ثلاثة أيام قال الرئيس التونسي، في تصريحات، إن "الشعب سئم الدستور والقواعد القانونية التي وضعوها على المقاس، ولابد من إدخال تعديلات في إطار الدستور"، وهو التصريح الذي أثار كثيرا من التساؤلات حول المواد التي قد يلجأ سعيد لتعديلها، خاصة بعد أن أقال، في يوليو/ تموز الماضي، الحكومة، وجمد عمل البرلمان.
منظمة حقوقية للرئيس التونسي: لا يمكنك تعديل الدستور لهذا السبب
ويرى عضو مجلس نواب الشعب عن حركة "النهضة"، ماهر المذيوب، في تصريحات لوكالة سبوتنيك، أن من حق الرئيس قيس سعيد إدخال تعديلات دستورية، لكن الوقت ليس مناسبا لتعديل الدستور الآن، بل العمل على تشكيل الحكومة.
ويقول المذيوب "من حق الرئيس قيس سعيد أو نواب الشعب طرح تعديل للدستور، فالدستور التونسي مرن وليس قرآنا منزلا، لكن من المهم جدا التقيد به والعمل على تغيير الأشياء من خلاله وليس من خارجه".
وأضاف المذيوب "أعتقد أن الأولوية اليوم ليست لتغيير الدستور، بل للعمل جماعيا لتغيير حياة الناس ومعاناتهم عبر حكومة ديمقراطية تنال ثقتها من البرلمان، واعترافا داخليا وخارجيا، عشية البدء في مفاوضات مع البنك الدولي".
وواصل المذيوب "ما هو واضح للجميع أن السيد الرئيس يبحث عن الصلاحيات، وتجميع كل الصلاحيات من أجل التغيير، التغيير المعلوم لديه والمجهول للجميع".
وحول احتمالية دعوة سعيد إلى حوار مجتمعي بشأن التعديلات الدستورية، قال المذيوب "أرجو أن يشرف الرئيس على حوار سياسي ومجتمعي تحت قبة الرئاسة، ولا يستثنى أحدا من هذا الحوار، لكن وبكل صراحة، خطوات الرئيس حتى اللحظة فردية وانعزالية".
أما النائب عن حزب التيار الديمقراطي، أنور بن الشاهد فيرفض فكرة إجراء تعديلات دستورية في الوقت الحالي، لأن تونس تعيش حالة استثنائية لا يجب أن تشمل تغيرات جوهرية في الدولة، حسب تعبيره.
يقول ابن الشاهد "يبدو أن رئيس الجمهورية يرغب في تعديل المواد المتعلقة بالنظام السياسي على الأقل، لكن ملامح النظام الذي يريده الرئيس ما زالت غير واضحة".
اتحاد الشغل يستغرب عدم اتخاذ الرئيس التونسي أي خطوات جديدة في حل الأزمة
وأضاف "في كل الأحوال، نأمل أن لا يتم المساس بالدستور في ظل الحالة الاستثنائية الآن، لأن الحالة الاستثنائية المحدودة في الزمن لا يجب أن تؤدي إلى تغيير جوهري في الدولة، عدا أن تغيير الدستور يحتاج عقلا باردا وحوارات هادئة تجمع كل الأفكار المختلفة، وهذا اليوم غير متوفر في تونس بسبب شدة للتشنج في الخطاب من جميع الأطراف وعدم القدرة إلى الآن على تطوير المواقف لتسمح بحد أدنى من التواصل".
على الجانب الآخر، يؤيد النائب عن الحزب الدستوري الحر، علي الطياشي مسألة التعديل الدستوري، مؤكدا أنها كانت مطلبا للعديد من القوى السياسية، ويقول إن "مسألة تغيير الدستور كانت مطلبا أساسيا للعديد من النخب والأحزاب والفاعلين السياسيين في تونس، على اعتبار أنه دستور يشتت مواقع القرار، ولا يمكن له أن يضمن الاستقرار السياسي، والحقيقة أن حديث رئيس الجمهورية عن تعديل الدستور هو انسجام مع تلك الطلبات من النخب وحتى الطلب الشعبي".
ويضيف الطياشي "لكن اللافت للانتباه في تصريحات الرئيس هو الانتقال من تصريحات احد مستشاريه الذي اشار علنا الى تعليق العمل بالدستور الحالي وبالتالي الغائه، إلى الحديث عن تعديل الدستور وهما مفهومان مختلفان في القانون الدستوري، ما يفهم منه أن سقف المطالبة قد بدأ في الانحسار".
وفيما يتعلق بالمواد المتوقع أن يلجأ سعيد إلى تعديلها، يقول الطياشي إن "المسألة واضحة، فالتعديلات ستشمل باب السلطة التنفيذية بما يمنح صلاحيات أكثر لرئيس الجمهورية مقابل خفض الصلاحيات الممنوحة لرئيس الحكومة، وجعل اختيار رئيس الحكومة من طرف رئيس الجمهورية، بما يغير صفته من رئيس حكومة إلى وزير أول".
ويضيف الطياشي "باختصار هذه التعديلات تعيدنا إلى نظام رئاسي، إضافة إلى حصر دور النواب والسلطة التشريعية، كما يمكن أن تشمل باب المحكمة الدستورية التي من الممكن أن تتحول إلى مجلس دستوري مع طريقة مختلفة لاختيار الأعضاء".
بالمقابل، يتوقع الكاتب والصحافي التونسي، فرح شندول أن تشمل هذه التعديلات الفصول التي تهم النظام السياسي الذي اقترحه دستور عام 2014، وقال "حسب اعتقادي وحسب تفسير عدد من المهتمين بهذا الشأن إنه سيفرز دستور جديد تكون فيه لرئيس الجمهورية صلاحيات أكبر، بالتوازي مع سلطة لمجلس نواب الشعب في نظام شبيه بالنظام الرئاسي الفرنسي".
هل تقبل الأطياف السياسية والحقوقية في تونس خطة الرئيس في تغيير النظام والدستور؟
لكن شندول يلفت إلى عقبة قد تقف أمام هذه التعديلات، فبحسب الدستور التونسي الحالي، يجب أن يمر أي مقترح لتعديل الدستور عبر مجلس النواب، حيث يقول "الإشكالية المطروحة هي الكيفية التي سينقح بها الرئيس الدستور، لأنه حسب الدستور الحالي فإن أي تعديل يجب أن يمر عبر مجلس نواب الشعب".
ويتابع "ربما هذا هو السبب الذي دفع رئيس الجمهورية يوم 25 يوليو إلى إعلان تجميد البرلمان وليس حله، ربما قد توجد صفقة معينة تعيد البرلمان إلى نشاطه ولكن بشكل اخر، مع العمل على تغيير النظام السياسي".
ويشير شندول إلى أزمة القانون الانتخابي، حيث يقول إن "الرئيس تحدث كثيرا عن قانون الانتخابات الذي أوجد هذا الشكل الهجين للبرلمان الحالي، برلمان ليس به أغلبية، وقانون انتخابي لا يمكن أي حزب من الحصول على الأغلبية، فالتغيرات كذلك قد تشمل القانون الانتخابي ونظام الأحزاب".
ويضيف "لكن تظل العقدة كيف تصدر هذه التعديلات والبرلمان مجمد، وفي ظل رئيس جمهورية يرفض التعاطي مع الأحزاب، وأيضا في ظل غضب شعبي من آداء البرلمان وارتياح لقرار الرئيس تعطيل هذا البرلمان؟".
يذكر أنه في ليلة 25 تموز/يوليو الماضي، أعلن الرئيس التونسي تجميد عمل البرلمان وتعليق حصانة كل النواب، لمدة شهر، وإقالة رئيس الوزراء، هشام المشيشي، في ظل الاستياء الشعبي جراء التدهور الشديد للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية في تونس.
** تابع المزيد من أخبار تونس اليوم على سبوتنيك
مناقشة