مجتمع

فنانة تشكيلية تعيد إحياء أصالة الريف السوري وتحول منزلها للوحة فنية... فيديو

لا يستطيع عابر الطريق بين مدينة اللاذقية وبلدة صلنفة أن يمر سريعاً من أمام منزل الفنانة التشكيلية ريم سلهب دون أن يعرج عليه لالتقاط الصور التذكارية إلى جانبه وداخله، وتوثيق الكم الكبير من الجمال والفن المتمازج في منزل أشبه بلوحة فنية تفيض بالسحر المعتّق بالورد والألوان.
Sputnik
شغف سلهب بالطبيعة والألوان والورود، جعلها تستثمر كل خبراتها الصغيرة الكبيرة مع الرسم في جعل بيتها العتيق مكاناً خارج الزمن يعود بزائره سنين إلى الوراء.. إلى الأصالة والتراث.. إلى الزمن الجميل الذين في ذاكرة كل منّا قصة سمعها من والديه أو أجداده عما كانت تزخر به البيوت الريفية العتيقة.
بتفاصيل صغيرة، تروي سلهب لـ"سبوتنيك" كيف جعلت كل جزء في منزلها حكاية تراث وأصالة بدءاً من الرسوم والألوان المتناسقة في مكان، والمتضاربة في مكان آخر على الجدران، إلى اللوحات والأثاث المؤلف من أرائك وطاولات خشبية، مروراً بالمفارش والأغطية التي زينت الأثاث وأعطته لمسة من الأصالة العتيقة، وانتهاء بالورود المختلفة التي غطّت المنزل ليغدو تحفة فنية مميزة تشده الأبصار.
عن أساس الفكرة، تروي سلهب: منذ أن كان عمري 9 سنوات، أحب الرسم وأعشق الألوان، حيث كنت أرسم على أرض المنزل وجدرانه وعلى كل مساحة بيضاء كنت أسارع إلى استثمارها في التعبير عما يجول في خاطري.
وتضيف: مع تقدم السنين، تطوّرت خبرتي مع الألوان بالقدر الذي ازداد شغفي بها، فتعلقي الشديد بالطبيعة وحبي للألوان والورود كان ملهمي وحافزي في مبادرتي التي باتت مثار إعجاب الجميع ممن لم يستطيعوا لجم فضولهم عن التعرف على كنه المنزل الملون.
فنانة تشكيلية تعيد إحياء أصالة الريف السوري وتحوّل منزلها للوحة فنية، اللاذقية، سوريا
عن الألوان النابصة بالحياة، تشرح سلهب: اختار الألوان المتناسقة في مكان، والمتضاربة في مكان آخر، مدللة بأنها تمزج اللون الأحمر مع الأخضر، والأزرق مع الأصفر، للحصول على ألوان متضاربة فاقعة توحي بالجمال والسحر.
ولا يقتصر تضارب الألوان عند سلهب في رسوماتها، وإنما يتعداه إلى تزيين الاثاث والجدران، مشيرة إلى أنها تضع فوق غطاء الأريكة الأزرق وسادة لونها أحمر أو أي لون غريب آخر، صحيح أنه غير متناسق لكنه يعطي جمالاً ويجعل من الأريكة لوحة فنية تجذب اهتمام الأشخاص.
فنانة تشكيلية تعيد إحياء أصالة الريف السوري وتحوّل منزلها للوحة فنية، اللاذقية، سوريا
خلال الوقت الطويل الذي تقضيه سلهب في تزيين منزلها، لا تشعر بالتعب أو السأم، بل على العكس تشعر بالوقت يتسلل خفية من زمن النهار ليحل الليل بدون أن تشعر، وتضيف سلهب: لا اشعر بمرور الوقت وأنا أرسم بالألوان الزاهية التي ترمز للحياة والتجدد ليصبح كل جدار لوحة فنية. ناهيك عن الساعات الطويلة التي أمضيها بسعادة وأنا أنتقي الورود بأنواعها وألوانها المختلفة لأزين فيها المنزل.
فنانة تشكيلية تعيد إحياء أصالة الريف السوري وتحوّل منزلها للوحة فنية، اللاذقية، سوريا
فيما تشرح سلهب عن عملية انتقاء الورود، تتناثر الورود برتابة وذوق رفيع على المدرج الخشبي الذي أضفى لمسة جمالية ساحرة على المنزل المستريح في فيء أشجار الجوز المحيطة به، وتردف بسعادة: إعجاب الزائرين ومديحهم لمنزلي شكل أكبر سعادة لي وشجعني على إضافة المزيد من الألوان والورود للمنزل.
فنانة تشكيلية تعيد إحياء أصالة الريف السوري وتحوّل منزلها للوحة فنية، اللاذقية، سوريا
الأصالة بكل ما فيها من موروث شعبي وعادات وتقاليد عتيقة، تحاول سلهب أن تحيي ما استطاعت من ملامحها وطقوسها، إذ تقول: في القديم كان صاحب البيت لا يسمح لعابر الطريق أن يمر مرور الكرام أمام منزله دون أن ينال نصيبه من الضيافة، ولذلك دأبت على تقديم القهوة بالعسل لزواري مجاناً.
فنانة تشكيلية تعيد إحياء أصالة الريف السوري وتحوّل منزلها للوحة فنية، اللاذقية، سوريا
وعن سر القهوة بالعسل، بينت سلهب أن القهوة مشروب أصيل وتقليد لدى كل الشعوب، ولذلك أردت أن أقدمه مجاناً للضيوف بعد إضافة العسل له كبديل عن السكر لما للعسل من فوائد صحية كبيرة.
علاقة سلهب بالطبيعة الريفية الخام، لم تترجمها بالرسم فقط، بل قامت بإعادة تدوير القطع القماشية والاستفادة من الأخشاب لتطويعها في صنع محتويات تراثية تزيّن بها منزلها.
فنانة تشكيلية تعيد إحياء أصالة الريف السوري وتحوّل منزلها للوحة فنية، اللاذقية، سوريا
الفن تراه سلهب تجديداً يكره النمطية والتكرار، ولذلك تقوم كل عام بتغيير ديكور المنزل بما فيه من أثاث ورسوم وورود، وتشرح سلهب: في كل عام أبدل رسوم المنزل والديكور بألوان جديدة تخطر ببالي، وغايتي الأساسية من وراء ذلك هو إضفاء السكينة والراحة النفسية على كل زاوية داخل المنزل.
فنانة تشكيلية تعيد إحياء أصالة الريف السوري وتحوّل منزلها للوحة فنية، اللاذقية، سوريا
سلهب العاشقة للورد والألوان، الساعية بشغف وراء التجديد البصري المرتبط بإحياء أصالة الريف، لا يقف طموحها عند عتبة منزلها الذي تحول إلى مقصد سياحي زاخر بالسحر والأصالة، وإنما يتعداه، إذا توفر لها المال الكافي، إلى تأسيس مشروع سياحي عنوانه سر الجمال في الأصالة الريفية.
مناقشة