هل تقبل أطراف الأزمة في السودان المبادرة الأممية للحوار؟

شكلت المبادرة التي أعلنت عنها الأمم المتحدة من أجل الحوار بين كل أطياف ومكونات الشعب السوداني بارقة أمل للخروج من المأزق الحالي الذي تنجرف له البلاد، ولكن لم تعلن القوى الرئيسية وبشكل خاص قوى الشارع موقفها الرسمي بشأنها.
Sputnik
فهل تمثل تلك المبادرة طوق النجاة لكل المكونات المدنية والعسكرية وتوقف شلال الدماء الذي لم ينقطع منذ سنوات؟ أم ستكون سببا في خلق مشاكل وصراعات وقوى جديدة في سلسلة لا تنتهي من العنف والفوضى؟.
أمين عام الأمم المتحدة لـ"البرهان": ملتزمون بدعم الفترة الانتقالية في السودان وصولا للانتخابات
بداية يقول السياسي السوداني، الدكتور عادل عبد الغني، منذ إعلان مبادرة الأمم المتحدة للحوار الشامل في السودان، حدث الكثير من التجاذب في الشارعين السياسي والشعبي، وأصبح هناك بعض التمترس من جانب كل طرف وراء قناعاته، حيث إن بعض القوى وقبل أن تعرف تفاصيل هذه المبادرة أبدت رفضها الشديد لها، وأنها لا تريد الدخول في تفاصيلها، وهذا موقف سلبي يعبر عن عصبية غير منفتحة على الفهم الصحيح، وغير منشرحة بالوصول لحلول لقضايا البلد الكبرى، وهذا المأزق الذي تعيشه البلاد.
رغبة على استحياء
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن بعض القوى السياسية أبدت الرغبة للدخول في مناقشة تفاصيل هذه المبادرة لكن على استحياء، وسبب ذلك، أنه من المؤسف أن القوى السياسية التي يفترض أنها تقود الشارع، أصبح اليوم الشارع هو الذي يقود القوى السياسية، وأصبحت تلك القوى تتملق الشارع، لا ننكر أن الشارع له فهم سياسي ومواقف واضحة، لكنه في نفس الوقت يفتقد القيادة التي تضع رؤية وأهداف موحدة تريد الوصول إليها من خلال الحوار.
وتابع عبد الغني، القوى السياسية الناضجة يبدو أنها تقبل هذا الحوار وتلك المبادرة الأممية وكذلك بعض القوى التقليدية، في الوقت ذاته نرى أن المكون العسكري ينظر إلى تلك المبادرة بنوع من التردد وخشية من أن يتهم بأنه سمح بالتدخلات الخارجية، علما بأن مبادرات واقتراحات الأمم المتحدة لا تعتبر ولا يجب أن أن ينظر إليها على أنها تدخل أجنبي، لأن إزالة التوترات ومنع النزاعات والمحافظة على الأمن والسلم الدوليين من مهامها الرئيسية، كما أن من صلاحياتها اتخاذ الإجراءات تجاه كل ما يهدد الأمن والسلم الدوليين.
بارقة أمل
وأكد السياسي السوداني، أن تلك المبادرة هى بارقة الأمل الكبيرة لحل المأزق في السودان والذي يضعها على مفترق الطرق، خاصة وأن المبادرة تأتي من جهة يفترض فيها الحياد وأنها على مسافة واحدة من الجميع، وكذا تستطيع أن تراقب ما يتم الاتفاق عليه و بضمانات دولية.
ولفت عبد الغني إلى أنه بقراءة الخارطة السياسية في البلاد، نرى أن موقف الرافضين للحوار سوف يتقلص؛ لأنه في نهاية المطاف سيكون الانتصار للحوار العاقل، وهناك معلومات تؤكد أن المبادرة لن تقف عند حدود رعاية الأمم المتحدة لها، بل ستجد المساندة من شخصيات دولية لها وزنها وتأثيرها الدولي الكبير نظرا للمناصب الدولية الرفيعة التي تولتها.
غير واضحة
من جانبه يرى القيادي في لجان المقاومة السودانية، حيدر الصادق، أن المبادرة غير واضحة، وهناك جلسات للنقاش سوف تعقد حولها، وأنا عن نفسي أؤيد وقف التظاهرات طالما أن هناك مجال للحوار، وأن يجلس الجميع على طاولة مستديرة لمناقشة البنود التي وردت في المبادرة، لكن هناك أشخاص متعنتين.
وأضاف الصادق في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الأوضاع المعيشية في البلاد الآن توقفت تماما، وإذا قرر القيادات في المقاومة وقف التظاهرات أو تأجيلها فسوف يستمع الشباب إلى الرؤية العقلانية، لأن الهدف من التظاهر وليس استمرارنا في الشارع إلى الأبد، بل من أجل الوصول إلى الأهداف التي خرج الجميع من أجلها والشعارات التي رفعتها الثورة، فإذا وجدنا طريق جديد غير التظاهر نصل به إلى تلك الأهداف، لماذا لا نسير فيه إذا كانت نهايته تحقيق أهداف الثورة، وفي كل الأحوال لابد من الجلوس للتفاوض.
وأكد الصادق أن ما يقارب تسعين بالمائة من الناس "الثوار" ليس لديهم مانع من الحوار، هذا ما لمسته من خلال جولاتي وتنقلاتي، لماذا يتم رفض الحوار إن كان الأمر يأتي من جهة دولية و برعايتها.
"المهنيين السودانيين" يرفض دعوة الأمم المتحدة للحوار.. "تسعى للتطبيع مع مجرمي المجلس العسكري"
وكان رئيس البعثة الأممية في السودان، فولكر بريتس، قد أعلن عن إطلاق عملية سياسية بين الأطراف السودانية من أجل الاتفاق على مخرج من الأزمة السياسية الحالية. وأكد رئيس البعثة الأممية أن العملية تشمل الحركات المسلحة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والجماعات النسوية ولجان المقاومة.
وقال بيان بعثة الأمم المتحدة إلى السودان (يونتامس)، السبت الماضي، إن "الممثل الخاص للأمين العام ورئيس البعثة يطلق بالتشاور مع السودانيين والدوليين رسميا المشاورات الأولية لعملية سياسية بين الأطراف السودانية".
وأوضح البيان أن "الأمم المتحدة تتولى تيسيرها وتهدف إلى دعم أصحاب المصلحة السودانيين للمثول لاتفاق للخروج من الأزمة السياسية الحالية والاتفاق على مسار مستدام للتقدم نحو الديمقراطية والسلام".
ويشهد السودان أزمة سياسية على وقع احتجاجات متواصلة عقب استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وانفراد البرهان بالسلطة، وهو ما يرفضه المحتجون الذين يطالبون بتنحي المكون العسكري عن السلطة في السودان نهائيا.
مناقشة