فصل روسيا عن شبكة "سويفت"... ما تأثير هذه الخطوة ولماذا لا يجرؤ الغرب عليها؟

تلعب شبكة المدفوعات الدولية "سويفت" دورا حيويا في النظام المالي العالمي رغم محدوديته، ما جعلها حديثا أساسيا في التهديدات الغربية المتكررة لروسيا والتي تهدف إلى تقويض أمنها من بين أشياء أخرى.
Sputnik
الجمعية البلجيكية غير الهادفة للربح المشغلة لهذه الشبكة، توفر خدمات مراسلة آمنة لمدفوعات قيمتها تريليونات الدولارات بين البنوك في كل أنحاء العالم، ما جعلها دائما حاضرة على طاولة المباحثات خلال الأزمات الدولية.
يناقش الحلفاء الغربيون الآن ما إذا كان يجب الضغط على "سويفت" والتي تعرف بـ"جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك" لقطع وصول البنوك الروسية إلى شبكاتها إذا نشبت حربا بين روسيا وأوكرانيا.
وزير المالية الألماني يتجنب الرد على سؤال حول انفصال روسيا عن نظام سويفت
ومع ذلك، يبدو أن الغرب لن يكون قادرا على فعل ذلك، وقد يكون أول من يتحمل عواقب هذه الخطوة، ويجادل العديد من المسؤولين والخبراء بأنها لن تكون الطريقة الأكثر فعالية للضغط على موسكو، بحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز".

ما أهمية شبكة سويفت؟

تدير "سويفت" نظام رسائل للبنوك في جميع أنحاء العالم، وتنقل طلبات الدفع وتحتفظ بسجل لها على خوادم في أوروبا والولايات المتحدة، وتعالج نحو 42 مليون معاملة دفع كهذه يوميا لأكثر من 2000 بنك ومؤسسة مالية.
رغم وجود خدمات مدفوعات أخرى عابرة للحدود، تلعب "سويفت" دورا كبيرا، وكان فصل بعض البنوك الإيرانية عنها في عام 2012 أحد العوامل وراء الانخفاض الحاد في صادرات النفط الإيرانية، التي تراجعت بأكثر من 3 ملايين برميل يوميا إلى نحو مليون برميل يوميا بعد بضع سنوات.
ودعا السياسيون الأمريكيون إلى عزل روسيا عن "سويفت" بعد إعادة توحيد شبه جزيرة القرم في عام 2014، وهي فكرة لم تطبق أبدا.
الأهم من ذلك، أن روسيا التي استحوذت على 1.5% من إجمالي المعاملات على شبكة "سويفت" في عام 2020، طورت بنفسها نظام مراسلة بديل يسمى "إس بي إف إس" والذي يعالج نحو خُمس المدفوعات المحلية، لكن هذا لا يزال أقل قدرة وأكثر محدودية.
البنك المركزي الروسي: لا مخاطر على نظامنا المالي في الوقت الحالي

ما احتمالية فصل روسيا عن الشبكة؟

كانت "سويفت" جزءا من النقاش بين الحلفاء الغربيين بشأن العقوبات المحتملة على روسيا بسبب ما يدّعون أنها "استعدادات لغزو أوكرانيا"، وهي ادعاءات تنفيها موسكو بشكل قطعي في الوقت الذي تطالب فيه الغرب بضمانات أمنية في ظل توسع الناتو والتحركات العسكرية على حدودها الغربية.
اتفق الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة على استخدام العقوبات المالية ضد روسيا، وأكد المسؤولون الأوروبيون أن "كل شيء مطروح على الطاولة"، لكن استبعاد موسكو من "سويفت" لا يُنظر إليه على أنه العقوبة الأكثر ترجيحا في الحزمة الأساسية.
قالت "سويفت" إنها "محايدة" وأن "أي قرار بفرض عقوبات على البلدان أو الكيانات الفردية يقع فقط على عاتق الهيئات الحكومية المختصة والمشرعين المطبقين".
وقال جوتفريد ليبرانت، الرئيس التنفيذي السابق للجمعية، العام الماضي، إنه رغم أن النظام كان مستقلا من الناحية الفنية، إلا أن أكثر من 40% من تدفقات مدفوعاته كانت بالدولار الأمريكي، وبالتالي كان لدى واشنطن سلطة عقوبات فعالة عليه.
الخارجية الروسية: من المهم أن تحمي روسيا نفسها في حال انقطاع نظام "سويفت"
وصف تقرير لوكالة "بلومبيرغ" الحرمان من استخدام شبكة "سويفت" بالخيار النووي والأكثر إثارة للانقسام بين المسؤولين الغربيين، ونقل عن أحد المصادر، قوله إن الأمر يطرح فقط من حين لآخر في المحادثات بين الإدارة الأمريكية والبنوك، عندما يتساءل المقرضون عما إذا كان مثل هذا الإجراء محتملا.
وقالت تقرير بحثي لـ"بلومبيرغ إنتليجنس": "يجب أن تكون الآثار المترتبة على التجارة العالمية والأسواق المالية من الاعتبارات الرئيسية لصانعي السياسات، حيث أن روسيا واحدة من أكبر مصدري النفط والغاز، وتعتمد على النظام (سويفت) لتسوية المعاملات المقومة بالدولار".
ونقلت الوكالة عن أحد الأشخاص المطلعين أن إدارة بايدن قلقة بشأن الآثار غير المباشرة المحتملة المشابهة لما حدث في عام 2018، عندما عطلت العقوبات المفروضة على روسيا سلسلة التوريد العالمية للألمنيوم وأدت إلى ارتفاع أسعار المعدن بنسبة 30%.

كيف ستدفع أوروبا مقابل الغاز الروسي؟

سيكون الدفع دون شبكة "سويفت" أكثر صعوبة على أوروبا، ويهدد بوقف تدفق الغاز - الذي تعتمد عليه أوروبا في 40% من الإمدادات – وكذلك قد يتعطل تدفق النفط بسرعة.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه أوروبا أسعارا قياسية للغاز ونقصا في الإمدادات، ومع ارتفاع أسعار النفط عن 90 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ عام 2014.
أمريكا تتصدر قائمة مصدري الغاز الطبيعي المسال عالميا بفضل أزمة الطاقة الأوروبية
قال مصرفي أوروبي كبير إن البديل المحتمل سيكون أن تدفع أوروبا ثمن الغاز الروسي من خلال وضع اليورو في حساب ضمان في بنك أوروبي نيابة عن الموردين الروس، يمكن الوصول إليه بمجرد رفع العقوبات، وهو نهج غير مرجح نظرا للمبالغ المتضمنة والمخاطر التي يتعرض لها الموردون.
من جانبه قال دانييل تانيباوم، المسؤول السابق في المكتب الأمريكي لمراقبة الأصول الأجنبية، الذي يشرف على العقوبات، إن الخوف من تعطيل صادرات الغاز، على وجه الخصوص، من المحتمل أن يجبر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على المضي قدماً بحذر.
حذر تقرير آخر لـ"بلومبيرغ" من أن فصل روسيا عن نظام "سويفت"، يشكل "خطرا كبيرا" بسبب الاضطرابات المحتملة التي سيتسبب بها في الأسواق العالمية للطاقة والصادرات الروسية الأخرى.

روسيا مستعدة

في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" العام الماضي، كشفت مديرة قطاع الدراسات التحليلية للاقتصاد الكلي والأسواق المالية في مركز الدراسات الاستراتيجية الروسي، ناتاليا سافينا، عن البدائل المتاحة لمواجهة سيناريو فصل روسيا عن "سويفت" رغم عدم احتماليته.
وقالت سافينا: "مع تطور العملات الرقمية للبنوك المركزية في مختلف البلدان، قد تتقلص الحاجة إلى سويفت بشكل كبير، وستتيح البنية التحتية للعملات الرقمية للبنوك المركزية في مختلف البلدان، الحصول على العملات على مدار الساعة، وبتكلفة تحويلات، خاصة التحويلات عبر الحدود، أقل بقدر كبير".
الخارجية الروسية: نسعى لتقليص استخدام الدولار دوليا ولا تهديدات حقيقية لفصلنا عن نظام "سويفت"
من جانبه أكد وزير الخارجية، سيرغي لافروف، أن روسيا تملك بديلا مشابها لنظام "سويفت". فيما أكدت النائبة الأولى لرئيس البنك المركزي أولغا سكوروبوغاتوفا أنه حتى في حال وقوع شيء غير متوقع يمكن "الانتقال للعمل على النظام الداخلي بأمان".
رغم الاحتمالية الضعيفة لهذه الخطوة، لكن موسكو أكدت استعدادها مرارا، وقال لافروف في مؤتمر صحفي: "نحن لا نستبعد أي شيء. أنا متأكد من أن حكومتنا ومصرفنا المركزي والسلطات المالية ذات الصلة تعد الحلول الممكنة إذا جرت محاولة لتقويض قدرتنا على ضمان التبادل الحر في إطار النظام التجاري متعدد الأطراف، ضمن إطار منظمة التجارة العالمية".
فيما أعلن مدير قسم التعاون الاقتصادي في وزارة الخارجية الروسية، دميتري بيريتشيفسكي، أواخر العام الماضي، أنه لا توجد تهديدات حقيقية لفصل روسيا عن النظام المصرفي الدولي "سويفت"، وأن روسيا تعمل مع شركائها لخفض حصة الدولار في المعاملات الدولية.
مناقشة