الخطوة المرتقبة... لماذا يضر رفع الفائدة في أمريكا بالدول النامية؟

في الوقت الذي يتوقع فيه المحللون رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة بوتيرة سريعة هذا العام، فإن هذه الزيادة المحتملة من قبل الاحتياطي الفيدرالي وحتى البنوك المركزية الأخرى، من المرجح أن تؤدي إلى تفاقهم أزمة الديون العالمية خاصة بالنسبة للبلدان النامية.
Sputnik
تجتمع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح هذا الأسبوع، لتحديد مسار تشديد السياسة النقدية لأنها تتطلع إلى احتواء التضخم المرتفع في الولايات المتحدة، ويتوقع بعض المحللين رفع البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة أربع مرات في عام 2022 عن أدنى مستوياتها خلال حقبة الوباء.
ووفقا لتقرير جديد صادر عن حملة اليوبيل للديون في المملكة المتحدة، وهي ائتلاف من منظمات وجماعات محلية تدعو إلى إلغاء الديون غير القابلة للسداد للبلدان الأكثر فقرا، فإن خطوة كهذه قد تفاقم مشاكل الديون لدى الدول النامية.
وفي التقرير الذي نُشر أمس الأحد، أبرزت حملة ديون اليوبيل أن مدفوعات ديون البلدان النامية ارتفعت بنسبة 120% بين عامي 2010 و2021، وهي حاليا في أعلى مستوياتها منذ عام 2001، حسبما نقلت شبكة "سي إن بي سي".
وزاد متوسط ​​نسبة الإيرادات الحكومية الموجهة نحو مدفوعات الديون الخارجية من 6.8% في 2010 إلى 14.3% في 2021، مع ارتفاع المدفوعات في 2020.
البلدان الفقيرة تواجه خطرا مع ارتفاع مدفوعات الديون... ودولة عربية بين المهددين
وأشار التقرير إلى أن الزيادة الحادة في مدفوعات الديون تعرقل التعافي الاقتصادي للبلدان من الوباء، وقد يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية والعالمية في عام 2022 إلى تفاقم المشكلة بالنسبة للعديد من البلدان ذات الدخل المنخفض.
وقالت كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، الأسبوع الماضي، إن رفع أسعار الفائدة الفيدرالية يمكن أن "يلقي بالماء البارد" على التعافي الضعيف بالفعل في بعض البلدان، في إشارة إلى التهديد بعرقلة مسار النمو في هذه الدولة.
وأضافت أن أسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة، تعني بالتبعية ارتفاع قيمة العملة الأمريكية، ما قد يجعل الأمر أكثر تكلفة بالنسبة للبلدان الأخرى للوفاء بالتزامات ديونها المقومة بالدولار.
من جانبها قالت هايدي تشاو، المديرة التنفيذية لحملة يوبيل الديون: "تستمر أزمة الديون في اجتياح البلدان ذات الدخل المنخفض، ولا تلوح نهاية في الأفق ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن تخفيف عبء الديون".
وأضافت: "لقد جردت أزمة الديون بالفعل البلدان من الموارد اللازمة لمواجهة حالة الطوارئ المناخية والاضطراب المستمر من الوباء، في حين أن ارتفاع أسعار الفائدة يهدد بإغراق البلدان في المزيد من الديون".
ودعت تشاو قادة مجموعة العشرين إلى التوقف عن "دفن رؤوسهم في الرمال"، قائلة إن الاقتصاد العالمي بحاجة ماسة إلى "خطة شاملة لإلغاء الديون تجبر المقرضين من القطاع الخاص على المشاركة في تخفيف عبء الديون".
وأشارت بوابة بيانات الديون الخاصة بالحملة إلى أن 54 دولة حول العالم تواجه حاليا أزمات ديون، حيث أن مدفوعات الديون تعيق قدرة الحكومات على الحفاظ على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
غوتيريش: يطالب الدول الغنية بـ 100 مليار دولار في 2022
وهناك 14 دولة أخرى معرضة لخطر أزمة الديون العامة والخاصة، في حين أن 22 دولة معرضة لخطر أزمة ديون القطاع الخاص فقط و21 دولة معرضة لخطر أزمة القطاع العام.
ومن بين جميع مدفوعات الديون الخارجية المستحقة في عام 2022 من قبل الحكومات ذات الدخل المتوسط ​​والمنخفض- 47% لمقرضين من القطاع الخاص و27% مؤسسات متعددة الأطراف و12% للصين، و14% لحكومات أخرى.
في تغريدة الأسبوع الماضي، دعا رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس إلى تخفيف عاجل للديون، وتعزيز شفافية الديون، وإعادة التوازن بين سلطات الدائنين والمدينين.
أنشأت مجموعة العشرين إطار العمل المشترك في عام 2020، والذي يهدف إلى مساعدة البلدان التي تواجه مشاكل الإفلاس والسيولة التي طال أمدها. ومع ذلك، لم تلغى أي ديون حتى الآن من أي دولة شاركت في الإطار.
وحذر المنتدى والشبكة الأفريقية للديون والتنمية (أفروداد) منذ فترة طويلة من أن العديد من البلدان الأفريقية تواجه انهيارا للديون، وأصبحت زامبيا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 أول حالة عجز في القارة عن سداد ديونها في عصر الوباء.
من جهته قال جيسون براغانزا، المدير التنفيذي لـ"أفروداد": "أدت الجائحة إلى تسريع الوضع المتدهور بالفعل وستؤدي إلى عكس المكاسب الاجتماعية والاقتصادية للعقد الماضي".
وأضاف: "قلنا باستمرار أن التدابير الحالية لتخفيف عبء الديون ليست جيدة بما يكفي ودعونا إلى برنامج شامل حقيقي لتخفيف عبء الديون مع جميع الدائنين؛ وبرنامج شامل لإلغاء الديون".
نادي باريس للمقرضين الدوليين يمدد تعليق ديون اليمن
تواجه أفقر دول العالم زيادة في مدفوعات الديون بقيمة 10.9 مليار دولار هذا العام، بعدما رفضت بلدان عدة جهود الإغاثة الدولية، وتحولت بدلا من ذلك إلى أسواق رأس المال لتمويل استجاباتهم للوباء.
ويتعين على مجموعة من 74 دولة منخفضة الدخل سداد ما يقدر بـ35 مليار دولار للمقرضين الرسميين وفي القطاع الخاص خلال عام 2022، بزيادة 45% عن عام 2020، وفقا للبنك الدولي.
ويعكس ارتفاع المدفوعات، زيادة تحمل الاقتصادات النامية للديون لمواجهة الآثار الاقتصادية والرعاية الصحية لفيروس كورونا، فضلا عن ارتفاع تكلفة إعادة تمويل القروض الحالية واستئناف سداد الديون التي تم تعليقها بعد انتشار الوباء.
حذر البنك الدولي في توقعات اقتصادية نُشرت الأسبوع الماضي، من أن نحو 60% من جميع البلدان منخفضة الدخل بحاجة إلى إعادة هيكلة ديونها أو ستكون معرضة لخطر الحاجة إلى ذلك، ومن المرجح أن تواجه أزمات ديون سيادية جديدة.
مناقشة