راديو

"الفدية الدوارة" وبيع المهاجرين بين عصابات ليبيا

في تحقيق استقصائي أجراه مراسل سبوتنيك، محمد حميده، رصدت الوكالة عملية تسليم المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا من مهرب لآخر، ومن جماعة لميليشيا، ما اضطرهم لدفع مبالغ مالية أضعاف المتفق عليها مقابل الإفراج عنهم، أو تسهيل انتقالهم إلى أوروبا، فيما لم ينجح الكثير منهم في الوصول إلى أوروبا في نهاية الأمر، وعادوا مرة أخرى بلادهم.
Sputnik
وخلال رحلة استنزاف الراغبين في الانتقال إلى أوروبا، عبر "الفدية الدوارة"، يتم نقلهم من سجن لآخر، ومن مستودع لآخر، ليدفعوا الفدية عدة مرات للعصابات التي باعتهم لبعضها.
كان المدعي العام في ليبيا أعلن، عام 2018، أنه أصدر مذكرات توقيف بحق مئات الأشخاص بتهمة الاتجار بالبشر والجرائم المتعلقة بهذه القضية، وأشار حينها إلى أن قوات الأمن ومسؤولين حكوميين آخرين متورطين في القضية، التي لاتزال منظورة أمام القضاء الليبي.
واعتمد مجلس الأمن الدولي قبل عامين قرارا بالإجماع، جدد بمقتضاه الإذن للدول الأعضاء بتفتيش السفن في أعالي البحار قبالة ساحل ليبيا، إذا تم الاشتباه بقيامها بتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.
ويقول تقرير للخارجية الأمريكية إن "الحكومة الليبية عينت جهة متخصصة بمكافحة الاتجار، لكنها كانت تفتقر إلى القدرة المؤسسية للتصدي لجرائم الاتجار بالبشر"
وفي حديثها لـ"سبوتنيك" قالت أستاذة القانون الجنائي د. فايزة باشا إن "مشكلة الهجرة غير الشرعية مرتبطة بالاتجار بالبشر، وهناك جهاز مسؤول بصفة رسمية عن مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا، تابع لوزارة الداخلية، وهو معني بإيواء المهاجرين لفترة مؤقتة إلى أن يتم إبعادهم واستسلامهم من قبل دولهم، أو نقلهم عن طريق منظمة الصليب الأحمر إلى مكان أو دولة أخري".
وأكدت باشا أن "أي من المنظمات لن تتمكن من تأمين المهاجرين من العصابات الإجرامية المتخصصة في الهجرة غير الشرعية، لكن عندما يتم ضبطهم من قبل جهاز مكافحة الهجرة يتم توفير حماية لهم وتمكين المنظمات الدولية من زيارتهم ومتابعة أوضاعهم".
واعتبرت المستشارة باللجنة الوطنية لرصد الخروقات بالمركز المغربي لحقوق الإنسان فاطمة بوغنبور الإدريسي أن "المهاجرين من الدول المستقرة ضحايا عمليات استدراج وتغرير، تبدأ من داخل بلدانهم وتزين لهم فكرة الهجرة، ويتم النصب عليهم".
وأشارت إلى أنهم "يتعرضون للتعذيب والجوع والمرض، حتى أن الأمراض الجلدية تتحول إلى أمر مميت بين المهاجرين في ليبيا، فضلا عما تتعرض له النساء والقاصرين".

وأكد المحلل السياسي د. عبد العزيز اغنية أن "الحكومات تتحمل مسؤولية أمن المواطنين الموجودين على أراضيها، لكن في بلد مثل ليبيا تتنازع فيه الأطراف على السلطة، وينتشر فيه السلاح خارج إطار الدولة، يصبح موضوع حماية المهاجرين أمر معقد، وتصبح مسؤولية حماية المهاجرين مشتركة بين الحكومة والدول التي تدعم الأطراف الفاعلة على الأرض، وتصبح أيضا مسؤولية دولية".

وأكد المحلل السياسي أن "الاتحاد الأوروبي منقسم حول موضوع الهجرة، ولدية ازدواجية في المعايير، وسبق أن استهدف أكثر من مرة سفن الإنقاذ الاسكندنافية، ولم يقدم شيئا، وهو يتحمل مسؤولية كبيرة، حيث أن مشكلة المهاجرين تبدأ من الحدود الليبية مع الصحراء وليس مع البحر، ويتعين على الاتحاد والمجتمع الدولي إيجاد حلول طويلة الأمد، تعتمد على الاستثمار والتنمية في دول المنبع، وليس على المنع من دول العبور أو الوصول".
يمكن متابعة المزيد من برنامج مساحة حرة
إعداد وتقديم : جيهان لطفي
مناقشة