لماذا تحاول أمريكا دفع لبنان للتفاوض على ترسيم الحدود مع إسرائيل؟

رغم ما يعانيه لبنان من أزمات سياسية واقتصادية وأمنية، شدد آموس هوكستين، الوسيط الأمريكي في عملية التفاوض غير المباشر، على موضوع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان، وقال إن المحادثات ينبغي أن تُستكمل خلال فترة قصيرة.
Sputnik
والتقى هوكستين، كبير مستشاري وزارة الخارجية الأمريكية لأمن الطاقة، يوم الأربعاء الماضي، برؤساء السلطات اللبنانية، بعد وصوله إلى بيروت، الثلاثاء الماضي.
ودفعت الزيارة البعض لطرح تساؤلات بشأن الرغبة الأمريكية في استكمال مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل، في هذا التوقيت والتي يعاني فيه لبنان أشد معاناة على كل الأصعدة، خاصة الاقتصادية.
وبحسب بيان رئاسة الجمهورية اللبنانية، فإن الرئيس عون عرض مع الوسيط الأمريكي مسار عملية التفاوض في شأن ترسيم الحدود البحرية والتوجهات المقبلة في هذا الملف.
الجيش السوري يمنع رتلا أمريكيا من عبور طريق "إم 4" شرقي سوريا
وأكد رئيس البرلمان نبيه بري بعد لقاء المبعوث الأمريكي: "إننا أمام فرصة جديدة لاستئناف المفاوضات في الناقورة، مع المساعي الأمريكية الجديدة التي تبذل في هذا الإطار".
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أن المسؤول الأمريكي سيؤكد خلال لقاءاته في بيروت، استعداد إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لمساعدة لبنان وإسرائيل على إيجاد حل مقبول للطرفين بشأن حدودهما البحرية المشتركة من أجل مصلحة الشعبين، وفقا لصحيفة "الغد".
اعتبر عضو مجلس النواب اللبناني، قاسم هاشم، أنه ليس من المستغرب عودة الوسيط الأمريكي لتحريك مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، خاصة وأنه لعب دورًا في المرحلة الماضية التي سبقت اتفاق الإطار، وفي هذه الدقيقة والصعبة التي يمر بها الوضع الاقتصادي اللبناني.
صحيفة: إسرائيل تستأنف الاستعدادات لضربات جوية محتملة ضد المنشآت النووية الإيرانية
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، "اعتاد لبنان على مثل هذه السياسات الهادفة لتشكل قوة ضغط على المسؤولين اللبنانيين لأن الظروف الاجتماعية السيئة للبنانيين قد تشكل نقطة ضعف لبنانية وورقة بيد الوسيط لتمرير ما يراه مناسبا لمصلحة إسرائيل".
وتابع: "لن نتوهم يومًا أن أمريكا لن تكون منحازة لمصلحة إسرائيل مهما كانت الظروف؛ فمعيار السياسة الأمريكية في منطقتنا العربية هي التفتيش عن المصلحة الإسرائيلية".
ويرى هاشم أن أمريكا إن كانت جادة في هذه الوساطة والعودة إلى المفاوضات، فإن ما يحكم نجاحها وفق الرؤية اللبنانية هي الالتزام بما تفرضه القوانين والاتفاقيات الدولية والتمسك بحق لبنان بكل نقطة نفط أو شبر من أرضه في المياه أو البر، لأنها مسألة كرامة وطنية وأبعد من حصص وعائدات.
بدوره، اعتبر المحلل السياسي اللبناني سركيس أبوزيد، أن "لبنان يواجه أزمة اقتصادية اجتماعية سياسية قضائية، ومؤخرًا أمنية لها أسباب داخلية نابعة من طبيعة النظام اللبناني الطائفي الذي يقوم على الاستغلال وعلى الاحتكار وعلى عدم الإنتاج، لأنه اقتصاد ريعي، واجتمعت الأسباب الداخلية مع الإقليمية والدولية حتى تضع لبنان في مأزق يشهد نوعا من انهيار الدولة ومؤسساتها وصعوبات متفاقمة من كل الجهات، والهدف الأساسي من كل هذه الأمور، التضييق على لبنان حتى يرضخ لمطالب دولية وإقليمية مفروضة عليه".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، "الهدف الأساسي من هذه الضغوط، ترسيم الحدود اللبنانية مع إسرائيل، حيث تسعى إليه إسرائيل لكسب المزيد من الأراضي والمساحات التي توفر لها ثروة نفطية وغازية، وغيرها من الأمور".
غروشكو: حلف "الناتو" يزيد نشاطه على حدود روسيا بمشاركة عنصر استراتيجي
وتابع: "لذلك أمريكا التي تدافع عن المصالح الإسرائيلية وتريد أن تفوز إسرائيل بمجموعة من الثروات المائية والبحرية تضعط على لبنان بشتى الوسائل حتى يقبل بالشروط الإسرائيلية لترسيم الحدود البحرية".
ويرى أبوزيد أن لبنان "لا يزال متمسكًا برؤيته التي وضعها الجيش اللبناني، لكن ضعف المؤسسات الرسمية وبنية الدولة يضعه أمام خيارات صعبة، ربما تفرض عليه القبول ببعض التنازلات؛ لذلك الأمور مرهونة بالنتائج، ومطلوب من مؤسسات الدولة التماسك، حتى تتمكن من عقد اتفاق مشرف تحافظ به على المصالح اللبنانية".
وكانت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار، قد أعلنت استعداد تل أبيب لإحياء جهود حل النزاع مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية، إلا أنها لن تقبل بأن تملي بيروت شروط التفاوض.
وفي ختام محادثات مايو/أيار، عبر الرئيس اللبناني ميشال عون عن رفضه لوضع شروط مسبقة.
ورفض عون اقتراحات الوسيط الأمريكي التي تطالب بإجراء مفاوضات على أساس خطوط الحدود بين إسرائيل ولبنان والمحالة بالفعل إلى الأمم المتحدة والمسجلة لديها.
وتوقفت المحادثات السابقة بعد أن قدم كل جانب خرائط متعارضة توضح الخطوط المقترحة للحدود والتي زادت بالفعل مساحة المنطقة المتنازع عليها.
مناقشة