ما حقيقة فرار قوات أنصار الله من جبهات مأرب وتأثيره على معنوياتهم القتالية؟

بعد الإعلان عن المكاسب التي حققتها ألوية العمالقة في محافظة شبوة ومأرب خلال الأسابيع الماضية ضد قوات أنصار الله، وانتشار مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، قيل أنها انسحابات لقوات صنعاء من الجبهات تثور العديد من الأسئلة.
Sputnik
منها: هل تتقدم القوات الجنوبية نحو جبهات أخرى في الشمال استغلالا لما يشاع عن تدهور الروح القتالية لأنصار الله؟ وما حقيقة انسحابهم من جبهات القتال؟
اليمن... ألوية العمالقة تعلن إعادة تموضعها في محافظة شبوة
بداية يرى الباحث السياسي اليمني، علي الأسلمي، أن العمليات العسكرية الأخيرة التي قادتها القوات الجنوبية ضد الحوثيين "أنصار الله"، أحدثت انهزاما داخليا لدى المقاتل الحوثي، خصوصا أنه دفع بكل عدته وعتاده إلى هذه الجبهة، لأنها تعني الكثير بالنسبة له.
تغييرات على الأرض
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن العمليات الأخيرة التي نفذتها القوات الجنوبية، حررت محافظة شبوة، علاوة على فك الحصار الذي أطبق على محافظة مأرب من عدة جهات، لذا فإن العمليات الأخيرة أحدثت تغييرات على الأرض وبين جنود ومقاتلي الحوثي.
وحول ما قيل أنه انسحاب لقوات العمالقة من بعض الجبهات أوضح الأسلمي، أن ما تم بالنسبة لقوات العمالقة هو إعادة تموضع لعدد من الألوية عادت إلى محافظة عدن، حيث إن هناك 4 ألوية مقاتلة من التي خاضت معركة شبوة تم نشرها بشكل دائم في المديريات المحررة "عسيلان-بيحان- حريب"، والألوية التي عادت إلى عدن لم تكن ألوية مقاتلة، بل كانت ألوية دعم لوجستي وكانت تؤمن خطوط الإمداد، نظرا لانتشار مليشيات الإصلاح في بعض مديريات شبوة، وكان هناك هاجس خوف لدى القوات بضرورة تأمين ظهر المقاتل الجنوبي، لذا تم نشر القوة التي عادت إلى عدن من منطقة شقرة أبين حتى حدود مديرية بيحان في شبوة، فكان لا بد من تأمين تلك المسافة التي تصل إلى 53 كلم تقريبا حتى نؤمن ظهور المقاتلين في الصفوف الأمامية، وبعد انتهاء المعركة تم إعادة تموضع تلك القوات.
القوات الجنوبية
وحول استمرار القوات الجنوبية في التقدم باتجاه المحافظات الشمالية الأخرى يقول الأسلمي: "بكل صراحة هناك مشكلة تتعلق بما يسمى المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، هذه المنطقة لم تشارك في المعارك منذ انطلاق عاصفة الحزم رغم أنها تملك قوة كبيرة تابعة لنائب الرئيس علي محسن الأحمر شخصيا، لذا وصلت ألوية العمالقة إلى حد ما بعد أن قامت بفك الحصار عن محافظة مأرب، آخر معاقل الشرعية، وهناك حديث يدور حول مطالبة الجنوبيين بإشراك قوات المنطقة الأولى "7 ألوية عسكرية"، لماذا يتم الاحتفاظ بها في حضرموت التي تعد من منابع النفط والغاز ومملوكة لـ علي محسن الأحمر، بينما المقاتل الجنوبي يضحي في الشمال، هذه النقطة لا بد أنها ستؤثر على نفسية المقاتل الجنوبي وهو يرى أنه يضحي وتلك القوات موجودة لا تقوم بأي دور".
"قوات العمالقة"... كيف حققت الانتصارات التي عجزت عنها الشرعية في شبوة؟
تداعيات كبرى
بدوره يقول الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني، العميد ثابت حسين، في تقديري أن هزيمة الحوثيين في شبوة ومديرية حريب هي هزيمة كبيرة وستكون لها تداعيات هامة على كل الأطراف.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، الجنوبيون كسبوا هذه الحرب، وأثبتوا أن الحوثيين يمكن هزيمتهم إذا توفرت الإرادة السياسية والعقيدة القتالية، حيث وضعت تلك النجاحات القوات الموالية للشرعية في موقف محرج ومخجل، أما الحوثيون فهم الخاسر الأكبر على الأرض وعلى الصعيد السياسي والمعنوي، حيث ستؤثر هزيمتهم في الجنوب على قواتهم في الشمال، إذا ما وجدت قوات مقاتلة ومقاومة لهم بجدية ومصداقية.
وأشار حسين إلى أن، تراجع الحوثيين وارد ومؤكد إذا ما أضفنا إلى ما أشرنا إليه من الخسائر الكبيرة في القيادات والتقنيات التي ألحقتها بهم ضربات طيران التحالف، لكن كل هذا مرهون بجدية ومصداقية المقاومة في الشمال.
وأكد الخبير الاستراتيجي أن هناك أولوية الآن أكثر إلحاحا بالنسبة للقوات الجنوبية تتمثل في ترتيب الأوضاع الداخلية واستكمال العمليات قبل أي تقدم باتجاه الشمال.
ضربات موجعة
وتعليقا على ما سبق، أكد الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني "صنعاء"، عزيز راشد، أنه لا صحة لمقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل الإجتماعي، وأن تلك المقاطع تم تصويرها في العام 2015 أثناء تعرض منطقة سكنية بشمال اليمن للقصف.
وأضاف راشد في اتصال مع "سبوتنيك"، أن تلك الفبركات الإعلامية التي يروجها العدوان نتيجة انعكاس الهجمات في المناطق التي حاول أن يتقدم فيها، واليوم يتلقى ضربات موجعة من جانب الجيش واللجان الشعبية والقوة الصاروخية، واليوم تعلن ألوية العمالقة عدم تقدمها وانسحابها، وكل ما في الأمر هم يريدون التغطية على بعض الأمور نتيجة الضربات الاستراتيجية التي ضربتهم في العمق، وما زالت الضربات الصاروخية تتوالى.
وكانت ألوية العمالقة، وهي أبرز تشكيلات القوات اليمنية المشتركة في جنوب البلاد، قد اعلنت الجمعة الماضية، إعادة تموضع قواتها في محافظة شبوة الغنية بالنفط، جنوب شرقي اليمن.
قوات العمالقة في اليمن تعلن اكتشاف "جريمة حوثية غير مسبوقة" في مأرب... فيديو
وذكر المركز الإعلامي لها أن "ألوية العمالقة الجنوبية تعيد تموضعها في شبوة بعد استكمال عملية "إعصار الجنوب"، مضيفا أنها "بدأت نقل ألويتها إلى عرينها بجاهزية عالية".
في السياق، أفاد مصدر في السلطة المحلية بمحافظة شبوة، لوكالة "سبوتنيك"، بأن قوات ضخمة من ألوية العمالقة وصلت إلى مدينة عتق، مركز محافظة شبوة، قادمة من مديريات بَيحان وعَين وعِسيلان؛ بعد استعادة تلك المديريات من قبضة جماعة "أنصار الله" (الحوثيين).
وقال إنه "من المقرر توجه التعزيزات العسكرية إلى العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي اليمن".
يأتي ذلك بعد أيام من إعلان ألوية العمالقة السيطرة على مدينة حَريب جنوب محافظة مأرب (شمال شرقي اليمن)، المجاورة لمحافظة شبوة.
وفي العاشر من الشهر الجاري، أعلنت ألوية العمالقة السيطرة على مديريات عِسيلان وبَيحان وعَين شمال غربي وغرب شبوة، بعد عملية عسكرية أطلقتها ضد مقاتلي جماعة الحوثيين، أسمتها "إعصار الجنوب".
وفي منتصف آب/ أغسطس 2015، استعاد الجيش اليمني، بإسناد من التحالف العربي، مدينة عتق مركز محافظة شبوة من قبضة "أنصار الله"، بعد تمكن الجماعة من السيطرة عليها، مطلع العام ذاته.
وتقود السعودية، منذ 26 مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في اليمن، سيطرت عليها جماعة الحوثيين، أواخر 2014.
في المقابل، تنفذ جماعة "أنصار الله"، هجمات بطائرات مُسيرة، وصواريخ بالستية، وقوارب مفخخة، تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وأراضي المملكة.
وتسبب النزاع الدموي في اليمن بمقتل وإصابة مئات الآلاف؛ فضلا عن نزوح السكان، وانتشار الأوبئة والأمراض.
مناقشة