خبراء: المشهد السوداني يزداد تعقيدا... والمساعي الدولية ليست بحجم الأزمة الحالية

تتوالى الوفود والوساطات الأممية والدولية على السودان من أجل مد جسور الثقة المفقودة الآن بين الشارع والمجلس العسكري، بعد أن أصبح المشهد أكثر وضوحا بعد استقالة حمدوك.. فهل تنجح تلك الجهود في إقناع الشباب الثائر بالجلوس على طاولة التفاوض بعد أن أطلق اللاءات الثلاث "لا تفاوض، لا مساومة، لا شراكة"؟
Sputnik
بداية يقول الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، الفريق دكتور جلال تاور، إن خروج رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من المشهد أربك الساحة السياسية وأربك المشهد السياسي، لكنه جعل الصورة أكثر وضوحا من حيث التضاد بين الشارع والمكون العسكري.
الوثيقة الدستورية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، الشارع عبارة عن مجموعة من الشباب يسمون نفسهم لجان المقاومة، علاوة على بعض الأحزاب والجهات التي تتصيد وسط هؤلاء الشباب، لكن المهم أن هؤلاء الشباب يقولون حتى هذه اللحظة أنهم مستقلون ولا ينتمون إلى أي مجموعة حزبية ويطالبون بحكومة مدنية وإبعاد العسكر عن الشراكة.
أبو الغيط: نحترم قرار حمدوك بالاستقالة والحوار وسيلة السودان الوحيدة للديمقراطية
وتابع الخبير العسكري، أن "الوساطات الأجنبية التي تأتي إلى البلاد الآن تعول على الوثيقة الدستورية، والوثيقة نفسها تتحدث عن شراكة تتضمن تسليم الحكم للمدنيين في وقت محدد، كان يفترض أن يكون في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بمعنى آخر أن الوثيقة لم تضع العسكر في الصورة الحالية التي يتحكمون فيها في المشهد والسلطات التي يتمتع بها رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان الآن، حيث تتحدث الوثيقة عن مجلس سيادة مشترك بين الطرفين"مدني وعسكري"، وفي نفس الوقت هو شرفي أكثر مما هو تنفيذي، أما الآن فكل الصلاحيات بيد البرهان، المشهد مرتبك الآن والاتحاد الأوروبي ودول الترويكا تقدمت بمقترح للبرهان خلال الساعات الماضية بأن لا يشكل حكومة بمفرده، إلا أن تتوافق الأحزاب".
الحلول غائبة
وأشار تاور إلى أن بعض الأحزاب متوافقة أو متماهية مع المجلس العسكري وتسعى لخلق حاضنة سياسية جديدة، خلاف الحاضنة الأولى وجزء منها يدعي أنه جزء من الحاضنة الأولى، فمن الذي سوف يشارك العسكر في المرحلة القادمة، هل هم مجموعة الحرية والتغيير "مجموعة الميثاق"، أم هم مجموعة الحرية والتغيير الذين ذاقوا مرارة السجون والذين خرجوا بقرار واحد وصوت واحد مع الشارع بأنه لا شراكة ولا تفاوض، هذه مشكلة كبيرة جدا ومتوقفة الآن، ولا يلوح في الأفق حل ما بين اليوم والغد.
البرهان والشارع
وأكد على ضرورة إيجاد صيغة للتواصل ما بين البرهان والشارع، رغم فقدان الثقة، لأنهم يرون أنه انقلب عليهم واستولى على السلطة، وحتى في الاتفاق الذي وقعه البرهان وحمدوك بعد 25 أكتوبر/تشرين أول كان أول بنوده"حقنا للدماء"، لكن الدماء سالت بصورة أكبر بعد هذا الاتفاق، فلا يمكن أن يستمر نزيف الدم وتوقف العمل والحركة في البلاد، لا بد أن يكون هناك تواصل، ثم من هذا التواصل تكون هناك نقاط توافقية ولو في الحد الأدنى الذي يخرج البلاد من تلك الأزمة، وأي توافق يتم دون وضع اعتبار لهؤلاء الشباب المتواجدين بالشوارع في كافة أنحاء السودان، بالتأكيد سوف يقود إلى هاوية، فمن يحرك الشارع الآن هم الشباب وأسر الشهداء، فالموقف في غاية التعقيد.
المواقف والتنازلات
من جانبه يقول المحلل السياسي السوداني، ضياء الدين البلال، من الصعوبة التنبؤ بما يمكن أن تصل إليه الأوضاع في البلاد، نظرا لأن الواقع الحالي معقد وملتبس، مع وجود تيارات مختلفة في الشارع السياسي السوداني وفي السلطة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المشكلة الآن تكمن في أن كل طرف يتمترس خلف مواقفه ولا يرغب في تقديم تنازلات للطرف الآخر وهذا ما يعقد الأوضاع، كما أن التدخلات الدولية ليست ذات جدية ولا تستوعب طبيعة التعقيدات السودانية المتعددة، حيث تختزل الصراع في بعض المؤشرات غير الحقيقية وبالتالي لا تؤسس لمعالجات حقيقية أو أفق واضح يمكن أن تصل إليه الأوضاع.
إجراء منفرد
وأكد المحلل السياسي، أن أي إجراء من جانب السلطة الحالية يتجاوز الشارع والقوى السياسية، لا أعتقد أنه سوف يؤدي إلى استقرار، وإذا مضى المكون العسكري باتجاه تكوين حكومة دون أن تتحقق إرادة وطنية مشتركة أو قاعدة توافقية عريضة، سوف تظل الأزمة قائمة ويظل التصعيد مستمر وحياة المواطن العادي سوف تسير من السىء إلى الأسوأ، خاصة وأن هذا الصراع والاستقطاب السياسي له انعكاسات سالبة على كل مناحي حياة المواطنين، والإقدام على مثل تلك الخطوة يمكن أن يعقد الأمور أكثر ويزيد من اشتعال الحرائق، وقد ينحرف بالعملية السياسية إلى مسارات تشبه ما حدث في بعض دول الربيع العربي.
الخرطوم وواشنطن تؤكدان أهمية استكمال الانتقال الديمقراطي في السودان وصولا إلى الانتخابات
وأشار البلال إلى أن الخطوة الأولى نحو الحل، هي أن تكون هناك تنازلات متبادلة من جميع الأطراف والقبول بفكرة الحوار في حد ذاتها، لكن للأسف الحوار في حد ذاته مرفوض من الشارع وفي قطاعات واسعة من القوى السياسية، وهى الخطوة الأولى التي يمكن أن تؤسس لحلول وإيجاد معالجات لتلك الأزمة.
أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان والمبعوث الأممي إلى السودان على ضرورة استكمال هياكل الفترة الانتقالية والإسراع بتعيين رئيس وزراء جديد خلفا لحمدوك.
وحسب وكالة الأنباء السودانية، جاء ذلك خلال لقاء البرهان، بمكتبه الأحد الماضي، مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، رئيس البعثة الأممية المتكاملة لدعم الانتقال فى السودان (يونيتامس) فولكر بيرتس.
وأضافت الوكالة أن اللقاء يأتي في إطار التشاور المستمر بين الحكومة وبعثة الأمم المتحدة فى السودان.
وأشارت إلى أن الجانبين بحثا الوضع السياسى الراهن بالبلاد بعد استقالة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك من منصبه.
واستمع رئيس البعثة الأممية خلال اللقاء إلى رؤية رئيس مجلس السيادة حول الأوضاع الراهنة بالبلاد، كما أطلعه على رؤية الأمم المتحدة للفترة المتبقية من المرحلة الإنتقالية.
كما أكد الجانبان على ضرورة استكمال هياكل الفترة الانتقالية والإسراع بتعيين رئيس وزراء جديد خلفا للدكتور عبدالله حمدوك.
وأعلن حمدوك في 2 كانون الثاني/يناير الجاري، استقالته رسميا من منصبه، على وقع الاحتجاجات الرافضة للاتفاق السياسي بينه ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان.
وأكد حمدوك في خطاب استقالته، أن الاتفاق الذي وقعه مع البرهان بعد إجراءات 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان محاولة لحقن الدماء وجلب الأطراف إلى طاولة لحوار.
هذا وخرجت خلال الفترة الماضية، مظاهرات عدة في أنحاء السودان، دعا إليها تجمع المهنيين السودانيين وقوى سياسية أخرى، احتجاجا على قرارات البرهان بحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين في 25 أكتوبر الماضي، وكذلك الاتفاق السياسي الموقع مؤخرا بين حمدوك والبرهان.
مناقشة