زواج القاصرات في العراق... مكاتب تتحدى القوانين وتوقع العقود

تمثل قضية زواج القاصرات تحديات عدة أمام المرأة العراقية، خاصة في ظل انتشارها وتعدد الأسباب منذ سنوات طويلة.
Sputnik
رغم نص القانون العراقي على سن الزواج القانونية بـ 18 عاما، لكن المادة الـ8 من القانون أجازت أيضا زواج من أكمل سن 15 عاما بشرط موافقة المحكمة وموافقة ولي الأمر.
العراق يعلن تسلم 100 داعشي كانوا محتجزين في سوريا
تحايل على القوانين
بحسب باحثات عراقيات في مجال المرأة تحدثن لـ"سبوتنيك"، فإن عمليات التحايل على القانون تتم بشكل واسع دون تطبيق أي عقوبات على مخالفة القانون، لربطها بعدم مخالفة الشرع.
وبحسب الباحثات تغيب الإحصاءات الرسمية نظرا لتوقيع العقود خارج المحاكم في مكاتب خاصة بالزواج لا تشترط السن القانوني.
كما يجوز للقاضي أن يأذن بزواج من بلغ الخامسة عشرة من العمر إذا وجد ضرورة قصوى تدعو إلى ذلك.
إحصاءات
كشفت آخر إحصائية رسمية صادرة عن مجلس القضاء العراقي، عن أعداد حالات الطلاق في العراق خلال يناير/ كانون الثاني 2020 المسجلة في محاكم جميع المحافظات العراقية -عدا إقليم كردستان- والتي بلغت 5143 حالة، بينما بلغ مجموع حالات التفريق بحكم قضائي 1443.

بحسب الإحصاءات التي رصدتها سبوتنيك في عام 2017، بلغ عدد القاصرات المتزوجات في محافظة البصرة، أقصى جنوب البلاد، (1138) فتاة، بينما في محافظة واسط بلغ عدد القاصرات المتزوجات (677) قاصرة، وبمدينة الديوانية 165 متزوجة بسن صغير، بحسب عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، علي البياتي.

حالات اغتصاب
وفي الإطار قالت نبراس المعموري، الباحثة المعنية بقضايا المرأة في العراق، إن زواج القاصرات يشكل أزمة كبيرة في البلاد.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن الإحصاءات الرسمية غير متوفرة بشأن زواج القاصرات، نظرا لأنها تتم خارج المحكمة، ما يعني عدم تدوينها، إلا أن الإحصاءات الخاصة بنسبة الطلاق، حيث يبلغ نحو نصف حالات الطلاق من القاصرات.
وأشارت إلى أن هناك العديد من حالات الاغتصاب تقع بحق الفتيات الصغيرات في السن بداية من عمر عامين، وأن أغلب الحالات يتم قتلها، إما بدواعي الحفاظ على شرف العائلة، أو أن الفتاة لا تتحمل الاغتصاب.
وفيما يتعلق بالقوانين، أكدت أن قانون الأحوال الشخصية حدد الزواج من سن 15 عاما، وفرض بعض الشروط المصاحبة، إلا أن هناك بعض المكاتب الخاصة تقوم بإبرام العقد.
الإفلات من العقاب
وشددت على أنه لم يتم معاقبة المخالفين للقانون، خاصة المكاتب المرتبطة بالمذاهب والتي توقع العقود بحجة عدم مخالفة الشرع.
وبحسب الباحثة أن عمليات التستر على الأمر تتم انطلاقا من المذاهب، كما أن الدستور أتاح التصرف وفق العقيدة والمذهب، وهو ما يستغل للتزويج الفتيات انطلاقا من أنه لا يخالف المذهب، رغم مخالفته للقانون.
قضية إقليمية
في الإطار، قالت فضيلة سلمان داود النائب الثاني لمركز أبابيل للدراسات الاستراتيجية، إن أزمة زواج القاصرات تعد الشغل الشاغل لدوائر الاختصاص سواء في العراق أو الدول الشرق أوسطية.
مصير مسجد ضخم للراحل صدام حسين غير مكتمل في بغداد... مزين بالذهب وينافس تاج محل
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن الأمم المتحدة وبعض الدول الشرق أوسطية سجلت الكثير من التقارير المثيرة عن زواج القاصرات الذي يعد وفق مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية ذات الاختصاص من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.
تبعات الاحتلال الأمريكي
وأشارت إلى أنه من ضمن الأسباب، سيادة القبلية في مناطق الريف العراقية من جهة، وتراجع المستوى المعيشي بشكل مروع في العراق ما بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، والذي يعد أهم الأسباب الارتكازية التي تقف وراء تفشي هذه الظاهرة غير الحضارية.
تشير إلى جهود الحكومة العراقية للحد من تفشي القضية عبر التشريعات الصارمة، إلا أنها اصطدمت بواقع وجدار صلب، وهو ما يعرف بـ" القانون العشائري" وهو الموروث الذي مفادة أن "إن العم أولى من الآخرين".
القانون الجعفري
ونددت بظهور القانون الجعفري ضمن قانون الأحوال المدنية، الذي نص على جواز القاصرات في سن العاشرة، والذي مرر بالبرلمان العراقي في عام 2013 دون أي اعتبار للمعاني والدلالات الإنسانية التي يقرها الشرع والنص القانوني في العالم، حسب قولها.
الرئيس العراقي: حادث البصرة محاولة يائسة لزعزعة استقرار البلد
وفقا لوزارة التخطيط، فإن 3 نساء من كل 10 يتزوجن في المحاكم، وهنّ قاصرات، وتتوزع هذه الزيجات بين المناطق الحضرية والريفية بشكل متقارب، وتحتل ميسان المرتبة الأولى للمتزوجات دون سن الرشد تليها نينوى، وفق المتحدثة.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، أثارت قصة تزويج طفلة تبلغ من العمر 12 عاما، موجة من الغضب في العراق.
وتوالت المطالبات بالتدخل لحماية الأطفال من الزواج المبكر بعد تداول مقطع فيديو لوالدة الطفلة، وهي تبكي بسبب تزويج طفلتها بالقوة من قبل والدها، مناشدة الحكومة العراقية إنقاذ صغيرتها.
مناقشة