بسبب أوكرانيا... الولايات المتحدة تتنازل أمام الصين

تقول ممثلة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند: "إذا بدأ النزاع في أوكرانيا، فلن تحدث الأشياء الجيدة"، ومن البديهي معرفته أن هذه الكلمات موجهة للصين. كيف ذلك؟
Sputnik
دعت نولاند الصينيين إلى "استخدام نفوذهم مع موسكو لإقناعها بالدبلوماسية" وإلا سيعاني الاقتصاد العالمي وقطاع الطاقة بشكل كبير بسبب التصعيد و"سيكون من الأصعب علينا جميعًا العودة إلى ما يجب أن نفعله".
كان الطلب الأمريكي لبكين في التأثير على موسكو، (أي أن واشنطن تتعامل مع التحالف الروسي الصيني، دون أن تفهم جوهره)، ويخشى أنه في حالة حدوث شيء ما، فلن يكون من الممكن العودة إلى "ما ينبغي فعله".
ما الذي تفعله واشنطن بالضبط؟ نعم، برأيها.. بكين، مثل موسكو، لديها فكرة محددة للغاية حول هذا، وهي احتواء روسيا والصين، والضغط عليهما - معًا وبشكل منفصل.
الصين لن تترك روسيا
بعد كلمة نولاند، جرت محادثة هاتفية لوزير الخارجية الأمريكي بلينكين مع نظيره الصيني وانغ يي، ومن الواضح أن الدبلوماسي الأمريكي تحدث عن ما قلته بالضبط، ولكن كيف كان الرد الصيني؟
قال وانغ يي: لحل القضية الأوكرانية، من الضروري العودة إلى تنفيذ اتفاقيات مينسك، ولا يمكن أن يكون أمن دولة ما على حساب أمن الدول الأخرى. مضيفا أنه "لا يمكن ضمان الأمن الإقليمي من خلال تعزيز أو حتى توسيع الكتل العسكرية".
وأوضح وانغ يي "اليوم، في القرن الحادي والعشرين، يجب على جميع الأطراف التخلي تمامًا عن عقلية الحرب الباردة وإنشاء آلية أمنية أوروبية متوازنة وفعالة ومستدامة من خلال المفاوضا، ويجب أخذ مخاوف روسيا الأمنية المشروعة على محمل الجد".
أي أن بكين دعمت مرة أخرى الاقتراحات الروسية حول الضمانات الأمنية، ومع ذلك، فإن واشنطن، مع علمها بكل هذا، لا تزال تدعو الصين إلى "التأثير على روسيا"، بالطبع، أمر رائع للغاية.. ويبدو أن الأمريكيين أنفسهم آمنوا بالفعل بواقع "الغزو الروسي". ولكن حتى لو كان هذا هو ما يدفعهم، فكيف يمكنهم التأثير على الصين؟ ماذا يمكن أن يقدموا له؟
حقيقة الأمر هي أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين لم ترفعها واشنطن إلى مستوى الأزمة فحسب، بل إن إدارة بايدن لا تُظهر أي بوادر أي مؤشر على تقليص المواجهة.. حيث يتم الضغط على الصين من عدة أمور، منها، لعب "الورقة الأوكرانية" الخاصة بها تحت اسم "التهديد بغزو صيني لتايوان" على نفس النطاق وبلا خجل.
بشكل عام، ربما ترغب بكين وموسكو في تنسيق أفعالهما، ولكن، ماذا يجب أن تفعل الولايات المتحدة بعد ذلك؟.. بالطبع، سيتم إعلان أن الروس والصينيين يمثلون تهديدًا للعالم.. فهذه هي الاستراتيجية الأمريكية.
بكين وموسكو بالطبع أذكى من أن تجعلان وحداتهما ضمن نفوذ خصومهما، ولن تسمحان لواشنطن من تحقيق مآربها ولعب الورقة الأوكرانية والتايوانية.
سياسة أمريكية بالية
كيف ستمارس واشنطن ضغوطها لإجبار بكين بالعودة كما هي تريد للملف الأوكراني؟ تطويق الصين؟ إقامة تحالفات عسكرية مناهضة للصين؟ المقاطعة الدبلوماسية للأولمبياد؟ إجبار أوروبا على الحد من التعاون التجاري والاستثماري مع الصين؟
حسنا، كان الجواب من وانغ يي نفسه لبلينكين واضحا، هو أن الصينيين معتادون بالفعل على هذا الضغط الذي لن يزيده إلا تعاضدا.
وردا على ذلك، أكد بلينكين أن "الولايات المتحدة والصين لديهما مصالح واختلافات متداخلة، والولايات المتحدة مستعدة لحل الخلافات بطريقة مسؤولة". مضيفا أن "الولايات المتحدة ستدعم مشاركة الرياضيين الأمريكيين في أولمبياد بكين الشتوية وتتمنى للشعب الصيني سنة جديدة سعيدة.
وبكين بالطبع لا تتوقع تغييرا في السياسة الأمريكية، مثلما لم تعول روسيا على اتفاق الأطلسي على الضمانات الأمنية ورفض توسيع الناتو شرقا.. وكل ما تريده واشنطن يذهب أدراج الرياح يوما بعد يوم.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط)
مناقشة