مقاربة خطوة بخطوة.. ما الحلول السياسية التي يطرحها بيدرسون لسوريا وما موقف الحكومة؟

في ظل محاولاته لاستئناف الجولة السابعة من محادثات اللجنة الدستورية، قال المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، إنه لمس خلال مباحثاته مع مسؤولين عرب وأميركيين وأوروبيين "إمكانية للبدء باستكشاف مقاربة تدريجية للانفتاح على التواصل مع سوريا".
Sputnik
وقال بيدرسون بعد لقائه وزير الخارجية السوري فيصل المقداد: "سافرت كثيراً بين بعض الدول العربية، وعقدت نقاشات عميقة مع الأمريكيين والأوروبيين... وأعتقد أن هناك إمكانية الآن لبدء استكشاف ما أسميه مقاربة "خطوة بخطوة"، أي أن تضع على الطاولة خطوات محددة بدقة.. بأمل أن يبدأ بناء بعض الثقة"، وفقا لفرانس برس.
سوريا تقر موازنتها العامة للعام المقبل 13 تريليونا و325 مليار ليرة سورية
وأضاف بيدرسون في حديث مع الصحفيين: "رسالتي أن هناك إمكانية أخرى للبدء في استكشاف السبل الممكنة، وللبدء في المضي قدماً في هذه العملية"، آملاً أن تنتقل تلك المباحثات إلى جنيف "في المستقبل القريب".
وأضاف بيدرسون "لم يتم تحديد موعد للجولة القادمة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية، وسأتابع لقاءات مع رئيس الوفد الحكومي إلى اللجنة".
وقال مراقبون إن حديث بيدرسون يعد أول إشارة دولية لبدء الانفتاح بين المجتمع الغربي وسوريا، مؤكدين أن موقف الدولة السورية فيما يخص محادثات اللجنة الدستورية ثابتة، وأن مقاربات المبعوث الأممي يجب أن تقنع الطرف الآخر.
إشارة رسمية
وفي تعليقه، قال الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي السوري: من ناحية الشكل تبدو تصريحات بيدرسون الأخيرة وكأنها انعكاس من جهة، واستكمال من جهة أخرى، لأجواء الانفتاح على سوريا التي بدأت في النطاق العربي، ومن المرجح أيضا أن تتوسع لتمتد إلى النطاق الدولي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإنه على الرغم من تعدد المؤشرات غير الرسمية السابقة فإنه من الممكن القول إن حديث بيدرسون عما لمسه من أجواء يعتبر أول إشارة رسمية من مسؤول أممي بهذا الخصوص.
أما من ناحية المضمون، بحسب دنورة، فإن انعكاس هذه الأجواء على إنتاج مقاربات جديدة قد ينعكس في إطار اللجنة الدستورية ضمن مواقف الوفد المعارض حصراً، فسوريا ومن منطلق المسؤولية الوطنية والتاريخية لا يمكن أن تضع الشأن الدستوري موضع تفاوض، أو أن تجعل منه مادة للتنازل أمام أي جهة أجنبية، فالموقف الحكومي السوري، وكما يقتضي الالتزام الوطني من جهة والشرعية الدولية من جهة أخرى، يعتبر أن العملية الخاصة باللجنة دستورية يجب أن تكون بملكية وقيادة سورية.
بيدرسون: لمست لدى مسؤولين أميركيين وأوروبيين وعرب انفتاحا لبدء تواصل مع دمشق
وتابع: "وبالتالي فإن حديث بيدرسون حول تطبيق مقاربة الخطوة بخطوة لا يمكن أن يتعدى إطار بناء الثقة، ولا يمكن له أن يُصرف في إطار النقاش الدستوري بأي حال من الأحوال، فالشأن الدستوري السيادي لا يمكن أن يكون موضوعاً أو مادة أو مجالاً لتحسين العلاقات مع الغرب حتى لو كان في مقابل رفع الحصار الاقتصادي وعودة العلاقات الطبيعية مع سوريا".
وأكد أن ما ينطبق على موقف الحكومة السورية ينطبق نقيضه على موقف المعارضة الذي اعتاد على درجة كبيرة من السيولة التي تتناسب مع الموقف السياسي الغربي ضيقاً أو اتساعاً، صعوداً أو هبوطاً.
ويرى دنورة أن سياسة العصا والجزرة لن تؤثر على موقف الوفد الوطني في محادثات اللجنة الدستورية ولا بأي مقدار، في حين أن المرونة السياسية والبراغماتية في إطار الثوابت الوطنية لم تكن يوماً بعيدة عن مقومات السياسة الخارجية السورية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، وحقبة ما بعد "الربيع العربي" لن تكون استثناء.
موقف سوري
واعتبر غسان يوسف، المحلل السياسي السوري أن زيارة بيدرسون تأتي في ظل رغبته في إقامة جولة سابعة من المباحثات، حيث أجرى الكثير من الاتصالات مع العواصم التي تهتم بالشأن السوري، ولكن زيارته لدمشق هي الأهم باعتبار أن دمشق هي من تقرر الجولة الجديدة ستعقد أم لا، لأنها تريد أن تنجح هذه الجولة، وأن لا يكون هناك تدخلات خارجية وفي نفس الوقت تريد من الجولة أن يكون هناك تقدم.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": بيدرسون يعرف ذلك جيدًا، ويعرف أن دمشق إذا وعدت أوفت، لذلك قال إنه التقى مسؤولين أوروبيين وأمريكيين وإنهم قالوا إن النظرة مع دمشق والتعامل معها سيختلف، هو أراد بذلك أن يرسل الطمأنينة لدمشق بأن التقدم في اللجنة الدستورية سيوازيه التقدم في المفاوضات والعلاقات ما بين دمشق وأوروبا وأمريك.
جنود الجيش الأمريكي يقتلون معلم مدرسة مع ولديه في ريف دير الزور شرقي سوريا
ويرى يوسف أن حديث المسؤول الأممي لم يأت من فراغ، بل نتيجة للاتصالات التي أجراها في كل من واشنطن وموسكو وتركيا وإيران والسعودية وغيرها، حيث وصل إلى نتيجة بأن الدولة السورية قائمة، وجادة في الوصول لحل سياسي، لكن مطالب سوريا حقيقية، فهي تطالب بتحرير الأراضي التي تحتلها تركيا وأمريكا والقضاء على المجموعات الإرهابية وأن يكون هناك سيطرة كاملة للدولة.
وتابع: "لكن هل يضمن أن الطرف الآخر يوافق على ما توافق عليه الحكومة السورية، هل يضمن أن تتقدم المفاوضات وألا يكون هناك عرقلة خارجية خاصة من تركيا وأمريكا والدول الأوروبية التي لا تزال تدعم المجموعات الإرهابية في سوريا، أعتقد أن الوضع ليس بهذه السهولة، وأنه في حل لم يكان هناك اتفاق بين الدول الفاعلة في الملف السوري، لن يكون هناك اتفاق أو أي تقدم في اللجنة الدستورية في جولتها السابعة".
وكانت آخر زيارة للمبعوث الأممي إلى سوريا جرت في 11 سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث استقبله وزير الخارجية فيصل المقداد الذي أكد ضرورة التزام كل الدول بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة في إطار علاقاتها الدولية، وخاصة لجهة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ومحاولة فرض أجندات خارجية ضد مصلحة وإرادة شعوب هذه الدول.
والشهر الماضي، أعلن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، أن الجولة السادسة من محادثات اللجنة الدستورية السورية، لم تحقق أية نتيجة وكانت مخيبة للآمال.
مناقشة