لماذا خفضت وكالة فيتش تصنيف الكويت الائتماني وما تأثيره على الاقتصاد؟

رغم الإصلاحات التي تحاول الكويت تطبيقها، خفضت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش"، التصنيف السيادي للكويت من المرتبة "AA" إلى "-AA"، مع تغيير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة.
Sputnik
ولفتت إلى أن ذلك يعكس القيود السياسية المستمرة على اتخاذ القرار، والتي تعوق معالجة التحديات الهيكلية المتعلقة بالاعتماد على النفط، ودولة الرفاه السخية وقطاعها العام الكبير.
وبحسب بيان الوكالة، هناك نقص في التصحيح المالي الأساسي والجاد لصدمات أسعار النفط الأخيرة، وآفاق الإصلاح لا تزال ضعيفة رغم بعض التطورات السياسية الإيجابية الأخيرة كالحوار الوطني، إذ يُتوقع تمرير قانون الدين العام خلال 2022، وفقا لصحيفة الجريدة الكويتية.
الأمة الكويتي يوافق على زيادة رأس مال بنك الائتمان 300 مليون دينار
وقال بيان الوكالة إن الكويت تواصل الوفاء بالتزاماتها حتى في غياب "الدين العام"، مؤكدة أن الحكومة ستعتمد على أصول صندوق الاحتياطي العام لتلبية احتياجاتها التمويلية الإجمالية.

الاقتصاد والنفط

اعتبر المحلل الكويتي يوسف الملا، أن تخفيض وكالة "فيتش" التصنيف الائتماني لدولة الكويت أمر متوقع، مضيفا أن هذه الوكالات "محترفة تتابع الحقائق وتضع كل دولة في مكانها الاقتصادي الطبيعي".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فمثل هذه القنوات لن يمر عليها مرور الكرام كل الإجراءات الشكلية التي "تتغنى بها الحكومة"، فهم يبحثون عن الإجراءات التي لها تأثير متميز لرفع سقف المستوى الاقتصادي وإعطاء غطاء اقتصادي قوي.
وتابع: "أما قوة الوضع المالي للدولة قد ينقذ البلاد في بعض الأحيان، لأنه يغطي الكثير من العيوب، لكن لا يمكن أن يشملها جميعا، فبعض المؤسسات المالية والاقتصادية والاستثمارية الرسمية تتفاخر بتحقيق هامش بسيط من الربح ولا تجد أحدًا يحاسبها على الأرباح الماضية".
وأكد الملا أن هناك عامل مهم يؤثر بشكل أساسي على الاقتصاد هو سعر النفط والذي وصل إلى 91 دولارا للبرميل، أما من يؤثر على التصنيف هو "الفساد"، وعوائد النفط تغطي على هذا الفساد الموجود.

قوانين وإصلاحات

بدوره اعتبر الدكتور محمد خليفة الجمياز، الخبير الاقتصادي الكويتي، أنه من الصعب الوقوف على الأسباب التي أدت إلى خفض تصنيف الكويت الائتماني من قبل وكالة "فيتش".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فمن الضروري الانتظار حتى تتضح الرؤية بسبب ارتفاع سعر البترول وانخفاض العجز.
الكويت تدرس إيقاف العمليات الجراحية غير الطارئة بعد الزيادة في إصابات كورونا
وفي السياق ذاته، قال مبارك الهاجري، المحلل الكويتي أن انخفاض السيولة والناتج المحلي الإجمالي في الكويت أدى إلى تدهور الوضع السياسي في البلاد والذي يسبب المزيد من التأخير في سن قوانين وتشريعات إصلاحية جوهرية تعالج أزمة السيولة.
وقال الهاجري في حديث سابق، لـ"سبوتنيك"، أن هذه الأزمة تأتي نتيجة للانكماش الاقتصادي الذي سببته جائحة فيروس كورونا وهبوط أسعار النفط الخام، حيث يمثل النفط 90% من الصادرات والإيرادات الحكومية مما يجعل اقتصاد الدولة معتمدا إلى حد كبير على إنتاج النفط الخام.
وتوقع الهاجري تخفيض تصنيف الكويت الائتماني السيادي بسبب الضغوط المالية العامة الناجمة عن استمرار صندوق الاحتياطي العام باعتباره المصدر الوحيد لتمويل عجز الموازنة، وعدم وجود خطط بديلة لتمويل عجز الموازنة.
وبحسب وكالة فيتش، اقترحت الحكومة قانونا يسمح بالاستفادة من دخل استثماراتها المتحققة في صندوق احتياطي الأجيال القادمة، وفقا لسقف سنوي ومعايير معينة لم يتم الانتهاء منها بعد، والحكومة لا تستطيع حاليا الوصول مباشرة إلى أصول ذلك الصندوق دون موافقة مجلس الأمة.
ورجحت أن تبقى الأوضاع المالية الداخلية والخارجية في الكويت من بين أقوى الدول التي تصنفها "فيتش"، رغم التقلبات الحادة في أسعار النفط منذ 2014 والجمود السياسي المتكرر.
وتوقعت الوكالة أن يصل صافي الأصول السيادية الخارجية التي تديرها الهيئة العامة للاستثمار إلى 500% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأعلى بين جميع دول تصنيف الوكالة، وعشرة أضعاف متوسط أقرانها في التصنيف ذاته.
ما حقيقة انسحاب شركات أمريكية من السعودية وما تأثيرها على اقتصاد المملكة؟
وبحسب الوكالة، سحبت الحكومة الجزء الأكبر من الأصول السائلة لصندوق الاحتياطي العام خلال السنوات 2020-2021، مما دفعها إلى بيع الأصول غير السائلة فيه إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة.
وعن سبل الحل، حددت "فيتش"، في بيانها أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر إيجابا بشكل فردي أو جماعي على التصنيف الائتماني السيادي للكويت مرتكزة على محورين رئيسيين هما السمات الهيكلية والمالية عامة.
زترى من خلالهما وجود دلائل على أن كلا من المؤسسات والنظام السياسي في الكويت قادر على مواجهة التحديات المالية طويلة الأجل، من خلال تنفيذ خطة واضحة للحد من العجز في الموازنة العامة بحيث تستطيع الصمود أمام انخفاض أسعار النفط.
مناقشة