هل تنجح موريتانيا في اعتماد العربية لغة أساسية للتعلم بدلا من الفرنسية؟

في ظل الأزمات التي يعاني منها التعليم في موريتانيا، وانخفاض نسب النجاح في المستويات التعليمية المختلفة، ظهرت العديد من المطالب باعتماد اللغة العربية كلغة أساسية للتعلم.
Sputnik
وفي السياق أوصت اللجنة الفنية المشرفة على الأيام التشاورية حول إصلاح النظام التعليمي في موريتانيا باعتماد اللغة العربية كلغة موحدة لتدريس المواد العلمية في التعليم الأساسي والثانوي.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن استبدال اللغة لن يضيف جديدًا على التعليم، وأن المطلوب إصلاح المنظومة برمتها، يؤكد آخرون أن ضعف نسب النجاح وانخفاض التعليم وتراجعه في موريتانيا يأتي بسبب التدريس باللغة الفرنسية والتي لا يقتنها الطلاب كالعربية.
موريتانيا توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ضخم لإنتاج الهيدروجين الأخضر
توصيات اللجنة
وبحسب مواقع محلية موريتانية، جاءت هذه التوصية ضمن التقرير الختامي للأيام التشاورية التي انطلقت بداية الأسبوع واختتمت يوم السبت، لتكون اللغة العربية بديلة للفرنسية المعتمدة منذ 1999 لتدريس المواد العلمية الأساسية.
وفي ختام جلسات التشاور الوطني حول إصلاح النظام التعليمي، قال محمد ماء العينين ولد أييه، وزير التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي في موريتانيا، إن المشاركين خلصوا إلى صياغة "وثيقة ترسم ملامح المدرسة التي يجد فيها كل موريتاني ذاته وبينوا معالم الطريق التي يمكن اتباعها لتجسيد هذه المدرسة على أرض الواقع".
وأضاف الوزير أنه تم الإجماع على اختيار لغات التدريس واللغات المدرّسة "بما يعزز مكانة اللغة العربية ويضمن للغات الوطنية الأخرى (البولارية والسوننكية والولفية) المكانة المناسبة ويرشّد اختيار لغات الانفتاح ويرفع من مستوى تدريسها".
ومن المنتظر أن تحال هذه التوصيات إلى وزارة التهذيب الوطني وإصلاج النظام التعليمي. وتعتبر الوزارة أن الأيام التشاورية ستشكل مرحلة "هامة في مسار إصلاح التعليم".
وكانت الأيام التشاورية التي انطلقت بداية الأسبوع، قد شهدت نقاشات قوية حول نقطة "لغة التدريس".
كوريا الجنوبية.. مسابقة للإلقاء والكتابة باللغة العربية تقيمها جامعة في سيئول
إصلاحات مطلوبة
اعتبرت الناشطة الموريتانية، سهام حمدي أن مطالب البعض باعتماد اللغة العربية لغة للتعليم بدلا عن اللغة الفرنسية، أمر متكرر ولن يجدي نفعًا.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، تبديل اللغة سواء كانت عربية أو فرنسية لن يساهم في إصلاح التعليم، كما يظن البعض، في ظل منظومة تعليمية في موريتانيا فاشلة برمتها.
وترى حمدي أن المظومة التعليمية كلها فاشلة من المناهج التي يتم تدرسيها والبنى التحتية الفقيرة، وطاقم العملية التعليمية، مشيرة إلى ضرورة التركيز على المشاكل الجذرية التي يعاني منها التعليم وإصلاحها من أجل تطوير العملية التعليمية.
وتابعت: "هذه المطالب هدفها إفساد التعليم لأن نفس المنهج كان موجودا ونحن من ضحاياه، وبعد سنوات أصبح المنهج فرنسيا، وكل فرص العمل باللغة الفرنسية". مضيفة: "كان هناك ضرورة لدراسة اللغة حتى تكون فاعلين ونتواصل مع الناس والمجتمع".
وزير سابق ينتقد رئيسة الحكومة التونسية: يجب أن تتقني اللغة العربية
ضرورة ملحة
بدوره أكد الدكتور أباب ولد بنيوك، عضو مجلس النواب الموريتاني، أن من أهم التوصيات التي خرج بها التشاور حول التعليم مسألة اعتماد اللغة العربية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذا الأمر يتطلب جهدًا مضاعفًا وقرارات صعبة من الحكومة بخصوص تحويل هذه التوصيات التي خرجت بها اللجنة إلى سياسية حقيقية، وإلى واقع فعلي.
ويرى النائب الموريتاني أن هناك قناعة كبيرة بأن تدني مستويات التعليم لدى التلاميذ في المدارس الموريتانية وتراجع نسب النجاح في الامتحانات العامة، يعود بالدرجة الأولى إلى ضعف أدائهم اللغوي، وتدرسيهم بلغة يجهلونها، ولا يجيدون التعامل بها.
وأكد أن من المهم تصحيح هذا الخطأ، وهذا التصحيح يتطلب بالضرورة قرارات قوية وسياسات ناجعة، وفي نفس الوقت التعامل والتعاطي بمرونة مع الرأي الآخر، وتناول الهواجس التي تراوده بالكثير من الجدية والموضوعية.
ومنذ استقلال موريتانيا عن فرنسا عام 1960، لا تزال اللغة الفرنسية تسيطر على المناهج التربوية في البلد، من حيث ساعات الدراسة وعدد المواد التي تدرس بها.
مجتمع
أبرز نجوم باريس سان جيرمان ينوي تعلم اللغة العربية
ورغم أن قضية التعريب باتت محسومة من الناحية الدستورية باعتبار العربية اللغة الرسمية للبلاد، فإن الفرنسية ما زالت حاضرة بقوة في الوثائق والعمل الإداري اليومي بالمؤسسات الحكومية، إذ لا تزال أغلب المراسلات والتقارير الإدارية تحرر باللغة الفرنسية.
وتقول المادة السادسة من الدستور الموريتاني أن "اللغات الوطنية هي العربية والبولارية والسوننكية والولفية" وأن "اللغة الرسمية هي العربية".
وخرجت نتائج اختبارات الثانوية العامة الأخيرة لعام 2021 في موريتانيا بشكل كارثي، حيث شارك في الاختبارات 46 ألفا و587 طالبا نجح منهم 3 آلاف و742 طالبا، أي نسبة 8 في المئة فقط، وفق إحصاءات رسمية.
وقال وزير التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي محمد ماء العينين ولد أييه، وقتها إن نتائج اختبارات الثانوية العامة ستكون "محل تحليل معمق". وأضاف الوزير، في تغريدة عبر "تويتر"، أن هذا التحليل يهدف إلى "إعادة هيكلة التعليم الثانوي، لتطوير طرق تدريس العلوم، ضمن إجراءات أخرى للتغلب على الأزمة".
ونظمت وزارة التعليم منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أياما تشاورية جمعت ممثلين عن نقابات التعليم الأساسي والثانوي وخبراء بهدف وضع خطة لإصلاح القطاع، تزامنا مع تجدد السجال بشأن هيمنة الفرنسية.
مناقشة