تصعيد بين الجزائر وفرنسا... ما مصير ملف الذاكرة؟

تتفاقم التوترات بين الجزائر وفرنسا بشكل غير مسبوق خلال الفترة الراهنة، ما ينعكس بشكل مباشر على ملف الذاكرة الذي يعد القضية الأهم بالنسبة للجزائر.
Sputnik
في أخر تطورات التصعيد الدبلوماسي بين البلدين، طالب الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، فرنسا بـ"الاحترام الكامل" لبلاده. وقال تبون إن "على فرنسا أن تنسى أن الجزائر كانت مستعمرة لها في يوم من الأيام".
تبون: تصرفات فرنسا العدوانية هي السبب وراء إغلاقنا الأجواء أمام طيرانها العسكري
وتصاعدت حدة التوترات بين البلدين عقب حديث للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أبلغ فيه أحفاد حرب استقلال الجزائر 1954-1962 أن الجزائر يحكمها "نظام سياسي عسكري أعاد كتابة تاريخها بالكامل"، بحسب وكالة "فرانس برس".
أعقب ذلك استدعاء الجزائر لسفيرها في باريس، ومنع الطائرات العسكرية الفرنسية من التحليق ضمن النطاق الجوي الجزائري. وبحسب خبراء، فإن التوترات الحالية تنعكس بشكل مباشر على قضية الذاكرة التي تطالب فيها الجزائر باريس بالاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها خلال فترة الاستعمار، وكذلك تسليم الأرشيف الجزائري عن الفترة وما قبلها للجانب الجزائري.
رغم حديث ماكرون خلال حملته للانتخابات الرئاسية في عام 2017، عن أن استعمار الجزائر كان "جريمة ضد الإنسانية"، إلا أنه طلب "المسامحة" من أسر الجزائريين الذين قاتلوا إلى جانب الفرنسيين في الجزائر، وهو ما اعتبرته الأوساط الجزائرية تهربا من الوفاء بالمطالب الخاصة بملف الذاكرة.
ورفضت الجزائر، في وقت سابق، تقرير "نجامين ستورا" ووصفته بأنه "غير موضوعي" وفشل في إثبات "اعتراف فرنسا الرسمي بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت خلال 130 عاما من احتلال الجزائر"، الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة بشأن تاثير التوترات الحالية على ملف الذاكرة.
تبون يؤكد أن عودة السفير الجزائري إلى فرنسا مرهون باحترام باريس التام لبلاده
في هذا الإطار، قالت حدة حزام الكاتبة والمحللة السياسية الجزائرية، إن الرؤية تجاه ملف الذاكرة ما زالت متناقضة بين الطرفين، خاصة أن ماكرون في لقائه الأخير عبّر عن أنه ما زال يعتز بما يسميه المهمة الحضارية لبلاده، ما يعني أنه يؤمن بالاستعمار ويرفض أن يعتذر للجزائريين على ما ارتكبته بلاده من مجازر في حق الشعب الجزائري والشعوب الأفريقية الأخرى.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن الجزائر تحفظت عما جاء في تقرير "ستورا"، إلا أنه من غير المفهوم تأخر عبد المجيد شيخي الذي كلفه الرئيس الجزائري بالملف، حتى أنه لم يتقدم خطوة.
في المقابل قدم ستورا تقريره منذ أشهر، ما يعني أن العملية برمتها لم تحل الأزمة بين الجانبين، بحسب حدة التي شددت على أن الاعتراف والاعتذار مطلب عالق إلى أن تأتي إرادة شجاعة لحل الأزمة.
من ناحيته قال المحلل السياسي إسماعيل خلف الله، إن ملف الذاكرة يثقل العلاقات بين الجزائر وباريس، وأنه يقف عقبة دائما بين العلاقات التي تتقارب وتتوتر بين الحين والآخر.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن التوترات الحالية زادت حدتها مع تصريحات الرئيس الفرنسي بالطعن في تاريخ الجزائر، وأن هذا التوتر يؤثر على ملف الذاكرة، موضحا أن صانع القرار الفرنسي لا يبدي النية الحقيقة في حل أزمة ملف الذاكرة.
وزير الخارجية الجزائري يصف تصريحات ماكرون بالإفلاس
وأشار إلى أن الجزائر تطالب بالأرشيف الخاص بها سواء المتعلق بالحقبة الاستعمارية على مدار 130 سنة، أو حتى ما قبل الاستعمار الفرنسي، الذي حملته السلطات الفرنسية معها خلال خروجها من الجزائر.
إضافة إلى ملف الذاكرة تطالب الجزائر بالاعتراف بالجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الجزائري، ويوضح خلف الله، أن الذهاب إلى الاعتراف أو التعويضات لضحايا التفجيرات النووية هو ما تريده الجزائر، في حين تقف فرنسا على مسافة بعيدة من الأمر.
شدد خلف الله على أن التوترات بين البلدين تنعكس بشكل مباشر على ملف الذاكرة، حيث تستمر باريس على نفس حالة التعنت وتجاهل الأمر، إلا أن الجزائر مصرة على إجبار فرنسا على الأقل لتقديم الأرشيف والاعتذار على الطعن الذي قام به الرئيس الفرنسي.
فيما قال البرلماني الجزائري زواني بن يوسف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن الملف لن يشهد أي تقدم في الوقت الراهن، مضيفا أن أي خطوة أو تقدم ستكون بعد الانتخابات الفرنسية، في حين أن التوترات بين البلدين محدودة بسقف معين نظرا لتشابك العلاقات الاقتصادية.
طالع أخبار العالم الآن عبر سبوتنيك
مناقشة