وزير الطاقة اللبناني: الأزمة ليست مرحلية.. ومشروع الكهرباء والغاز مع مصر والأردن في مرحلته الأخيرة

لعب ملف الطاقة ونفاد مشتقات البترول وانقطاع الكهرباء الدائم دورًا كبيرًا في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، إذ يعد من أكثر الملفات الشائكة والتي تشغل بال الشارع اللبناني، حيث شهدت بيروت العديد من الأزمات والطوابير والتراشقات وكذلك الوقفات الاحتجاجية بسبب شح الوقود وارتفاع أسعاره.
Sputnik
وفي ظل هذه الظروف الشائكة، حمل وليد فياض، وزير الطاقة والمياه اللبناني، على عاتقه محاولة حلحلة الأزمة وتوفير كميات الوقود اللازمة، لا سيما فيما يتعلق بتأمين التغذية لشبكة الكهرباء الوطنية والتي تواجه مشكلات كبيرة، وانقطاع دائم لساعات طويلة.
وزير الطاقة الأردني: توصلنا إلى صيغة نهائية لتزويد لبنان بالكهرباء
وإلى نص الحوار..
بداية.. إلى أين وصلت أزمة الطاقة في لبنان؟
أزمة الطاقة في لبنان هي أزمة مزمنة ومتفاقمة وبلغت ذروتها عندما نفدت السيولة، فلم يعد هناك بلبنان أموال بالعملة الصعبة تمكننا من المضي قدمًا في استيراد الطاقة، وهو ما نتج عنه عدم إمكانية الاستمرار في تغذية شبكة كهرباء لبنان، وباتت الأزمة الأكبر الآن أن معظم الكهرباء التي يتم توزيعها واستخدامها في البلاد من المولدات الخاصة.
وماذا عن رفع الدعم عن المشتقات البترولية أكثر من مرة؟
قامت الدولة برفع الدعم عن كلفة الفيول والديزل ليستورد لمصلحة الأعمال المختلفة والنقل، وكذلك للاستخدام الخاص، لكن المشكلة أن كلفة الكهرباء باتت مرتفعة على المواطنين، وبات من الضروري القيام بعملين بشكل متوازي، الأول معالجة موضوع النقل العام، والذي يؤمن ذهاب وإياب المواطنين ويضمن استمرارية العمل والاقتصاد، والثاني على مستوى الطاقة، وضرورة تأمين طاقة بكلفة أقل لدعم وتشغيل شبكة كهرباء لبنان، وزيادة تغذيتها، باعتبارها المؤسسة الأساسية المعنية بإنتاج الطاقة الأفضل والأقل كلفة، لذلك شرعنا في مشروع شراكة الغاز والكهرباء بين لبنان ومصر وسوريا والأردن.
نعم.. إلى أين وصل مشروع استيراد الغاز والكهرباء بالتعاون مع مصر وسوريا والأردن؟
مصر قادت جهودًا كبيرة لفتح الباب أمام لبنان لاستيراد الغاز والاستفادة منه، عن طري الأردن وسوريا، حيث يستفيد لبنان من معامل الطاقة التي يملكها، لا سيما معمل دير عمار، والذي يصله الغاز من خط العاز العربي الذي ينتقل من مصر ويمر بالأردن وسوريا، ومنه إلى محطة دير عمار اللبنانية.
رئيس لجنة الطاقة النيابية: لا يحق لإسرائيل أن تغتصب أراضي لبنان بهذه السهولة
هناك كانت فكرة إعادة تفعيل المعاهدات التي كانت موجودة في عام 2009، وهي معاهدات توريد الغاز ومبادلته مع سوريا ومصر، وما يحدث هي مبادرة مصرية ومساعدة من جميع الأشقاء العرب، ومصر وسوريا والأردن أبرزوا رغبتهم لمساعدة لبنان في هذا الموقف الصعب، وهذه الخطوات جاءت بمباركة من المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية وبتمويل من البنك الدولي.
وما الخطوات التي تم إنجازها في هذا المشروع حتى الآن؟
نحن في هذا الإطار عقدنا العديد من المشاورات مع الأطراف المعنية، خاصة مع رئيس الوزراء ووزير البترول في مصر، وعقدنا العديد من اللقاءات والمباحثات سواء في مصر أو عبر الهاتف، وعلى مستوى الفرق الفنية أيضا، وتوصلنا لاتفاق بالنسبة لكمية الغاز المبدئية التي سيتم تزويد لبنان بها، ونحن نسعى لجلب أكبر كمية ممكنة من الغاز، مستغلين المساعدة المصرية وكونه الغاز المصري الأنظف والأوفر اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا للبنان.
المشروع في مستوى متقدم جدًا، فهناك بلورة للمسائل التجارية وكلفة الغاز المجدي لنا وللطرف المصري، وكذلك وقفنا على الإمكانيات المطلوبة على مستوى تمويل المشروع من البنك الدولي، وأيضا الإمكانيات الفنية والتشغيلية المطلوبة، مثل إصلاح شبكة الغاز في لبنان بمساعدة الشركات المصرية، والتأكد من أن محطة دير عمار في لبنان مستعدة لاستقبال الغاز المصري، العمل يسير على قدم وساق، وهاك اتصالات مع الجانب المصري أعرب خلاله عن رغبة مصرية شديدة لمد لبنان بالغاز في أقرب وقت ممكن، وربما يكون هناك مقابلة قريبة في مصر خلال الأيام القليلة المقبلة.
وماذا عن مشروع كهرباء الأردن؟
بالتوازي مع مشروع الغاز المصري، نعمل أيضا على مشروع استجرار الطاقة من الأردن بمساعدة سوريا، وتم بلورة الاتفاقية، وطريقة النقل عبر سوريا، وصولًا إلى الشروط التجارية والتشغيلية المناسبة للجميع، ومن المفترض أن يتم العمل الفني في الفترة المقبلة، وإصلاح شبكة الكهرباء بسوريا وتجهزيها لاستقبال الكهرباء، والمواءمة بينها وبين الشركات الأردنية، وبعدها يستقبل لبنان 250 ميجاوات من الكهرباء الأردنية، وهنا يتبقى فقط إبرام الاتفاقيات على مستوى الحكومات والمجالس التشريعية في كل بلد للبدء الفعلي في التنفيذ.
قلت إن البنك الدولي سيقوم بدعم هذه المشروعات.. هل تجاوزت هذه المشروعات أزمة العقوبات الأمريكية على سوريا؟
اتفاق عربي رباعي على حل أزمة الطاقة في لبنان بنقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا
على حسب الرسائل التي فهمناها نعم، تم تجاوز هذا الأمر وإن لم يكن بشكل كلي، فعلى الأقل معظمه، حيث أعطت الإدارة الأمريكية رسائل طمأنة للجانب المصري والأردني، بأن العقود التجارية لتوريد الغاز والكهرباء لا تشوبها أي أزمة، ولن تتأثر بقانون قيصر للعقوبات الأمريكي الموقع على سوريا.
لحين الانتهاء من هذه المشروعات.. هل هناك أي حلول مؤقتة لأزمة الكهرباء؟
بالطبع، هناك أكثر من طرف معني بإمداد لبنان بالكهرباء بشكل مباشر اليوم، منها دولة العراق والتي مدت لبنان بالفيول من هلال مبادرة على مدى زمني طويل، وهي سنوية وقابلة للتجديد لإمداد لبنان بكمية فيول تصل إلى 83 ألف طن شهريًا، ما يقارب المليون طن كل عام، وهذا كان بداية وجزءا من الحل الذي وصلنا له، حيث تؤمن هذه الكمية 4 ساعات من الكهرباء يوميًا للبنانيين، كما أن المبادرة جاءت عبر طرق تمويلية سهلة وميسرة، حيث يستفيد العراق والشركات العراقية من الخدمات اللبنانية والمحاصيل الزراعية وغيرها من الخدمات، وبالليرة اللبنانية وهو أمر مفيد جدا للاقتصاد اللبناني.
ونحن في لبنان نعول على العلاقات الجيدة مع العراق، ونبحث زيادة كمية الفيول في الفترة القادمة، ذلك بالإضافة إلى الغاز المصري، والذي يصل الحد الأدنى له إلى 459 ميجا وات، ما يسمح بـ 650 مليون متر مكعب تسمح بتغذية شبكة الكهرباء اللبنانية لحوالي 4 ساعات، والكهرباء الأردنية تؤمن أيضا ما يقارب الـ 3 ساعات يوميًا.
ونبحث حاليًا عن طرق أخرى لزيادة هذه الكميات، فلدينا شبكة دير عمار التي يمكن أن تستقبل لحد 1000 ميجا وات من الكهرباء، ومن الضروري التذكير بأن هذه المشروعات تهدف أيضا للم الشمل العربي، ولبنان بحاجة لأكثر من أي وقت مضى للم الشمل العربي كله، سواء دول المشرق أو دول الخليج، ولبنان لا يمكنه النهوض بدون التعاون مع كل الأشقاء العرب.
وبرأيك.. هل البنية التحتية اللبنانية في مجالات الكهرباء والطاقة مستعدة لاستقبال هذه الكميات؟
نعم الكميات التي ينتظرها لبنان عبر هذه المشروعات مستعدون لها، ولا تحتاج إلى استثمارات إضافية من قبل لبنان، لكن في حال بحثنا زيادة هذه الكميات يمكن البحث عن معامل طاقة جديدة للغاز، ومعامل لإنتاج الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، ورغم قلة حجمها إلا أن هناك حاجة ماسة لتنويع مصادر الطاقة، والتركيز على المستدام منها بشكل أكبر.
وسط مبادرات الشرق الأوسط الأخضر وطاقة الهيدروجين.. هل يخطط لبنان للتوسع في استخدام الطاقة النظيفة؟
بالطبع، لدى لبنان العديد من الأهداف من بينها الالتزام بأن تكون 30% من الطاقة التي يتم إنتاجها في لبنان من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وتخطط لبنان للوصول إلى هذه المرحلة، ولدينا الآن مرحليًا بعض الخطط والمشروعات في هذا الإطار، فهناك مشاريع إنتاج 180 ميجا وات جاهزين للتطبيق ومتاح الأرض والبنى التحتية، لكن لا نزال بحاجة إلى التمويل حتى يمكننا تنفيذها. بالإضافة إلى ذلك لدينا خطط لمشروعات الطاقة الشمسية، والطاقة الهوائية.
راديو
وزير: أزمة الطاقة في لبنان مرحلية ولدينا فرص استثمار مهمة في قطاع الدواء
في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار مشتقات البترول أكثر من مرة.. هل يمكن اعتبار هذا مجرد أزمة مرحلية حتى تنفيذ المشروعات التي تم طرحها؟
للأسف لا، لا يمكن القول بإن هذه الأزمة مرحلية، فلبنان بلد تعود على استيراد محروقات مع دعم عشوائي للطاقة، وهذا خطأ من البداية، ومنذ شرعت لبنان في استيراد المحروقات وهي تدعم الطاقة بشكل عشوائي، يستفيد منه الفقير والغني، المصنع والمستهلك بنفس الطريقة، لكننا الآن بدأنا بالخطوات التصحيحية نوعًا ما، وهي إجراءات مجبرون عليها أكثر من كونها اختيارية، وكان لا بد أن تبدأ منذ وقت كبير، وفي هذا الإطار رفعنا الدعم العشوائي.
ولكن.. ماذا عن القطاعات التي تحتاج إلى هذا الدعم؟
بالفعل، هناك قطاعات تحتاج للدعم، ونحن طالبنا أن يكون هناك دعم لبعض القطاعات الأساسية المنتجة بالاقتصاد، مثل القطاع الصناعي، الذي يحتاج إلى دعم الكهرباء، حتي نضمن لها التنافسية، وقطاع النقل العام أيضا يحتاج إلىى دعم أو خطط بديلة لتأمين وسيلة توصيل اللبنانيين إلى مقار عملهم، حيث تساهم في الإنتاج بالاقتصاد الوطني. اللبنانيون منتجون لكن المشكلة الأساسية لديهم عدم تمكنهم من الوصول لأماكن عملهم من أجل الإنتاج، وأن العائد المادي أقل من الإنتاج، وهذا أمر لا بد من معالجته.
أرسلت إيران بواخر بترول للبنان مؤخرًا.. كيف ترى هذه المساعدات؟
المساعدات بشكل عام ومن كل الدول التي تقدمها تلقى ترحيبًا لبنانيًا، لكن حتى اليوم ليس هناك علاقة رسمية بالنسبة للبنان للحصول على النفط من إيران، لا على مستوى وزارة الطاقة ولا أي وزارة أخرى.
ما أهمية وأهداف اللجنة المشتركة التي قمت بتأسيسها مؤخرًا بين وزارة الطاقة ووزارة البيئة؟
الملفات البيئية في لبنان كثيرة ومهمة ومؤثرة، وكل نشاط الطاقة التي يتم إنتاجها بالموارد الأحفورية، سيكون لها انعكاسات على البيئة، ومن الضروري الانتباه عند استخدامها، وأن يكون هناك دراية جيدة بالنواحي البيئية، وفي هذا الإطار سيتم التعاون مع وزارة البيئة في كل الملفات، التي تحافظ على الأهداف البيئية، مثل الحد من الانبعاثات المضرة بالصحة العامة، والنظافة بشكل عام، وكذلك موضوع التغير المناخي، على كل هذه المستويات يتم التنسيق، إن كان في قطاع إنتاج النفط، أو قطاع المياه، حيث هناك موضوعات بيئية وأزمات كبرى في موضوع معالجة المياه، وإعادة التدوير بطريقة ليست مضرة بالصحة العامة أو مضرة بالبيئة، فهناك نهر الليطاني وما يحوم حوله من مشاكل بيئية كبيرة نسعى إلى معالجتها.
حذرت الأمم المتحدة من دخول لبنان مرحلة الشح المائي.. كيف ترى هذه التحذيرات؟
بالفعل هذا صحيح، فعلى الرغم من أن كل الدول العربية تقع تحت مستوى الشح المائي، والذي يقدر فيها مستوى الفرض لأقل من 1000 متر مكعب من المياه سنويًا، لكن لبنان من أقرب البلدان العربية لهذا الحد.
وكيف يخطط لبنان لمواجهة أزمة شح المياه في ظل الأزمات الاقتصادية؟
لبنان لديه فرصة كبيرة في الاستفادة من هطول الأمطار، ومن المياه الجوفية المتجددة، والتي نسعى حاليًا لحصدها واستخدامها، بالإضافة إلى القيام بعدة مشروعات يمكن تنفيذها وتكون مجدية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وكذلك لدينا عدد من مشاريع السدود التي تم بدء العمل فيها بالفعل، وأنجزنا جزءًا كبيرًا لكنها توقفت بسبب غياب التمويل.
تابعت الأزمة الأخيرة بين لبنان والسعودية وبعض دول الخليج.. كيف ترى هذه الأزمة وتأثيرها على لبنان؟
كنا نأمل أن لا تؤثر أزمة كهذه على لبنان، لكن يبدو أن التأثير واضح وكبير، ونحن نؤمن أن العرب تجمعهم مصالح مشتركة قائمة على التعاون والوقوف بجانب بعضهما البعض، والمملكة العربية السعودية دائمًا ما وقفت بجانب لبنان، ولبنان أيضا لها مساهمات في نهوض الاقتصاد السعودي والمجتمع، على مستوى الدولة والأشخاص والمهنيين، ونأمل أن تكون الأمور بين لبنان والسعودية وكل دول الخليج على أفضل حال، وكذلك مع باقي الدول العربية.
 
أجرى الحوار/ وائل مجدي
 
مناقشة